- تم تداول مشروع تعديل قواعد الترشح للانتخابات ليتوافق مع دستور 2022، مع غموض حول شروط الترشح وهواجس من التضييق على المنافسين قبل الانتخابات المفترضة في خريف العام الحالي.
- أستاذ القانون عمر السيفاوي يؤكد أن القانون لا يمنع المعتقلين السياسيين من الترشح، مشيراً إلى إمكانية ترشح الرئيس الأسبق المنصف المرزوقي رغم تحديات قانونية وسياسية.
أعلنت الهيئة العليا للانتخابات في تونس، أمس الثلاثاء، أنّ موعد الانتخابات الرئاسية الرسمي رهن بصدور أمر رئاسي عن الرئيس قيس سعيّد، لدعوة الناخبين في الآجال القانونية. في ظلّ هواجس التضييق على المنافسين وإقصاء المرشّحين المُعتَقَلين السياسيين والملاحقين قضائياً.
وقالت الهيئة في بلاغها، إنّ القانون ينصّ على أن "تتم دعوة الناخبين بأمر رئاسي في أجل أدناه ثلاثة أشهر قبل يوم الاقتراع، بالنسبة إلى الانتخابات التشريعية والجهوية والبلدية والرئاسية". إلى ذلك، تداول أعضاء هيئة الانتخابات، في مشروع تعديل القرار الترتيبي المتعلّق بقواعد وإجراءات الترشّح للانتخابات الرئاسية، كي يتلاءم وفصول دستور 2022، والقانون الانتخابي، والمجلّة الجزائية، وذلك في إطار التحضير للمواعيد الانتخابية القادمة، خصوصاً منه، الفصول المتعلقة بديانة المرشّح والجنسية والسن والحقوق المدنية والسياسية، والخلو من الموانع المنصوص عليها في القانون الانتخابي، كالأحكام الخاصة بالمخالفات الانتخابية ومنع التمويل الأجنبي، وما يترتب على ذلك كلّه، وكذلك ضرورة إدلاء المرشّح بنظير من بطاقة السوابق العدلية (البطاقة عدد 3).
الانتخابات الرئاسية: غموض شروط الترشّح
ولا يزال الغموض يلف شروط الترشّح للانتخابات الرئاسية، مع اقتراب الموعد الانتخابي المفترض خريف العام الحالي، لتزداد هواجس التضييق على المنافسين، واحتمال إقصاء المرشّحين المُعتَقَلين السياسيين في السجن، والملاحقين قضائياً. ولم يكشف الرئيس سعيّد بعد، عن تاريخ الانتخابات الرئاسية رغم دعوات المعارضة والمنظمات إلى تحديد موعدها وإعلان رزنامتها بوضوح، مؤكداً في مقابل ذلك، أنّ الانتخابات ستجري في آجالها وسيتم احترام المواعيد.
وطرح إعلان عدد من معارضي الرئيس سعيّد ترشّحهم من وراء القضبان أو خارج البلاد، سواء المعتقلون في السجن أو الموجودون خارج البلاد خشية توقيفهم، تساؤلات حول مدى التزام السلطات بقبول ترشحاتهم وعدم التضييق على حقّهم السياسي في التنافس في الانتخابات الرئاسية المقبلة. وحذّر عدد من المرشّحين من التضييق المحتمل عليهم خلال السباق الانتخابي، وسط هواجس من المس بقواعد اللعبة، وتغيير شروط الترشّح عبر سن تدابير إقصائية. وتُعد رئيسة الحزب الدستوري الحر، عبير موسي، الموقوفة منذ سبعة أشهر، وأمين عام الحزب الجمهوري، عصام الشابي الموقوف بدوره منذ أكثر من 14 شهراً، أبرز المرشّحين من داخل السجون. كما يبرز مرشّحون آخرون ملاحقون قضائياً في طور التحقيقات أو يحاكمون في حالة سراح، على غرار رئيس حزب الاتحاد الشعبي الجمهوري لطفي المرايحي أو رئيسة حزب الجمهورية الثالثة ألفة الحامدي.
وأكد أستاذ القانون، عمر السيفاوي، في حديث لـ"العربي الجديد" أنّه "لا يوجد أي مانع قانوني أو بند في دستور 2022 أو القانون الانتخابي يمنع المعتقلين السياسيين من الترشّح"، مشدداً على أنّ "هيئة الانتخابات لا يمكنها سن قرارات تقصي المعتقلين أو الملاحقين قضائياً أو المفتش عنهم"، كما لا يمكنها حسب السيفاوي، أنّ "تقدم شروطاً لم ترد في الدستور أو القانون الانتخابي". وأفاد بأنه "لا يوجد أي مانع أمام ترشح عبير موسي أو عصام الشابي أو أيّ من الملاحقين قضائياً، سواء في مرحلة البحث أو التحقيق أو حتى المحكومين ابتدائياً".
ترشّح المرزوقي
وحول إمكانية منع الرئيس الأسبق المنصف المرزوقي من الترشّح، باعتباره موجوداً في الخارج، وصدرت في حقه أحكام غيابية بالسجن، أكد السيفاوي أنّه "لا يعتبر ذلك مانعاً للترشّح" مؤكداً، أنّ "شرط فقدان الحقوق السياسية يقتضي حكماً تكميلياً يصدر عن القضاء، مع صدور حكم نهائي".
من جهته، بيّن أستاذ القانون الدستوري، رابح الخرايفي، لـ"العربي الجديد" أنّ "الغموض يكمن في الأساس في مسألة الحقوق السياسية المنصوص عليها في الدستور، حيث يمكن أن تشترط الهيئة تقديم بطاقة الخلو من السوابق العدلية (بطاقة عدد 3)". وفسّر الصعوبات التي يمكن أن "تعترض عدداً من المرشّحين الذين سيعجزون عن تقديم هذه الوثيقة لاستكمال ملف ترشّحهم، على غرار المتواجدين في السجن بمفعول بطاقة إيداع أو من هم محل تفتيش خارج البلاد أو بصدد تتبعهم، وفتحت بشأنهم أبحاث وتحقيقات في القطب القضائي المالي أو قطب مكافحة الإرهاب"، مرجّحاً "عدم تسليم هؤلاء بطاقة النقاوة من السوابق العدلية".
وبيّن أنّه "يمكن للمرشّحين الذين لم تسلمهم الإدارة هذه الوثيقة أو تعطل ملف ترشّحهم الذي رفض لوروده خارج الآجال، أنّ يطعن أمام المحكمة الإدارية باعتبار أنّ قرار رفض الترشحات قرار إداري".