تونس: المعتقلون السياسيون يحتجون على ظروف نقلهم ويقررون عدم الخروج من غرفهم

06 ابريل 2023
خلال وقفة للمطالبة بالإفراج عن نشطاء سياسيين معتقلين في تونس 30 مارس (فرانس برس)
+ الخط -

قرر المعتقلون السياسيون في تونس عدم الخروج من غرفهم احتجاجاً على ظروف نقلهم في سيارات تحتوي أقفاصاً ولا ترقى إلى المعاملة الإنسانية، بل إلى التعذيب، وفق ما قالت هيئة الدّفاع عن المعتقلين في ما يعرف بقضيّة "التّآمر" على أمن الدولة.

وبحسب بيان صادر عن الهيئة اليوم الخميس، فإنّ موكليهم: شيماء عيسى، وغازي الشواشي، وعصام الشابي، ومحمد خيام التركي، وجوهر بن مبارك، وعبد الحميد الجلاصي، ورضا بالحاج، ومحمد الأزهر العكرمي، قرروا رفض إخراجهم من السجن الذي يقبعون فيه مهما كان داعي الإخراج أو سببه.

وأضاف البيان أن سبب اتخاذهم هذا القرار هو تعمّد إدارة السجن نقلهم (المعتقلين)، كلما تطلّب الأمر إخراج أحدهم من السجن سواء لمقابلة الطبيب في أحد المستشفيات أو لحضور جلسة بالمحكمة أو لحضور عملية استنطاق بمكتب التحقيق، بواسطة سيّارة أطلق عليها المُوكلون اسم "سيّارة التّعذيب".

وقال عضو هيئة الدفاع عن المعتقلين سمير ديلو، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "هذه الشاحنة مجهزة بقفص حديديّ مخصص لشخص واحد، وهو يتوسط الصندوق الخلفي للشاحنة، ويوضع السجين داخله مُكبّل اليدين، مطأطأ الرأس في وضعية الجلوس، وفي ظروف صعبة، الأمر الذي يجعله غير قادر على الحفاظ على تّوازنه، وكلما تحرّكت العربة تكون عملية النقل صعبة ويكون السجين عرضة للارتطام".

وأضاف "رفض المعتقلون في البداية الخوض في هذه المسألة، ولكن في ظل تكررها ومدى تأثيرها على نفسيتهم وصحتهم، فقد قرروا الاحتجاج وعدم مغادرة غرفهم، خاصة أن البعض منهم أصيب بكدمات وحالات من الغثيان والاختناق من نقص الهواء".

وبحسب ديلو، فإن "المقاطعة ستشمل كل شيء يتعلق بذلك، من عمليات الاستنطاق والتوجه حتى للطبيب، لأنه أمام ظروف النقل أصبح البعض يخفي تعكر صحته، لكي لا ينقل بتلك الطريقة"، مضيفاً أن "الأمر تحول إلى عملية تعذيب وقد حصل هذا مع كل الموكلين تقريبا".

وتابع قائلاً إنّ "هذا القرار سيبقى ساري المفعول إلى أن تعدل الإدارة عن استعمال "سيّارة التّعذيب" وتؤَمِّن نقلهم في ظروف مناسبة عندما يتطلّب الأمر ذلك، أو في سيّارات النّقل العاديّة المتوفّرة لديها، لكي لا يتعرضوا للإيذاء جسديّا ونفسيّا، الأمر الذي يُشّكل خطرًا عليهم وعلى صحّتهم"، بحسب تعبيره.

واشتكت هيئة الدفاع عن المعتقلين مرات عديدة من ظروف الاعتقال داخل السجن، معتبرة أن هناك تنكيلاً متعمداً من إدارة السجون بالمعتقلين وتعدياً على كرامتهم، مطالبة بمعاملتهم بوصفهم مساجين سياسيين ووفق المعاهدات والقوانين الدولية في هذا الصدد.

تونس ترد على لجنة الأمم المتّحدة للقضاء على التّمييز العنصـري   

وفي شأن آخر، أصدرت وزارة الخارجية التونسية بياناً، اليوم الخميس، رداً على البيان الصّادر عن لجنة الأمم المتّحدة للقضاء على التّمييز العنصـري بخصوص وضعيّة المهاجرين بتونس، عبّرت فيه عن "استغرابها من مضمون هذا البيان وتوقيت صُدوره. وتُجدّد تونس تأكيدها أنّه لم يصدُر عن أيّ جهة رسميّة تونسيّة أيّ خطاب كراهية ضدّ الأجانب أو أيّ تحريض على التمييز العنصـري".

وكانت لجنة الأمم المتحدة للقضاء على التمييز العنصري دعت، في 4 نيسان/أبريل الجاري، السلطات العليا في تونس لإدانة خطاب الكراهية العنصري الصادر من سياسيين وشخصيات عامة وخاصة، والنأي بنفسها عن هذا الخطاب.

ودعت اللجنة الأممية في بيانها تونس إلى محاربة جميع أشكال التمييز والعنف العنصريين ضد الأفارقة السود، وخاصة المهاجرين من جنوب منطقة الصحراء والمواطنين التونسيين السود، وأعربت اللجنة عن القلق بشأن تصريحات أدلى بها رئيس الدولة في أواخر شباط/فبراير ادعى فيها أن ما وصفها بـ "حشود المهاجرين غير القانونيين" الذين يصلون من دول أفريقية جنوب الصحراء هم جزء من "خطة إجرامية لتغيير التركيبة السكانية لتونس" وأنهم مصدر "للعنف والجرائم والممارسات غير المقبولة".
وقالت اللجنة إن مثل تلك التصريحات تتناقض مع الاتفاقية الدولية للقضاء على كافة أشكال التمييز العنصري.
وأكّدت الخارجية التونسية في بيانها أن "تونس حريصة على التّعامل مع ملفّ الهجرة حسب ما تقتضيه المواثيق الدّوليّة والقانون الدّولي الإنساني في كنف احترام سيادة القانون التّونسـي".
وأشار البيان إلى أن "تونس كانت سبّاقةً في التّشريع من أجل حفظ كرامة المهاجرين دون تمييز، بإصدارها قانوناً متلائماً مع المعايير الدّوليّة سنة 2018 يهدف إلى القضاء على جميع أشكال التمييز العنصـري ومظاهره، ويتمّ على أساسه تتبّع كلّ اعتداء مادّي أو معنوي على أيّ أجنبي مهما كانت وضعيّته القانونيّة".
وقال البيان إن تونس تدعو "كافة الأجهزة والهيئات الأمميّة إلى تحرّي الموضوعيّة في بياناتها المتعلّقة بأوضاع المهاجرين بتونس وعدم التّغاضي عن جهود تونس المتواصلة في مجال مكافحة التّمييز العنصري، كما تدعوها الى التّعامل مع مسألة الهجرة وفق مقاربة شاملة حتى يتسنّى حلّ مشاكل الهجرة وجعلها هجرة آمنة وكريمة ونظاميّة في كنف احترام سيادة الدّول ومصالح شعوبها".

المساهمون