هل تنجح الجبهة الوطنية في تجميع المعارضة والدفع إلى الحوار؟

14 ابريل 2022
صراع بين سعيّد ومعارضيه (أنيس ميلي/فرانس برس)
+ الخط -

شكّلت الدعوة إلى تشكيل الجبهة الوطنية للإنقاذ، خلال احتجاجات الأحد الماضي في تونس، حيزاً مهماً في الصراع الدائر بين الرئيس التونسي قيس سعيّد ومعارضيه، لجهة دعوتها إلى حوار وطني جامع للخروج من الأزمة السياسية في البلاد.

وتقدّم رئيس الهيئة السياسية لحزب "أمل"، أحمد نجيب الشابي، بدعوة صريحة لتشكيل هذه الجبهة، مشيراً إلى أن "الجبهة الوطنية ستعمل على بناء قوة لعقد مؤتمر وطني سيكون الإطار الأول للخروج بتونس من الأزمة".

وفي حديث لـ"العربي الجديد" عن تفاصيل هذه الجبهة، أكد الشابي، اليوم الخميس، أنها "ستكون الإطار الوطني لمناقشة الإصلاحات السياسية"، داعياً إلى حوار وطني جامع "يكلف حكومة إنقاذ لقيادة البلاد نحو انتخابات مبكرة".

وأوضح أن "الأزمة السياسية اقترنت بأزمة اقتصادية واجتماعية غير مسبوقة"، مشيراً إلى أن "حل الأزمة لن يكون إلا بعودة الشرعية والحوار الوطني". 

وتعليقاً على هذه الدعوة، كشف منسق "مبادرة مواطنون ضد الانقلاب" جوهر بن مبارك، لـ"العربي الجديد"، أن "هناك مبادرات بصدد الصياغة والتشكل، والجبهة السياسية العريضة بصدد اتخاذ خطوات هامة".

وبدورها، قالت نائبة رئيس البرلمان سميرة الشواشي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "الجبهة الديمقراطية الوطنية التي تضم القوى الوطنية ستكون جبهة الخلاص"، مشيرة إلى أنها "ستبحث خريطة طريق للمرحلة المقبلة، والدعوة إلى انتخابات تشريعية ورئاسية مبكرة".

وقالت إنه "سيتم الخروج من حكومة اللاشرعية إلى حكومة إنقاذ وطني".

"مواطنون ضد الانقلاب" ترحب بدعوة الشابي

وأمس الأربعاء، أصدرت مبادرة "مواطنون ضد الانقلاب" بياناً، جددت فيه دعوة "كل الأطراف والشخصيات الوطنية الحريصة على العودة إلى حياة ديمقراطية في سقف الدستور، إلى تنسيق الجهود من أجل تجذير مقاومة الانقلاب ميدانياً وسياسياً بكل الطرق والوسائل المدنية والسلمية المتاحة، وإيجاد الوسائل والأدوات النضالية والسياسية الكفيلة بذلك".

وأعلنت المبادرة ترحيبها ودعمها لـ"المبادرة التي أطلقها الشابي، والمتضمنة دعوة لتوحيد جهود الكفاح الميداني وإعداد برنامج الإنقاذ والدفع إلى عقد حوار وطني دون إقصاء، بما يتقاطع مع ما تضمّنته أرضية المبادرة الديمقراطية الصادرة منذ منتصف شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2021".

قوة سياسية بديلة

وحول آفاق هذه المبادرة وقدرتها على تجميع المعارضة، قال عضو "مواطنون ضد الانقلاب" أحمد الغيلوفي، في تصريح لـ"العربي الجديد": "أتوقع أن يشارك وينخرط في المبادرة كل الذين رفضوا انقلاب 25 يوليو الماضي"، مرجحاً أن "المشكوك في مشاركتهم هم من قبلوا الانقلاب بداية ثم تراجعوا فيما بعد، مثل التيار الديمقراطي".

وأشار إلى أن "هذه المبادرة تتقاطع مع المبادرة الديمقراطية التي يطرحها مواطنون ضد الانقلاب، ونعتبرها نتيجة الزخم النضالي الذي قدمه مناهضو الانقلاب منذ 25 يوليو/تموز حتى الآن".

وأضاف: نعتبر أن "هذه المبادرة أرضية ممكنة للقاء كثير من الأحزاب والقوى الاجتماعية والشخصيات الوطنية، ونرجو أن ينضم إليها الجميع. وأيضاً الذين يتمسكون بالديمقراطية ويرجون العودة إلى المسار الدستوري والديمقراطي".

وقال الغيلوفي: "نحن نعمل على بناء قوة سياسية ديمقراطية حقيقية في البلاد تحدث التوازن، ونعتبر ذلك خياراً تاريخياً واستراتيجياً، بخلق قوة جديدة تتجاوز العصبيات التي خلفتها الأحزاب التي تصارعت وأوقعتنا في ما نحن فيه اليوم".

وعن ملامح المشروع المنشود، قال الغيلوفي إنّ "على الشعب العمل لتشكيل قوة سياسية بديلة تقوم على المشترك المواطني. قوامها السيادة الوطنية والعدالة الاجتماعية ونبذ الإقصاء، ولها بديل اقتصادي يجعل من المسار الديمقراطي تجربة راسخة في الأرض مقبولة لدى الجميع".

وشدد على أن هذه "القوة البديلة هي السبيل لخلاص تونس مما أوقعتنا فيه المدارس الأيديولوجية القديمة وصراعاتها حول السلطة".

"توانسة من أجل الدّيمقراطيّة" ترحب بالجبهة الوطنية

بدورها، رحبت مجموعة "توانسة من أجل الدّيمقراطيّة" (تضم عدداً من القيادات المستقيلة من حركة النهضة ومستقلين) بالدّعوة التي وجّهها أحمد نجيب الشّابي "لبناء جبهة للإنقاذ الوطني، تعمل على توحيد الكفاح الميداني وعلى إعداد برنامج الإنقاذ والدفع إلى عقد مؤتمر الحوار الوطني دون توانٍ ولا إقصاء".

وقالت: "من منطلق الوعي بخطورة الوضع وضرورة العودة السريعة للشّرعيّة الدّستوريّة، نشجّع كلّ الدّعوات لتقريب وجهات النّظر بين أنصار الديمقراطيّة".

وقال القيادي بالمبادرة وزير الصحة الأسبق عبد اللطيف المكي، لـ"العربي الجديد": إننا ندعم هذه الخطوة، ونعتقد أنها "يمكن أن تسهم في طرح حلول للوضع والنضال من أجلها، وتوحد رؤى المعارضة للانقلاب في هذه المرحلة، لأننا نعتقد أن نقطة ضعفها هو تشتتها وأنه ليست لها رؤية واضحة للخروج من الأزمة".

ورأى أن "هذه الجبهة يمكنها مع الوقت أن تحدث توازناً في المشهد، لأن أوراق سعيّد تتناقص يوماً بعد يوم، فيما تتوسع دائرة معارضيه".

النهضة ترحّب: خطوة إيجابية

ثمنت حركة النهضة التونسية "مبادرة المناضل الأستاذ نجيب الشابي الداعية إلى تشكيل جبهة سياسية واسعة وتدعم كل توجّه يوحّد جهود التصدي للانقلاب ويقدم بدائل وحلولاً لإخراج البلاد من أزماتها المتعددة".

وأصدر المكتب التنفيذي لحركة النهضة بياناً، الخميس، عبّر فيه عن "تمسّك الحركة بسيادة البلاد واحترامها الكامل لها في كل سياساتها وترفض المزايدة الشعبوية التي دأب عليها البعض بإسناد وسام "الوطنية" للبعض واتهام المعارضين بالخيانة والعمالة زوراً وبهتاناً، كما تؤكد أهمية سياسة الانفتاح والشراكة مع الدول الصديقة والشقيقة التي ما انفكت تقدم يد العون والنصيحة لدعم الاستقرار السياسي والانتعاش الاقتصادي".

وحيّا البيان "كل الذين لبوا النداء للمشاركة في تظاهرة يوم الأحد 10 أفريل إحياءً لعيد الشهداء ودفاعاً عن الديمقراطية والشرعية ورفضاً للانقلاب وقراراته التي فككت مؤسسات الدولة وعزلتها دولياً وفاقمت من أزمتها الاقتصادية والاجتماعية".

وحمّلت رئيس الدولة وحكومته "مسؤولية الفشل والعجز في إدارة البلاد وإثقال كاهل المواطنين بالضرائب وعدم القدرة على التحكم في الزيادات النشطة للأسعار والنقص الكبير في عدة مواد غذائية أساسية خاصة خلال شهر رمضان المعظم، وفقدان عدد من الأدوية، بالإضافة إلى تزايد مستوى العنف المادي والجريمة، وتدعو إلى الكف عن توظيف وزارة الداخلية لاستهداف الخصوم السياسيين للسلطة القائمة وتدعو إلى تفعيل دورها الأمني في مكافحة الجريمة والتصدي للعنف وتأمين حقوق المواطنين".

وقبيل البيان، رأى رياض الشعيبي، المستشار الخاص للغنوشي، في الدعوة إلى جبهة وطنية "خطوة إيجابية في اتجاه تجميع كل القوى السياسية حول هدف موحد، وهو عودة المسار الديمقراطي".

وقال لـ"العربي الجديد" إن حركة "النهضة ستدرس بشكل جدي هذا المقترح وتعلن موقفها بشأنه قريباً".

وفي الأثناء، لم تطرح بقية المكونات السياسية موقفها من هذه الخطوة، بينما دعت أخرى إلى تشكيل تجمعات أخرى، إذ دعا حزب العمال اليساري، أمس الأربعاء، القوى الديمقراطية والتقدمية للتصدي لـ"المشروع الشعبوي المدمّر الذي يعمل رئيس الجمهورية قيس سعيّد على فرضه، ورفض الانخراط فيه".

وحثّ الحزب في بيان له على "تنسيق الجهود والعمل المشترك في أفق خلق قطب وطني، شعبي، ديمقراطي، مستقل عن القوى الرجعية كافة".

ونبّه إلى "خطورة المسار الذي يعمل سعيّد على فرضه، سواء من جهة العودة إلى الحكم الفردي المطلق من بوابة النظام الرّئاسي، أو من جهة نظام الاقتراع على الأفراد".

وأكد أن "قرارات سعيّد ستعيد تكريس الاحتكام إلى سلطة الفرد وسطوته ونفوذه الاقتصادي والمالي، وإعادة إحياء علاقات الزبونية والولاء العائلي والقبلي الذي تغذّيه الظروف الاجتماعية والثقافية السائدة حاليّاً".

وقبل أسابيع، أعلن سعيّد أنه "سيجرى تنظيم استفتاء شعبي يوم 25 يوليو/تموز المقبل، بإشراك الجميع لإبداء رأيهم في طبيعة النظام السياسي، ثم لتبدأ لاحقاً لجنة بصياغة نتائج الاستفتاء في نص قانوني، وسيقول الشعب كلمته عند تنظيم الانتخابات يوم 17 ديسمبر/ كانون الأول المقبل".

وتأتي الدعوة إلى تشكيل جبهة معارضة بعد إعلان سعيّد، في 30 مارس/ آذار الماضي، حل البرلمان التونسي (المجمدة اختصاصاته).

وقبل ساعات من إعلان الحل، صوّت البرلمان في جلسة افتراضية لمصلحة إلغاء إجراءات استثنائية بدأ سعيد فرضها في 25 يوليو/تموز 2021، وهو ما اعتبره الأخير "محاولة انقلابية فاشلة".

وترفض عدة قوى سياسية واجتماعية في تونس تلك الإجراءات الاستثنائية وتعتبرها "انقلاباً على الدستور".