قضت الدائرة الجنحية المختصة بالنظر في قضايا الفساد بالمحكمة الابتدائية في تونس بالسجن مدة ثلاث سنوات مع النفاذ العاجل في حق كل من رئيس حركة النّهضة راشد الغنوشي، ووزير الخارجية الأسبق رفيق بن عبد السلام، في القضية المتعلقة بحصول حزب سياسي على تمويل من طرف أجنبي.
ونقلت إذاعة "موزاييك" عن الناطق الرسمي باسم المحكمة الابتدائية في تونس، محمد زيتونة، أنه تقرّرت مؤاخذة الممثل القانوني لحزب حركة النهضة بمبلغ يساوي قيمة التمويل الأجنبي المتحصل عليه، وقدره 1 مليون و170 ألف دولار أميركي، أو ما يعادله بالعملة التونسية.
وأكد مستشار رئيس حركة النهضة، المحامي سامي الطريقي في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن الدائرة الجنحية المختصة بالنظر في قضايا الفساد بالمحكمة الابتدائية بتونس قضت اليوم بالسجن ثلاثة أعوام مع النفاذ العاجل لرئيس حركة النهضة راشد الغنوشي وصهره رفيق بن عبد السلام في القضية المتعلقة بحصول حزب سياسي على تمويل من طرف أجنبي".
وأوضح أن "الغنوشي لم يحضر المحاكمة، وكانت هناك طلبات شكلية من قبل هيئة الدفاع التي تمسكت بتمكينها من الوثائق الموجودة في مقر حركة النهضة، المغلق منذ عدة أشهر، لتقديمها للمحكمة".
وبين الطريقي أن "هيئة الدفاع لم تتمكن في هذه القضية من تقديم المؤيدات لأن جل الوثائق في المقر المركزي"، مضيفا أنه تم رفض المطالب الشكلية والتصريح اليوم بهذا الحكم.
ولفت إلى أنه "بالإضافة إلى الحكم بسجن الشيخ راشد الغنوشي تم الحكم بتخطئة حزب حركة النهضة، بمبلغ يساوي قيمة التمويل الأجنبي المتحصل عليه (المبلغ يقدر بـ 1مليون و170 ألف دولار أميركي أو ما يعادله بالعملة التونسية) مؤكدا أنه سيتم الاطلاع غدا على نص الحكم الصادر لتقديم مزيد من التوضيحات حوله".
النهضة عن القرار الجديد بحق الغنوشي: مظلمة جديدة
من جانبها، أصدرت حركة النهضة بيانا قالت فيه إن "المحكمة الابتدائية بتونس أصدرت مساء اليوم حكما ظالما جديدا بالسجن في حقّ الغنوشي وعبد السلام بتهمة مزعومة حول تلقّي تمويل أجنبي فيما يُعرف بقضية اللوبيينغ".
واعتبرت الحركة أن "الحكم الصادر في حق رئيسها مظلمة جديدة تضاف إلى سيل المظالم التي تتعرض لها الحركة وسائر القوى الديمقراطية والشخصيات المناضلة في تونس"، مؤكدة "رفضها للحكم الظالم، وذلك ثقةً منها في براءة الحزب وتقيّده بالقانون وشفافية معاملاته وحرصه على حسن التصرف واحترام الإجراءات والقوانين".
وقالت النهضة إنّها "لم تتلقّ مُطلقا تمويلا من أيّ جهة أجنبية، وأنّ حسابها الوحيد تحت رقابة كل المؤسسات القضائية والمالية ولا تطاولُه أيّة شبهة. وأنّه لا وجود لأيّ تمثيلية للحركة في الخارج، وقد أثبتت الحركة أنها لم تشغّل أبدا العنوان المزعوم في لائحة الاتهام".
وأكدت النهضة "مواصلتها الدفاع عن نفسها ودفع الظلم عنها وعن قيادتها عبر مسار قضائي وسياسي تتمسك فيه بحقها وحق التونسيين في التنظّم والمشاركة السياسية وأخلقة الحياة السياسية والتنافس النزيه والتداول السلمي على السلطة".
وقالت النهضة إنها" ستعقد قريبا ندوة صحفية لإنارة الرأي العام وكشف حقيقة الملف وخلفياته، وتوضيح موقفها وتمشّيها القضائي والسياسي".
والغنوشي (81 عاماً) معتقل منذ 17 إبريل/ نيسان الماضي من قبل وحدة أمنية، بناءً على أذون من النيابة العامة، بسبب تصريحات زُعم أنها "تحريضية"، خلال اجتماع إعلامي لـ"جبهة الخلاص الوطني" المعارضة.
ويواجه الغنوشي، رئيس البرلمان التونسي الذي حلّه الرئيس قيس سعيد بموجب إجراءات استثنائية وصفت بـ"الانقلابية"، تهماً في عدة قضايا، من بينها ما يعرف بـ"ملف تسفير التونسيين إلى بؤر التوتر"، وتبييض الأموال، وقضية مصطلح "الطواغيت"، وكذلك تهمة التحريض بسبب مداخلة له في ندوة نظمتها جبهة الخلاص الوطني، وغيرها.
وفي وقت سابق، أكد مستشار الغنوشي رياض الشعيبي، في حديث مع "العربي الجديد"، أن سجن الغنوشي "مثّل تصعيداً سياسياً خطيراً من السلطة في استهداف المؤسسات الديمقراطية والشخصيات الوطنية في البلاد".
وأوضح أن "الغنوشي فضلاً عن قيمته الرمزية والاعتبارية كأحد أهم زعماء الحركة الديمقراطية في تونس وفي العالم العربي والإسلامي، فإنه كذلك رئيس البرلمان الشرعي الذي انقلب عليه رئيس الدولة، لذلك فإن في اعتقاله رسالة قوية مفادها الإصرار على استكمال كل مراحل الانقلاب، وانتهاك كل المكاسب الديمقراطية، وعدم الاستعداد لكل محاولات فتح حوار وطني أو توفير شروط المصالحة الوطنية".
وأضاف الشعيبي: "إذا كان أهم زعماء المعارضة في السجن، فمن الذي يجرؤ على دق باب السلطة أو دعوتها للحوار، أو الاستجابة لأي دعوة يمكن أن تتوجه بها للساحة السياسية؟".