تونس حرة... ولكن

08 مارس 2021
يخرج التونسيون إلى الشارع باستمرار للتعبير عن آرائهم (شاذلي بن إبراهيم/Getty)
+ الخط -

تتواتر التقارير السنوية للمنظمات الدولية بشأن أوضاع الحريات في العالم لتؤكد تقريباً نفس النتائج من عام إلى آخر، وتؤكد في الأثناء وضع الحرية في تونس وتصنف هذا البلد بأنه حر، ما يعني أنه لا يزال صامداً بعد عشر سنوات من قيام الثورة. يذكر التقرير السنوي الصادر عن مؤسسة "فريدوم هاوس" الأميركية منذ يومين، أن العالم يشهد، للعام الخامس عشر على التوالي، نوعاً من التراجع الديمقراطي على المستوى العالمي، أو كما وصفه التقرير بـ"الركود الديمقراطي الطويل". ويقوم تقرير "فريدوم هاوس" على 25 مؤشراً لتقييم حالة الديمقراطية في دولة معينة، إذ تُمكّن النتيجة التراكمية بعد ذلك، من تصنيف بلد معين على أنه "حر" أو "حر جزئياً" أو "غير حر".

وكانت تونس هذا العام هي الدولة العربية الوحيدة التي أُدرجت في تصنيف "دولة حرة" في التقرير الذي أفاد بأنه، منذ إطاحة النظام السابق عام 2011، بدأت تونس عملية انتقال ديمقراطي، حيث يتمتع المواطنون بحقوق سياسية وحريات مدنية غير مسبوقة. ولكن تقرير المنظمة ينبّه إلى أن "تأثير الفساد المستشري في تونس والتحديات الاقتصادية والتهديدات الأمنية واستمرار القضايا العالقة المرتبطة بالمساواة بين الجنسين والعدالة الانتقالية، لا تزال تشكل عقبات أمام توطيد الديمقراطية بشكل كامل". هذا الأمر يوجّه رسالة للتونسيين ولنخبهم على مختلف مشاربهم وانتماءاتهم بأن يحافظوا على هذه النعمة ولا يضيعوها كما فعل كثيرون من قبلهم.
يخرج التونسيون إلى الشوارع أحراراً يرددون "لا خوف... لا رعب... الشارع ملك الشعب"، ينتقدون النظام ورؤوسه وكل الأحزاب بدون خوف من الملاحقة. إسلاميون ويساريون وحتى أنصار النظام السابق، منظمات ومواطنون وهيئات، تواتروا خلال الأيام الأخيرة على الشوارع التونسية، يحتجون ويعودون إلى بيوتهم، نعمة يُحسدون عليها، ولكنها مهددة بالزوال إذا تواصل الوضع على ما هو عليه. تحتاج هذه البذرة إلى العمل لتنمو وتكبر وتعيش، لأن الفقر والعوز يدمران الحرية، وتحتاج إلى قوانين ومؤسسات تحميها، لأن خلافات الساسة لا تنتهي وعنادهم قد يضيّع أوطاناً، وتحتاج أيضاً إلى شعب يعي ماذا يضع في الصندوق يوم الانتخاب، لأنه يتحمل المسؤولية الأولى بالحرية التي اكتسبها ويُحمل عليه كيف وصل بالبعض إلى التحكم في قراره ثم بعد ذلك يندم، وقد لا ينفع الندم أحياناً.