تونس: محامون ينتقدون إجراءات وظروف سجن راشد الغنوشي

20 ابريل 2023
أكدت هيئة الدفاع رصد خروقات في مختلف مراحل اعتقال الغنوشي والتحقيق معه (Getty)
+ الخط -

انتقد محامون من هيئة الدفاع إجراءات وملابسات قرار سجن رئيس حركة "النهضة" ورئيس البرلمان التونسي المنحل راشد الغنوشي، مؤكدين أن خروقات رافقت مختلف مراحل اعتقاله والتحقيق معه.

وقرر قاضي التحقيق بالمحكمة الابتدائية في تونس، فجر اليوم الخميس، إصدار بطاقة إيداع بالسجن في حق الغنوشي، بعد عدة ساعات من الاستجواب، فيما تقرر الإفراج عن عدد من قيادات الحركة الموقوفين منذ الإثنين الماضي على خلفية آراء وتصريحات أدلوا بها في اعتصام بمقر "جبهة الخلاص الوطني" المعارضة، ليحاكموا في حالة سراح.

كما صدرت برقيات تفتيش عن البقية باعتبارهم في حالة فرار، من بينهم وزير الخارجية السابق وقيادي حركة "النهضة" رفيق عبد السلام، والنائب بالبرلمان المنحل ماهر زيد، والإعلامي مقداد الماجري.

وبيّن عضو هيئة الدفاع عن الغنوشي، المحامي مختار الجماعي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "قاضي التحقيق أصدر فجر الخميس بطاقة إيداع بسجن المرناقية في حق الغنوشي بعد عرضه على التحقيق لساعات طويلة"، وأشار إلى أن "النيابة العامة وجهت تهما للغنوشي وبعض قيادات جبهة الخلاص من أجل تبديل هيئة الدولة وحث السكان على مواجهة بعضهم بعضا، وذلك حسب البندين 68 و72 من المجلة الجزائية".

وانتقد الجماعي "الإخلالات الإجرائية والخروقات"، قائلا إن أهمها هو "التكييف القانوني للأفعال المنسوبة لموكلي، فهي عبارة عن تصريح سياسي لا يرتقي إلى مستوى التجريم، فما ذكره الغنوشي يندرج في إطار تقييم وضع سياسي وإبداء رأي شخصي". 

وبيّن أن الإخلال الثاني يتمثل في أن "الفارق الزمني بين الجلسة منطلق التتبع القضائي وبين آثار التتبع من قبل النيابة العمومية أو من يقف وراء النيابة العمومية في حدود 48 ساعة، وهذا الفارق الزمني يحوّل القضية من جريمة متلبس بها إلى جريمة عادية غير متلبس بها؛ وبالتالي لا تفترض الإيقاف المباشر ومداهمة بيت الغنوشي وتفتيشه وتفتيش مقر الحزب واقتياده بتلك الطريقة، بل إن الأمر يفترض توجيه استدعاء له للمثول في مكان وزمان محدد".

واستغرب المحامي ما وصفه بـ"العملية الاستعراضية لدخول أعوان الأمن واقتياد الغنوشي في مخالفة لموجبات مجلة الإجراءات الجزائية".

وأضاف أن الإخلال الثالث هو "ما ارتبط بتفتيش مقر الحزب وتفتيش منزل رئيس حركة النهضة، وهو يتناقض مع التهم المنسوبة إليه والمبنية على تتبع مؤسَس على خطاب رأت فيه السلطة دعوة لتغيير هيئة الدولة".

أما عن الخروقات المسجلة أثناء عملية البحث الابتدائي والاستنطاق، فأكد المحامي ذاته أن "الغنوشي حرم من أهم الضمانات، وهي حضور محام معه خلال عملية الاستنطاق"، وتابع: "شاهد الجميع فريق الدفاع المكون من عدد هام من المحامين ومرابطتهم حتى الفجر لليلتين أمام ثكنة العوينة دون السماح لهم لا بالحضور ولا بلقاء الموكل".

وشدد الجماعي على أن "النيابة العمومية تدخلت عن طريق باحث البداية في مستويين اثنين، أولا باشتراط اقتصار الحضور على محام فقط، ثم تدخلت في اختيار المحامي اسما من بين الحاضرين"، كما شدد أيضًا على أن "محضر البحث تشوبه العديد من الخروقات، منها عدم توفر الضمانات القانونية والصحية فيه، إضافة إلى اعتماد وسائل إثبات متلاعب فيها".

وقال إنه "تم اعتماد نص مكتوب من باحث البداية لحقه كثير من التزوير، لأنه اجتزئ من المداخلة دون إشارة لذلك، وقدم نصا مريبا يختلف في معناه وفي كلماته عن النص الذي قاله راشد الغنوشي، وهو ما اعتمده التحقيق، ولكن تمسك لسان الدفاع بالعودة إلى النص الشفوي بصوت الغنوشي، ليتم تقديم خطاب من دقيقة ونيف منقوص، في حين أن الخطاب الأصلي يتجاوز 10 دقائق".

وشدد عضو هيئة الدفاع على أن "وسائل الإثبات المعتمدة في الإدانة ترتقي إلى التزوير غير أنه اعتمدت"، وفق تفسيره، وأفاد بأن "قاضي التحقيق رفض تدوين مرافعات المحامين رفضا قطعيا رغم أن القانون يفرض عليه تدوين كامل المرافعة؛ فأصبح يختار ويرفض ما نطلب منه تدوينه".

وأشار إلى أنه "جرى التجريح في مكتب التحقيق"، قائلا إنه "أصبح قبلة لهذا النوع من القضايا، حيث تم تقديم شكاية جزائية ضد قاضي التحقيق من قبل نور الدين البحيري باعتباره نائب رئيس حركة (النهضة) الذي مثل أمامه سابقا، وتمنع الشكاية مواصلة النظر في ملف البحيري، وهذا ما قررته محكمة الاستئناف، وسحب من مكتبه الملف، ومثول الغنوشي اليوم باعتباره رئيسا للحركة يجعل هذا التجريح له علاقة بهذا الملف أيضا، وبالتالي مسألة الاستقلالية والشفافية أصبح مشكوكا فيها بخصوص هذا المكتب لما له من تأثير على وضعية الموكل".

وتحدث المحامي عن الوضع الصحي للغنوشي، قائلا إن "عملية الاستماع كانت منهكة جدا، ولم ينم منذ 36 ساعة، وكان دون طعام باعتبار تواصل صيامه لـ48 ساعة، وحالته الصحية متدهورة جدا، وقد طلبنا تعليق التحقيق وتأجيله ريثما يقع إسعافه".

وبين المتحدث ذاته أن "الاستنطاق انتهى السادسة صباحا، بينما الإعلان عن بطاقة إيداع السجن جرى قبل ذلك، أي في الثامنة ليلا، من قبل مقربين من السلطة، ومن قبل وسائل إعلام مسموعة، وهو ما جعلنا نعتقد أن القرار جاهز قبل السماع"، بحسب تفسيره.

وأكد الجماعي أن "الدفاع رفض إمضاء محضر السماع، والغنوشي رفض الإمضاء أيضا، لأن التحقيق لم يكن أمينا في نقل بعض الأجزاء من المرافعات، وقاضي التحقيق كان يرفض أحيانا تدوين بعض ملاحظاتنا"، حسب قوله.

بدوره، انتقد عضو هيئة الدفاع سمير ديلو ملابسات إيقاف الغنوشي ومداهمة بيته، مبينا، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن أهمّ الإخلالات الإجرائية هي عدم تمكين المحامين من حضور سماعات موكليهم عبر اشتراط حضور محام وحيد، ومنعهم من زيارتهم كما يبيح القانون في فترة الاحتفاظ، وعدم تمكين الموقوفين من الحصول على ملابسهم، وقال: "من الإخلالات أيضا نشر تصريحات كاذبة بخصوصهم من جهات شبه رسميّة تهمّ المحجوزات".

واستغرب ديلو مداهمة بيت الغنوشي وتفتيشه وتفتيش مقار "النهضة"، قائلا: "ليس هناك أيّ داع لتفتيش بيته أصلا، فالأمر يتعلّق بتصريح تمّ بثّه مباشرة".

التيار الديمقراطي يندد بإغلاق مقار حزبية

إلى ذلك، عبر حزب "التيار الديمقراطي" في تونس عن "رفضه إغلاق مقار حزبية ومنع أنشطة سياسية بقرار إداري باستعمال قانون الطوارئ"، داعيا إلى إلغائه.

وندد التيار، في بيان، باستعمال تهمة "التآمر على أمن الدولة" التي أصبحت "سيفا مسلطا على كل الأصوات المعارضة للانقلاب بغاية تصفية خصوم سياسيين". كما ذكّر جميع القوى السياسية والمدنية بأن "الصمت أو التواطؤ اليوم مع آلة القمع بدافع الخصومة السياسية سيكون تأشيرة لهذه الآلة لكي تنال منهم غدا".

وذكّر التيار بـ"مطالبته بمحاسبة حقيقية في إطار محاكمة عادلة، من طرف قضاء غير خاضع للسلطة التنفيذية، للتجاوزات التي ارتكبتها عدة أحزاب حكمت تونس بعد الثورة". وقال إنه "كلما زادت عزلة هذه السلطة وتعمقت أزمتها الاقتصادية والاجتماعية إلا والتجأت إلى القمع والعمليات الاستعراضية، ولن يردعها عن هذا إلا اقتناع المواطنات والمواطنين بأن حبل الشعبوية قصير وطريقها مسدود".

المساهمون