تونس: استمرار الجدل حول فرضية الانقلاب المزعوم

30 مارس 2021
عودة الجدل سببها كتاب جديد نشره رئيس مجلس النواب السابق محمد الناصر (Getty)
+ الخط -
عاد الجدل منذ أيام في تونس حول فرضية الانقلاب المزعوم التي أثارتها تحركات نواب بمقر البرلمان يوم 27 يونيو/حزيران 2019، وهو اليوم الذي نُقل فيه الرئيس الراحل الباجي قايد السبسي إلى المستشفى العسكري بسبب تدهور حالته الصحية، ووقعت فيه عملية إرهابية في وسط شارع بورقيبة بالعاصمة تونس، وراجت فيه إشاعة موت السبسي بقوة في منصات التواصل الاجتماعي قبل الإعلان عن ذلك رسميًّا.
عودة هذا الجدل في تونس سببها كتاب جديد صدر للرئيس السابق لمجلس نواب الشعب محمد الناصر، الذي تولى منصب رئيس الجمهورية بالنيابة بعد رحيل السبسي.
الكتاب يحمل عنوان "جمهوريتان ..تونس واحدة"، وتحدث فيه الناصر عن مراحل من حياته ومسؤولياته السياسية، وعاد فيها إلى أحداث  يوم الخميس 27 يونيو/حزيران 2019، ذاكراً أن مدير ديوانه اتصل به هاتفيا وأعلمه بأنه لاحظ تحركات غير عادية في صفوف النواب، وتجمعاً أمام مكتب النائب الأول لرئيس البرلمان عبد الفتاح مورو، وأنه في نفس الوقت تقريبا أبلغه وزير الدفاع الوطني آنذاك عبد الكريم الزبيدي رسالة يطلب فيها منه العودة لمباشرة نشاطه في أقرب وقت ممكن رئيساً للبرلمان.
وأشار الناصر إلى أن ذلك ما حصل فعلا، وأنه لما كان في طريقه إلى قصر باردو، هاتفه النائب الأول لرئيس مجلس النواب عبد الفتاح مورو، وأعلمه بعد سؤاله عن حالته الصحية بأنّ بعض النواب طلبوا عقد اجتماع عاجل لمكتب المجلس، ولم يفصح مورو عن أي شيء آخر؛ لا عن موضوع الاجتماع ولا عن سببه.
وذكر الناصر أنه فوجئ لدى وصوله، وتحديدا أمام بهو مكتبه، بتجمع غير مسبوق من نواب مرفوقين بنسخ من الدستور، ينتمون في غالبيتهم لكتلتي النهضة وتحيا تونس، وأنه لاحظ استغرابهم من عودته السريعة إلى البرلمان وبصحة جيدة، علمًا أن الناصر كان في عطلة مرضية في ذلك الحين.
وأضاف الناصر أن وزير الدفاع عبد الكريم الزبيدي أكد له، فيما بعد، أن هدف تحرك نواب "النهضة" و"تحيا تونس" هو الدعوة لعقد جلسة عامة استثنائية خارقة للعادة، لإقرار الشغور في منصب رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي نتيجة وضعه الصحي، وتعويضه برئيس الحكومة آنذاك يوسف الشاهد استنادا إلى الفصل 84.

 رئيس الحكومة الأسبق ورئيس حركة "تحيا تونس" يوسف الشاهد عبر، اليوم الثلاثاء، عن استنكاره لما وصفه بـ"عودة ماكينة الكذب والتشويه" التي تستهدفه.

وأكد الشاهد، في تدوينة نشرها على صفحته الرسمية على "فيسبوك"، أن ذلك صادر عن "نفس الأشخاص الذين امتهنوا تزييف الوقائع والتمعش من الأزمات والمستنقعات واستباحة شرف الناس"، مؤكدا "لجوءه إلى القضاء لكشف الحقيقة".

وقال الشاهد: "التزمت الصمت لفترة طويلة، ولكن لهؤلاء أقول: إنّ زمن الانقلابات قد ولّى وانتهى، فاستعدوا بسرعة لأن ردنا عبر القضاء سيكون قاسيا وسوف تكشف الحقيقة.. والحجة على من ادعى...". 

وتساءل النائب السابق عن حركة "تحيا تونس"، الصحبي بن فرج، عن سبب طرح هذا الموضوع في هذا الوقت بالتحديد. وكشف في تصريح لإذاعة "موزاييك" أنّه هو من طلب من مدير الديوان أن يُلِح على محمد الناصر للحضور إلى البرلمان، قائلا: "كنّا نخاف من الشغور المزدوج، لذلك أكّدنا على حضور محمد الناصر إلى البرلمان في ذلك اليوم".

وأضاف: "كيف لنا أن نخطط لانقلاب ونحن اتصلنا عدّة مرّات بمحمد الناصر للحضور للبرلمان.. وبعد وفاة الباجي قائد السبسي، غايتنا الوحيدة كانت ضمان انتقال السلطة بسلاسة وسرعة".

من جهته، نفى عبد الفتاح مورو وجود نيّة لتنفيذ انقلاب، معتبرا أن هناك "نيّة لإيهام الجميع بأنّني ساهمت في عملية الانقلاب، وهي أخبار لا أساس لها من الصحة.. أنا قمت بمهمتي كنائب رئيس المجلس لا أكثر من ذلك".

وأضاف: "هذه استهانة بمؤسسات دولتنا... الحمد لله أنّني غادرت الحياة السياسية، لكن ما يقال عيب كبير".

وقالت النائبة عن تحيا تونس هاجر بالشيخ أحمد، لتلفزيون التاسعة الخاص، إن "الحديث عن انقلاب رئيس الحكومة يوسف الشاهد والنهضة على الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي هو مجرد سخافات وأوهام".

وأضافت هاجر بالشيخ أحمد أن "حديث وزير الدفاع السابق عبد الكريم الزبيدي مغالطة، لأنه لم يتحدث عن تفاصيل الانقلاب ولم يبلغ القضاء".
وأكدت هاجر بالشيخ أحمد أن "تونس شهدت في تلك الفترة عملية إرهابية، ولا يمكن خلالها التفكير في الانقلاب".
وأكد الزبيدي، في بيان حول هذا الجدل، أنه "لم يفوّض لأحد بأن يتحدث نيابة عنه، بأي شكل من الأشكال"، وأن "كل تصريح أو موقف يلزم صاحبه"، وأنه "ليس ممن يختبئ وراء متحدثين باسمه".
وقال في البيان: "تبعا للجدل الدائر بشأن ما ورد في كتاب محمد الناصر، رئيس البرلمان في تلك الفترة ثم رئيس الجمهورية المؤقت، (جمهوريتان، تونس واحدة)، والمتعلق بكواليس ما حدث يوم الخميس 27 يونيو 2019، يهمني أن أوضح للرأي العام الوطني أنني، وكما خبرني التونسيون طيلة سنوات قيامي بالواجب في مسؤوليات حكومية، لم أتردد يوما في الإصداع بكلمة الحق، لا حسابات لي سوى مصلحة وطني بالأمس واليوم وغدا… وسيأتي اليوم الذي سأقدم فيه شهادتي مفصلة عن سنوات تحملي للمسؤولية في وزارة الدفاع الوطني بعد 14 يونيو 2011، ولكن ما يهمني أن أوضحه اليوم أني قمت بما أملاه علي واجبي وضميري منذ تعرض الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي للأزمة الصحية، من خلال موقعي في وزارة الدفاع، للمساهمة في تأمين السير العادي لدواليب الدولة وقطع الطريق أمام المغامرين والمقامرين في كنف الاحترام التام للدستور".
دلالات