تونس: القضاة المعفيّون يتقدمون بـ37 شكوى ضد وزيرة العدل

23 يناير 2023
تتهم الشكاوى وزيرة العدل بالفساد (العربي الجديد)
+ الخط -

أعلنت هيئة الدفاع عن استقلالية القضاء والقضاة المعفيّين في تونس، اليوم الإثنين، تقديمها 37 شكوى ضد وزيرة العدل ليلى جفال، بسبب عدم تطبيق القانون.

وقالت الهيئة، في ندوة صحافية أمام قصر العدالة بالعاصمة التونسية، إنها ترفض المرسوم المتعلق بإعفاء 57 قاضياً وقاضية، وتطالب بتنفيذ أحكام المحكمة الإدارية التي أنصفتهم، وقررت إعادتهم لمواقع عملهم.

وكان الرئيس التونسي قيس سعيّد، قد أصدر في يونيو/ حزيران من العام الماضي، مرسوماً بإعفاء 57 قاضياً من مناصبهم بتهم مختلفة، ولكن المحكمة الإدارية ألغت غالبية تلك الأحكام، وطالبت بإعادة غالبيتهم إلى مواقعهم في أغسطس/ آب الماضي.

وقال الناطق الرسمي باسم الهيئة العياشي الهمامي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنه "جرى إيداع 37 شكوى ضد وزيرة العدل ليلى جفال، بعدم تنفيذ الأحكام القضائية"، مبيناً أنّ "هذه الشكاوى اعتمدت على الفصل 315 من المجلة الجزائية، وعلى الفصل 2 من قانون الإبلاغ عن الفساد، لأن هذا الفصل يعتبر عدم تنفيذ الأحكام، فساداً".

وأوضح الهمامي أنّ مقدّمي الشكاوى "يتهمون وزيرة العدل بالفساد، ويأملون عدم مواصلتها ارتكاب جريمة عدم تنفيذ الأحكام القضائية"، مؤكداً أنّ "37 قاضياً طلبوا رسمياً مقاضاة وزيرة العدل، وجرى إيداع الشكوى بمكتب الضبط بالمحكمة الابتدائية بتونس"، لافتاً إلى أنّ طلبهم اليوم موجه للنيابة العمومية التي كانت سريعة في تطبيق الأحكام على القضاة، كي تسرّع أيضاً في الاستماع إلى وزيرة العدل.

وأكد أنه "يتوجب على القضاء احترام استقلاليته، وأن يستدعي وزيرة العدل لمعرفة أسباب ارتكابها هذه الجريمة"، مبيناً أنّ القضاة "سيدافعون عن قضيتهم حتى يجري تنفيذ الأحكام".

وطالب الهمامي، الرئيس سعيّد، بـ"الاعتذار علناً وفي التلفزيون الرسمي للقاضية التي جرى التجريح في شرفها، بعد أن برأها القضاء نهائياً من التهمة المنسوبة إليها".

والخميس الماضي، قضت الدائرة الجناحيّة 16 لدى محكمة الاستئناف في تونس، الخميس، بالرفض شكلاً في الطعن الخاص بحكم ابتدائي قضى بعدم سماع الدعوى في حقّ قاضية توبعت بقضية "أخلاقية" (لم يذكر اسمها)، وكانت من ضمن القضاة الذين أقالهم سعيّد.

بدوره، قال الرئيس السابق للمجلس الأعلى للقضاء، المنتخب، يوسف بوزاخر في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنّ "هذه الخطوة كانت ضرورية، خصوصاً أن جميع الخطوات التي يتوجب اتخاذها سابقاً تم استنفادها"، مضيفاً: "نحن الآن في منطق الدولة التي لا تحترم القانون، ومن غير الممكن الاستمرار في العيش ضمن دولة لا تحترم حكم القانون".

من جهته، أكد القاضي المعزول أحمد الرحماني، أنّ "المعركة ضد السلطة الغاشمة مستمرة"، موضحاً في تصريح لـ"العربي الجديد" أنه "جرى عزل القضاة وتلفيق تهم خطيرة ضدهم، وأمام مواصلة تعطيل تنفيذ أحكام المحكمة الإدارية فإنهم متمسكون بالقانون"، مبيّناً أنّ "وزيرة العدل مصرة على ارتكاب جريمة عدم الإذعان للقانون".

وشدد على أنّ "القضاة لن يتخلوا عن قضيتهم العادلة، وطالما أنهم أصحاب حق، فلن يتخلّوا عن حقهم في العودة إلى عملهم".

قضية محاكمة مدنيين عسكرياً تتفاعل

وفي سياق آخر، أكد "الحزب الجمهوري" في تونس، رفضه توظيف القضاء في الخصومات السياسية، مشدداً على أنّ "القضاء المستقل هو الضامن الأكبر للحقوق والحريات وإقامة العدل"، وذلك على خلفية الأحكام العسكرية بحق برلمانيين عن حزب "ائتلاف الكرامة".

وأصدر الحزب بياناً، اليوم الإثنين، "بعد اطلاعه على الأحكام السالبة للحرية الصادرة عن محكمة الاستئناف العسكرية في حق السادة سيف الدين مخلوف، ومهدي زقروبة، ومحمد العفاس، ونضال السعودي، وماهر زيد، والمأذون بنفاذها العاجل والسرعة القياسية في تنفيذها". وشدد على "رفضه المبدئي تتبع المدنيين أمام القضاء العسكري، لتعارضه مع معايير المحاكمة العادلة، والمساس بضماناتها المكفولة في المعاهدات والمواثيق الدولية".

وأعلن الحزب "استنكاره تعهد القضاء العسكري بقضية سبق أن بتّ فيها القضاء العدلي، وأصدر فيها أحكاماً نهائية"، وشجبه "محاكمة مواطنين مرتين بالتهم نفسها، باعتباره تعدياً خطيراً على حقوق الإنسان والمواطنة".

وأكد "الجمهوري" "تضامنه الكامل مع السيد سيف الدين مخلوف وزملائه"، مطالباً بـ"إيقاف تتبعهم وإخلاء سبيلهم فوراً".

ودعا الحزب كل القوى الديمقراطية إلى "تنسيق جهودها للوقوف في وجه هذه الانحرافات الخطيرة، والانتصار لقيم العدل والحرية، بعيداً عن كل اصطفاف أيديولوجي مقيت".

كذلك، اعتبر "الاتحاد الشعبي الجمهوري"، في بيان له، اليوم الإثنين، أنّ "قرارات رئيس الجمهورية قيس سعيّد تفضح خور المنظومة وعنجهيتها وتسلطها"، وأنه "اتضح للعالم اليوم أن غاية هذا النظام هو مصادرة حقوق الأفراد، وتوظيف مؤسسات الدولة لتصفية الخصوم السياسيين".

واعتبر الحزب أنه "وبإرادة من الرئيس، أصبحت المحاكم العسكرية تتولى محاكمة المدنيين، في خرق مفضوح لمبادئ المحاكمة العادلة"، معبّراً عن التضامن المطلق مع "كل من طاولهم أذاه، ونقول لكل من حرموا من حقهم في محاكمة عادلة أمام محاكم مدنية لا سلطان عليها إلا القانون، ولا شيء غيره، صبراً جميلاً، إن الكابوس إلى الزوال، ونحن باقون على العهد للتصدي له".

إلى ذلك، أعلن عميد المحامين التونسيين، حاتم مزيو، اليوم الإثنين، تشكيل هيئة دفاع عن المحاميين سيف الدين مخلوف ومهدي زقروبة، يترأسها شخصياً، "من منطلق رفض محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية، فضلاً عن أنّ هذه المحاكمة قد شابتها العديد من الإخلالات القانونيّة".

ونقلت إذاعة "موزاييك" عن المزيو قوله، إنّه ليس ضدّ المحاسبة في إطار محاكمة عادلة تتوفّر فيها جميع الضمانات القانونيّة، معتبراً أن "إحالة سيف الدين مخلوف ومهدي زقروبة إلى القضاء العسكري بعد صدور أحكام في حقّهما أمام القضاء العدلي من أجل الفعلة نفسها، أمر غير مقبول، وسابقة تاريخيّة لم تحصل في بلد".

كما اعتبر عميد المحامين، الحكم بالنفاذ العاجل في طور استئنافي، وتنفيذ الأحكام بتلك الطريقة ليلاً "أمراً خطيراً"، بحسب قوله.

وأكّد عميد المحامين "رفض العمادة المساس بجدول المحامين، على اعتبار أنّ تشريعات الدولة هي التي منحت الاستقلاليّة لمجلس الهيئة الوطنية للمحامين في الترسيم والتأديب والإحالة على التقاعد"، وذلك في تعليقه على قرار المحكمة العسكرية منع مهدي زقروبة من ممارسة المهنة لمدّة 5 سنوات.

وأشار حاتم مزيو إلى أنّ "هيئة الدفاع ستتقدّم بمطالبها أمام محكمة التعقيب لإيقاف التنفيذ، إضافة إلى الاعتراض على الحكم الصادر بحق المحاميين سيف الدين مخلوف ومهدي زقروبة".

المساهمون