تونس: قراءة في نسبة الإقبال الضعيفة على الانتخابات المحلية

05 فبراير 2024
بلغت نسبة الإقبال على الدور الثاني من الانتخابات 12.44% (ياسين قايدي/الأناضول)
+ الخط -

انتقدت أحزاب معارضة في تونس ضعف نسب الإقبال والمشاركة في الدور الثاني من الانتخابات المحلية، معتبرة ذلك رسالة فشل أخرى لمشروع البناء السياسي الذي يؤسس له الرئيس قيس سعيّد منذ 25 يوليو/ تموز 2021، وعلامة تقهقر شعبيته.

وأعلن رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات فاروق بوعسكر في مؤتمر صحافي، أمس الأحد، أن "نسبة الإقبال الرسمية وشبه النهائية في الدور الثاني من الانتخابات المحلية بلغت 12.44%"،

في وقت بلغت نسبة المشاركة في الدور الأول، الذي جرى في 24 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، 11.84%، والتي اعتبرها خبراء الشأن الانتخابي نسباً ضعيفة.

وتمثل هذه المرحلة خطوة نحو تشكيل قاعدة الغرفة التشريعية الثانية، وهي المجلس الأعلى للجهات والأقاليم، المنصوص عليه في دستور 2022 الذي صاغه سعيّد بمفرده.

واعتبر القيادي في حركة النهضة محسن السوداني، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "هذه النسبة الضعيفة كانت متوقعة بالنظر إلى أنها امتداد للموقف الذي عبّر عنه التونسيون في المحطات الانتخابية السابقة، والمتمثل في المقاطعة واللامبالاة، فالتونسيون لم يعودوا يثقون بالسياسة التي تتوخّاها السلطة، والرسالة السياسية واضحة وبيّنة، وهي رفض التونسيين مشروع الرئيس سعيّد، وهي تعكس الفشل الذريع الذي مُني به برنامج الرئيس وأفكاره".

وأضاف السوداني أنه "يفترض أن تلتقط السلطة هذه الرسالة وتتوقّف عندها بجدية، لا أن تواصل سياسة الهروب إلى الأمام، فالتونسيون انفضّوا من حول سلطة الانقلاب. فهم يعيشون يومياً فشلها في حلّ مشكلاتهم التي انتدبت نفسها لحلها لمّا احتكرت كل السلطات وجمعتها في يدها لهذا الغرض"، معتبراً أن "التونسي يعاين يومياً بشكل محسوس وجليّ قصور السلطة عن توفير أبسط أساسيات الحياة. ولذلك فإنه لم يعد مقتنعاً بما تفعله السلطة، ولا يستجيب لنداءاتها المتكررة للذهاب إلى صناديق الاقتراع".

وشدد السوداني على أنه "لا يمكن لأي جهة أو مؤسسة تحصل على نسبة ضعيفة أن تدّعي الشرعية أو المشروعية، فالمسؤولية تقتضي الاعتراف بالفشل، والعودة عن الخطأ، والبحث عن حلول حقيقية وتشاركية"، بحسب تعبيره.

من جهته، أكد نائب رئيس حزب العمل والانجاز أحمد النفاتي، في تعليق لـ"العربي الجديد"، أن "كل المحطات الانتخابية، منذ الاستشارة الإلكترونية التي شهدت نحو 5%، وهي أولى محطات مشروع الرئيس قيس سعيّد التي بنى عليها دستوره، ثم الانتخابات التشريعية التي سجلت 11%، هذا إذا افترضنا أن هذه النسب صحيحة باعتبار أن هيئة الانتخابات عيّنها الرئيس ولم تُنتخب، كلها تفسر التشكيك في وضعهم".

وشدد النفاتي على أنه "تجب قراءة الأرقام انطلاقاً من نسب العزوف، فنحو 90% من الناخبين لم يشاركوا في انتخاب البرلمان، وبالتالي هذا البرلمان لا يمثل الشعب".

وتابع: "اليوم، نسب المشاركة في الانتخابات التشريعية هي نفسها نسب المشاركة في الانتخابات المحلية، فنحن اليوم لا نعيش عرساً انتخابياً، بل مأتماً انتخابياً بغياب ملاحظين دوليين، ومراقبين حزبيين، وبلا مظاهر حملات انتخابية.. وكل ذلك يؤكد أن الشعب يرفض هذا المسار برمته، وكل المحطات الانتخابية أثبتت أن الشعب لا يريد، وهي رسالة من الشعب للرئيس الذي استعمل شعار الشعب يريد".

ويتفق أمين عام حزب التكتل من أجل العمل والحريات خليل الزاوية مع رأي كلّ من السوداني والنفاتي، اذ اعتبر، في تصريح إلى "العربي الجديد"، أن "تونس عاشت اليوم اللاحدث أو اللاانتخابات، فلا شيء يوحي بانتخابات وتنافس، وهو تأكيد على عدم قبول التونسيين بهذا المسار، وهلاميته، وعدم وضوحه، بعدم المشاركة فيه".

وبيّن أنه "إذا لم يدرك القائمون على الحكم اليوم هذا، فإن هناك نوعاً من العمى السياسي عن إرادة الشعب، فالسلطة اختارت عدم الإنصات لنبض الشعب".

واستنتج الزاوية أن "نتيجة هذه العملية هي الفشل، والمواطنون سيعتبرون أن هذه المجالس لا تمثلهم وبلا مشروعية شعبية، وإصرار القائم على السلطة على المرور بالقوة من دون الاكتراث لرسالة الشعب هو إصرار على المزيد من تأزيم الوضع، وقيادة البلاد نحو أفق مسدود".

وأشار إلى أن "المشهد اليوم يتلخص في سلطة أفقية مشخصة في رئيس الدولة والبقية يؤدون وظيفة، يطبقون تعليماته، وتكاد تكون هذه المجالس شكلية، وبعد متابعة المجلس النيابي، لاحظنا ضعف أدائه وموالاته للسلطة التنفيذية"، بحسب توصيفه.

إلى ذلك، رأى المتحدث باسم الحزب الجمهوري وسام الصغير، في تصريح إلى "العربي الجديد"، أن "المسألة تتعلق بمسار سياسي كامل مرفوض من الشعب، والقوى السياسية، والمدنية، والاجتماعية، فالانتخابات المحلية بجولتيها الأولى والثانية جزء من مشروع أحادي فردي يؤسس لنظام تسلطي واستبدادي مناقض للديمقراطية والتشاركية".

واعتبر أن "نسب العزوف والمقاطعة الواسعة تعبير صامت من غالبية المواطنين الرافضين والمنصرفين عن العملية الانتخابية، ورد فعل شعبي صامت غير مكترث بهذه العملية".

ورأى الصغير أن "نسب العزوف والمقاطعة دليل على تهاوي شعبية القائم على السلطة، وتعبير عن فشل مرحلة الحكم الفردي".

المساهمون