دعت شبكة من الجمعيات التونسية، اليوم الجمعة، الرئيس التونسي قيس سعيّد، إلى إجراء حوار تشاركي حقيقي يؤسس للمواطنة ويضمن استدامة الديمقراطية، دون إقصاء لأي من الأطراف.
وعقدت 60 جمعية اليوم ندوة صحافية بمقر النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين قدمت خلالها موقفا مُوحّدا بخصوص الحوار الوطني وشُروطه، وتصوّرًا حول المرحلة القادمة من المسار الذي انطلق في 25 يوليو/ تموز 2021.
وقالت منسقة "مرصد الحق في الاختلاف" سلوى غريسة، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن أهم المطالب هو إشراك جمعيات المجتمع المدني في الحوار الوطني الذي تحدث عنه رئيس الجمهورية، وخصوصا في مسألة الحقوق والحريات ومسألة النظام السياسي والقانون الانتخابي.
وأضافت غريسة "أن الاستشارة الإلكترونية لا يمكن أن تكون هي المحدد الوحيد والمنطلق، لأن أسئلة الاستشارة موجهة، إضافة إلى ضعف عدد المشاركين (500 ألف ساهموا من جملة 8 ملايين ناخب)، وهو ما لا يمكن اعتباره محددا وحيدا لانطلاق الحوار الوطني".
واستغربت منسقة المرصد "استباق الرئيس نتائج الحوار الوطني والقانون الانتخابي بإعلانه نظاما يقوم على الاقتراع على الأفراد"، مشيرة إلى أن في هذا النظام خطرا كبيرا على العديد من المستويات وخصوصا مشاركة النساء والشباب والأشخاص ذوي الإعاقة والمختلفين، وفقًا لقولها.
وقالت: "كيف سنتفادى الفساد المالي وصعود أصحاب الأموال وعودة العروشية، وكيف ستكون آلية تقسيم الدوائر الانتخابية التي سيتم عبرها الانتخاب على الأفراد". وشددت على ضرورة إجراء حوار لمناقشة هذه التساؤلات وغيرها من أجل ضمان انتخابات شفافة ونزيهة ودامجة.
وأكدت منسقة المرصد رفضها إقصاء أي طرف سياسي أو حزبي "مهما بلغت الاختلافات؛ لأن الحوار يهدف إلى إيجاد حل وسط حتى يشارك الجميع ويوافق على المسار الانتخابي". وحذرت المتحدثة من "حدوث شرخ مجتمعي بسبب انقسام التونسيين، متسائلة عن "معايير ومقاييس وآلية اختيار الحوار مع جمعية دون أخرى"، قائلة إذا "كان سيعتمد على الجمعيات التي تسانده فقط فيا خيبة المسعى!".
وقدمت خلال الندوة نتائج الاستشارات الداخلية لشبكة الجمعيات وموقفها من الاستشارة الإلكترونية الرسمية، وموقعها من الحوار في تحديد الخيارات الكبرى السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
من جانبه، أكد عماد الزواري المسؤول في "مرصد الدفاع عن الحق في الاختلاف" خلال الندوة، إصدار الجمعيات بيانا يعبر عن موقف مشترك "يأتي انطلاقا من إيمان الموقعين بدور المجتمع المدني في بناء الوعي المجتمعي ومن أجل تركيز دولة القانون والمؤسسات ومكافحة الإفلات من العقاب وتفكيك منظومة الفساد بالآليات القانونية".
وأضاف الزواري أن الجمعيات والمنظمات الموقعة تطالب بحقها في المشاركة في الحوار الوطني إلى جانب مختلف القوى المدنية والسياسية، مؤكدا "ضرورة وضع آليات شفافة وواضحة لأطر الحوار الوطني ومساراته، بما يضمن المشاركة الفعالة والتمثيلية الواسعة والمتنوعة".
وكانت شبكة الجمعيات (60 جمعية) قد أشارت في بيان مشترك، إلى أنّه "لا يمكن التأسيس لمسار ديمقراطي جديد دون حوار عمومي حقيقي تشارك فيه فعليا القوى السياسية والاجتماعية والمدنية".
وبينت شبكة الجمعيات أنّها "سجّلت تهديدات حقيقية للحقوق والحريات وارتدادا بالمسار نحو الديمقراطية"، مؤكدة على ضرورة أنّ يتأسس الحوار على مبدأ التشاركية بين الجهات الرسمية ومُختلف القوى المدنية والاجتماعية والسياسية.
واعتبرت في بيانها، أنّ "دستور جانفي 2014 كان بالفعل ضمانة وركيزة جيّدة لبناء مؤسسات ديمقراطية وحماية الحقوق والحريات الأساسية، لكنّ المَسار تعطّل بسبب التجاذبات السياسية".
وأضافت في البيان المشترك، أنّ إقصاء منظّمات المجتمع المدني "يجعل الحوار منقوصا وغير مُمثل"، مشددة على "ضرورة ألا تكون الاستشارة الإلكترونية الرسمية مرجعا وحيدا للحوار مع الأخذ بتوجهاتها العامة كواحد من المقترحات للنقاش العمومي".
وتضم قائمة الجمعيات الموقعة، المكونة لـ"مرصد الدفاع عن الحق في الاختلاف"، عدة جمعيات من بينها جمعية "تفعيل الحق في الاختلاف"، وجمعية "الوحدة في التنوع"، وجمعية "متطوعون بوعرادة"، وجمعية "مبدعون من أجل السلام"، وجمعية "تقاطع من أجل الحقوق والحريات"، وجمعية "دمج للعدالة والمساواة"، و"الجمعية التونسية لمساندة الأقليات" و"مبادرة موجودين للمساواة".