واستهدفت طائرة بلا طيار موقعاً تابعاً للتنظيم أمس الجمعة قرب مدينة الرقة. كذلك شنّ الطيران الروسي مساء الخميس غارة على محافظة الرقة أدت إلى مقتل ما لا يقل عن 12 جهادياً، بحسب مصادر سورية. وأعلنت وزارة الدفاع الروسية شنّ غارات مساء الخميس على الرقة في سياق عمليات قصف استهدفت أيضاً محافظات حلب وإدلب وحماه. وأفادت الوزارة في بيان بأن قاذفات من طراز "سوخوي-34" استهدفت بصورة خاصة "مركزاً للقيادة مموهاً في كسرة فرج" جنوب غرب الرقة. كذلك قصفت الطائرات الروسية "معسكر تدريب" للتنظيم قرب قرية معدان جديد على بعد 70 كيلومتراً شرقاً.
وقالت وزارة الدفاع الروسية إنها استهدفت مراكز لـ"داعش" في دارة عزة في محافظة حلب، وفي معرة النعمان في محافظة إدلب، لكن "المرصد" أوضح ألا وجود للتنظيم في هاتين المنطقتين. كما استهدف الطيران الروسي أيضاً بلدة هبيط في محافظة إدلب. وفي هذه المنطقة قالت مصادر إعلامية مثل "المرصد السوري لحقوق الإنسان" إن سبعة مدنيين بينهم طفلان قُتلوا في الغارات الروسية. وأغارت طائرات روسية على "مركز للقيادة لتنظيم الدولة الإسلامية" في كفر زيتا في محافظة حماه، بحسب الوزارة، لكن المرصد أوضح ألا وجود للتنظيم أيضاً في هذه البلدة.
في المقابل، ظهر أن الاستهداف الروسي هو لفصائل المعارضة، إذ قصف الطيران الروسي أحد مقرات لواء "صقور الجبل" التابع للجيش السوري الحر في جبل بلدة حاس في ريف إدلب، ومقراً لـ"جيش الفتح"، قرب قرية الحامدية جنوب مدينة معرة النعمان في ريف إدلب الشرقي.
ولم تسمح حواجز قوات المعارضة في منطقة ريف إدلب الشرقي والجنوبي لفرق الإسعاف والدفاع المدني بالتوجّه إلى مكان الغارات الروسية قرب قرية الحامدية بحجة عدم وجود إصابات وعدم الحاجة إلى اسعاف أحد هناك وذلك بحسب مصادر محلية لـ"العربي الجديد"، أوضحت أن غارتين عنيفتين استهدفتا مناطق يتواجد بها مسلحو فصائل المعارضة المنضوية في "جيش الفتح" أدتا إلى تصاعد أعمدة دخان وأتربة عالية في المكان.
ويشير استهداف الطيران الروسي مقرات "جيش الفتح" في المنطقة الواقعة إلى الجنوب من معرة النعمان بعد يوم واحد من استهداف مقرات حركة "أحرار الشام" في جبل بلدة حاس قرب مدينة كفرنبل بريف إدلب الجنوبي، إلى عزم سلاح الجو الروسي توجيه ضربات جوية ضد قوات المعارضة التي تنتشر بكثافة عالية في مناطق ريف إدلب الجنوبي غير المشمولة بالهدنة التي تم التوصل إليها منذ أيام بين قوات المعارضة في إدلب والمفاوضين الإيرانيين حول هدنة طويلة الأمد في الفوعة وكفريا والزبداني.
ويوضح مصدر من لواء "صقور الجبل" التابع للجيش الحر، لـ"العربي الجديد"، أن الغارات الروسية على مقرات اللواء ومعسكراته التدريبية في جبل بلدة حاس أدت إلى دمار كبير في المباني التي يتحصن بها مقاتلو اللواء وحرائق في السيارات المركونة في المقرات، لكن التحصينات العسكرية التي بناها المقاتلون في وقت سابق في الجبل تمكنت من حمايتهم من الانفجارات التي نتجت عن الغارات.
وأصدر لواء "صقور الجبل" بياناً استنكر فيه قصف الطيران الروسي لمقراته، وأعلن فيه أن هذا القصف يدحض الادعاءات الروسية بمحاربة تنظيم "داعش" نظراً لاستهداف القصف مقرات قوات المعارضة التي تحارب التنظيم، وأيضاً مناطق سكنية تسيطر عليها قوات المعارضة ولا وجود عسكرياً لـ"داعش" فيها.
ويمتلك لواء "صقور الجبل" الذي استهدفت الغارات الروسية معسكراته، صواريخ "تاو" مضادة للدروع حصل عليها من الولايات المتحدة الأميركية. كما خضع مقاتلوه في وقت سابق لتدريبات في تركيا ودول خليجية ضمن برامج وزارة الدفاع الأميركية لتدريب قوات المعارضة السورية، ويزيد ذلك من حساسية قصف الروس لمقرات اللواء ومعسكراته، إذ يُحسب اللواء على قوات المعارضة الموصوفة بـ"المعتدلة"، والتي تعوّل عليها بشكل كبير الولايات المتحدة لمحاربة "داعش".
كذلك شنّت الطائرات الروسية أمس غارات على مناطق سيطرة المعارضة في الطراف والحامدية قرب مدينة معرة النعمان ومدينة خان شيخون بريف إدلب الجنوبي ومنطقة شنان في جبل الزاوية بريف إدلب، بالإضافة إلى غارة على منطقة سهل الغاب.
اقرأ أيضاً: روسيا تجدد قصفها لمناطق سورية وتخلف قتلى من المدنيين
وتبدو موسكو مصرّة على استكمال عمليتها وتكثيفها على الرغم من الاعتراضات الغربية، إذ أعلن رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الروسي (الدوما) أليكسي بوشكوف أمس الجمعة، أن موسكو تتوقّع استمرار حملتها الجوية في سورية ثلاثة أو أربعة أشهر.
وقال بوشكوف لإذاعة "أوروبا 1" الفرنسية: "هناك دائماً خطر السقوط في مستنقع يصعب الخروج منه، لكننا في موسكو نتحدث عن عملية تستغرق ثلاثة أو أربعة أشهر"، مضيفاً أنه سيتم تكثيف الضربات. وأعلن أن الضربات استهدفت في الأغلب "داعش"، لكنه أضاف أن "معارضي بشار الأسد قريبون للغاية من التنظيم". واعتبر أن التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة "يتظاهر" بقصف "الدولة الإسلامية" منذ عام.
يأتي هذا في وقت كانت باريس تشهد لقاء جمع الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، حاول خلاله الرئيسان "تقريب مواقفهما حول تسوية الأزمة في سورية والانتقال السياسي"، وفق ما أفاد مصدر دبلوماسي فرنسي لوكالة "فرانس برس". وقال المصدر إن هولاند وبوتين "أجريا تبادلاً عميقاً في وجهات النظر على أساس الشروط الثلاثة" التي وضعتها فرنسا لأي تدخل في سورية، وهي "ضرب داعش وأمن المدنيين وانتقال يستند إلى اتفاق جنيف".
في المقابل، لا تزال الانتقادات الغربية تُوجّه لموسكو، إذ اعتبر السفير الأميركي السابق في دمشق، روبرت فورد، أن التدخل الروسي في سورية، جاء بعد المخاوف الكبيرة من انهيار نظام الأسد. وأضاف، في حديث إلى قناة "الجزيرة" التركية، أن "التدخل الروسي لصالح النظام جاء بعد التقدّم الذي حققته المعارضة في كل من إدلب ودرعا والقنيطرة، وسيطرة جيش الشام على جزء من أوتوستراد حمص دمشق". وأبدى فورد اعتقاده أن "الحرب الروسية لصالح النظام ليست إلا حرب استنزاف، وأن حكومة الأسد لن تستطيع كسب حرب الاستنزاف، ولكن هذا سيجعل عمر الحرب أطول ليس إلا". ودعا إلى دعم المعارضة التي وصفها بـ"المعتدلة" بهدف التوصل إلى المفاوضات، معتبراً أنه "ليس هناك حل آخر، وإلا سنرى سورية وهي تقسّم".
من جهته، اتهم رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو، روسيا بشن غارات جوية استهدفت قوات المعارضة السورية "المعتدلة"، وذلك لمصلحة النظام السوري. وقال داود أوغلو للصحافيين أثناء عودته من اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، "إن جميع الضربات كانت ضد مواقع الجيش السوري الحر، وهذا دعم واضح للنظام السوري الذي أوشك على السقوط". وحول إمكانية التصادم بين روسيا وتركيا، أكد داود أوغلو بأن "القنوات الدبلوماسية بين البلدين ما زالت مفتوحة، ولا أظن بأن روسيا قد تقدم على شيء يسبب لنا عدم الارتياح". وأعلن أن الدعم الدولي لإقامة المنطقة الآمنة يتزايد، والموضوع تمت مناقشته بشكل موسع خلال اللقاءات التي عقدت في نيويورك.
اقرأ أيضاً: دول عربية وغربية تطالب روسيا بالتوقف عن قصف السوريين