تونس: بدء عملية فرز الأصوات وسط مشاركة هزيلة في الانتخابات التشريعية المبكرة

17 ديسمبر 2022

+ الخط -

بدأت عملية فرز الأصوات في الانتخابات التشريعية المبكرة في تونس، والتي بدأت اليوم السبت لاختيار 161 نائباً بمجلس النواب، وذلك إثر إغلاق مكاتب الاقتراع، عدا 4 مكاتب استثنائية.

وأعلن المتحدث باسم هيئة الانتخابات التونسية، أن عدد المشاركين في الانتخابات بلغ تقريبا 804000، وهي نسبة متواضعة ستكون في حدود 9 أو 10%.

وكانت النسبة قد بلغت في حدود الساعة 15:00 بالتوقيت المحلي، 7.19% بواقع 656915 مقترعا، بحسب الهيئة.

وأفادت الهيئة العليا للانتخابات في وقت سابق بأن عدد المقترعين بلغ 440000 ناخب منتصف النهار، لافتة إلى أنها "نسبة مهمة وهي المعدل العام للانتخابات عموماً".

وكانت تُنتظر مشاركة نحو 9 ملايين و339 ألفاً و756 ناخباً مسجلين في لوائح الانتخابات، لاختيار 151 نائباً بالمجلس، منهم 10 مرشحين في الخارج.

وفي حين جرى التصويت بالانتخابات التشريعية في الخارج الخميس الماضي، سيستمر داخلياً اليوم إلى غاية 19:00 (توقيت غرينتش) وحتى الساعة 15:00 (توقيت غرينتش) في بعض المحافظات لأسباب أمنية.

2.22 % نسبة الإقبال 

وصباح اليوم، ذكرت الهيئة العليا للانتخابات أن جميع مكاتب الاقتراع فتحت أبوابها في الساعة الثامنة صباحاً في نحو 1310 مكاتب من دون غياب أو تأخير، باستثناء بعض المكاتب التي كان لها توقيت خاص لدواع أمنية، مشيرة إلى أن سير نسق الانتخابات عادي وفي ظروف طيبة.

وقال رئيس الهيئة العليا للانتخابات فاروق بوعكسر، في مؤتمر صحافي، إن عملية الاقتراع للانتخابات التشريعية المبكرة تجري بـ"شفافية"، والإقبال "جيد".

كما توقع أن "ترتفع نسبة الإقبال في الساعات المقبلة"، داعياً "عموم التونسيين للتصويت في ما تبقى من ساعات". 

وقال المتحدث الرسمي باسم الهيئة العليا المستقلة للانتخابات محمد التليلي المنصري، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "الإقبال يعتبر جيداً حتى الساعة في الداخل، ذلك مقارنة بالمسارات الانتخابية السابقة، وكذلك الشأن في مراكز الاقتراع بالخارج في فرنسا وإيطاليا".

وأوضح أن "الدعوة للاقتراع لا تعتبر خرقاً"، في إشارة إلى كلمة للرئيس قيس سعيّد هذا الصباح حث فيها التونسيين على التصويت لقطع الطريق أمام من نهبوا البلاد وخربوها.

وبين المنصري أن "الهيئة قدمت تقريبا الاعتماد من أجل الملاحظين ممن طلبوا متابعة الانتخابات، حيث وصل العدد إلى 4450 ملاحظاً محلياً إلى جانب 430 ملاحظاً دولياً و900 صحافي محلي و200 أجنبي".

وأكد أن "ممثلي المترشحين كانوا حاضرين أيضاً، وهناك مدونة سلوك يقع احترامها والالتزام بها".

من جهتها، قالت شبكة "مراقبون" المختصة في الشأن الانتخابي، في نقطة إعلامية، إن نسبة المشاركة إلى حدود الساعة العاشرة بلغت 2.22 بالمائة.

وقال رئيس مركز الاقتراع في مدرسة نهج القيروان ببن عروس، محمد علي بن حسين، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "هذا المركز يعتبر الأكبر في المحافظة بـ7460مسجلاً في الانتخابات وبـ8 مترشحين عن بن عروس".

ولفت إلى أنه "يتوقع تحسن الإقبال بعد منتصف النهار، حيث قد يتوافد الشباب، أما الوافدون حاليا فأغلبهم من كبار السن".

وقال عبد العزيز (68 عاماً)، وهو مواطن تونسي، إنه "صوّت من أجل تونس والخروج من الوضع الراهن"، مبيناً أنه "حاضر في كل المحطات الانتخابية، وعادة يختار التصويت صباحاً ومنذ فتح مركز الاقتراع".

وبين أن "المساهمة في العملية الانتخابية ضرورية، وأنه اختار مرشحه، وبالتالي يعرف لمن سيصوت، ولديه ثقة بالمترشح، ويأمل أن يكون محل ثقة ويفي بتعهداته للجهة."

في المقابل، أكد رئيس مكتب بنهج مرسيليا عبد العزيز بهري أن "الإقبال يبدو ضعيفاً، حيث عادة يكون الأولياء مرافقين لأبنائهم، ولكن ربما بحكم العطلة فإنه لم تتم ملاحظة قدوم عائلات".

وأضاف في تصريح لـ"العربي الجديد" أنه "يؤمل أن يتطور عدد الناخبين في الساعات المقبلة".

سعيد يدعو التونسيين إلى الإقبال على الانتخابات

ومن مكتب الاقتراع، قال الرئيس قيس سعيّد: "هذه فرصتكم التاريخية فلا تفوّتوها حتى تستعيدوا حقوقكم".

وأضاف: "نعمل للقطع مع من نهبوا البلاد وخربوها، وسنحقق أحلام التونسيين". 

ودعا سعيّد التونسيين إلى الإقبال على الانتخابات قائلاً: ''أتوجه لكافة الناخبين والناخبات لأقول في يوم عيد الثورة هذه فرصتكم التاريخية يا أبناء الشعب العظيم في تونس وكل العالم، لا تفوتوها واحتكموا إلى ضمائركم وحدها، حتى تستردوا حقوقكم المشروعة في العدل والحرية".

الصورة
الانتخابات التشريعية في تونس/سياسة/العربي الجديد
دعا سعيد التونسيين إلى الإقبال على الانتخابات (العربي الجديد)

وتابع سعيّد: "أسقطوا الأقنعة عن الوجوه التي لبسوها، أنتم وحدكم باختياركم الحر وبوعيكم بكل التحديات قادرون على المضي قدماً لصنع تاريخ جديد، لنصنع، اليد في اليد، تاريخاً جديداً لبلادنا".

مشاركة ضعيفة في الخارج

من جهته، أكد المتحدث الرسمي باسم الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، محمد التليلي المنصري، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "عدد المصوتين في الانتخابات التشريعية في دوائر الخارج، خلال اليومين الأول والثاني، بلغ 927 ناخباً تولوا التصويت إلى حدود الساعة السادسة من مساء الجمعة، في دوائر إيطاليا وفرنسا 2 وفرنسا 3".

وكان المنصري قد قال في تصريح صحافي إن "عدد المصوتين بلغ 110 ناخبين في الخارج إلى حدود منتصف يوم الخميس 15 ديسمبر/ كانون الأول".

وانطلقت عملية التصويت في الخارج منذ صباح الخميس، وتتواصل حتى اليوم السبت 17 ديسمبر/كانون الأول، الذي يُعَدّ يوم الاقتراع العام داخل تونس وخارجها.

وتقدم في دوائر إيطاليا وفرنسا 2 وفرنسا 3 مرشح وحيد عن كل دائرة، وبالتالي يعتبر المترشحون الثلاثة فائزين مهما كان عدد الأصوات، وفق القانون الانتخابي الذي سنّه الرئيس التونسي قيس سعيّد منتصف أيلول/ سبتمبر الماضي.

وتغيب الانتخابات في المهجر عن الدوائر الـ7 الأخرى لغياب ترشحات فيها، وهي فرنسا 1 وألمانيا وباقي الدول الأوروبية والدول العربية والأميركتين وأستراليا، إضافة إلى دائرة أفريقيا.

وأكد رئيس المنظمة التونسية من أجل نزاهة وديمقراطية الانتخابات "عتيد" بسام معطر، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "المشاركة ضعيفة جداً في الخارج، في انتظار تحيين معطيات الملاحظين".

وبين أن "نسب المشاركة هي الأضعف منذ 2011، وهو أمر منتظر بسبب غياب المنافسة، حيث يوجد مترشح وحيد وهو فائز، بحيث لا يرى بعض الناخبين بداً من الذهاب للاقتراع لمرشح يعلمون أنه فائز".

الصورة
الانتخابات التشريعية في تونس/سياسة/العربي الجديد
نسب المشاركة هي الأضعف منذ 2011 (العربي الجديد)

ولفت إلى أن "نسب المشاركة في الخارج لا تُعَدّ معياراً لاعتبار أنها أقل من نسب المشاركة في الداخل".

وقال إن "غياب البعثة الأوروبية للمراقبة عن ملاحظة هذه الانتخابات، بعد قرارها الخميس، مؤشر سلبي، حيث اعتدنا وجودها خلال المحطات الانتخابية السابقة، وهذه المرة اختارت عدم الحضور، ولديها أسبابها الخاصة، وهذا القرار ليس اعتباطياً، وقد يأتي تقييماً منها بأن هذه الانتخابات لا تستجيب للمعايير التي تعتمدها".

ولاحظ معطر "أن نشر الهيئة المعلومات والمعطيات تغيّر منذ تنظيم الاستفتاء مقارنة بالمحطات الانتخابية السابقة، فكمّ المعلومات أقل بكثير، ونوعها أيضاً تقلص، حيث كنا سابقاً نتحصل على معطيات تفصيلية تهم توزيع الناخبين والمشاركين حسب الجندرة والفئات، وفي هذا التقصير مسّ بالحق في المعلومات والشفافية".

وبين أن "الهيئة لا تمد المجتمع المدني بمعطيات، كما تقلص التعاون بشكل لافت مقارنة بالسابق، كما لم تُدعَ منظمات المجتمع المدني في الافتتاح، وإلى المركز الإعلامي منذ تنظيم الاستفتاء، عكس ما كان معمولاً به سابقاً".

وفي الداخل، يتنافس 1052 مرشحاً على 151 مقعداً، موزعة على 151 دائرة انتخابية.

وتشهد الانتخابات مقاطعة من أحزاب سياسية عدة، بينها حركة "النهضة"، "قلب تونس"، "ائتلاف الكرامة"، "التيار الديمقراطي"، "الدستوري الحر"، وغيرها، فيما تشارك فيها قوى سياسية أخرى مؤيدة للرئيس قيس سعيّد، مثل ائتلاف "لينتصر الشعب".

في المقابل، يشارك "المساندون لمسار 25 يوليو" في الاستحقاق. وهؤلاء يتوزعون على الأحزاب القومية والعروبية، وأبرزها حزب حركة الشعب والتيار الشعبي وحزب تونس إلى الأمام، وعدد من الحركات السياسية الجديدة المساندة لسعيّد، وحزب التحالف من أجل تونس، وبعض أعضاء الأحزاب التي حكمت خلال العشرية الماضية، أبرزها حزب نداء تونس، ومستقيلون من قلب تونس.

وانتخابات السبت أحدث حلقة في سلسلة إجراءات استثنائية بدأ الرئيس سعيّد فرضها في 25 يوليو/ تموز 2021، وسبقها حل مجلس القضاء والبرلمان، وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية، وإقرار دستور جديد عبر استفتاء في 25 يوليو/ تموز 2022. وتعتبر قوى تونسية هذه الإجراءات "تكريساً لحكم فردي مطلق" وتصفها بـ"انقلاب على الدستور".