سفيرة أميركا لدى الأمم المتحدة: تجديد آلية المساعدات العابرة للحدود في سورية "يحظى بأولوية"
قالت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس غرينفيلد، لـ"العربي الجديد"، إنّ تجديد آلية المساعدات العابرة للحدود في سورية "أمر ضروري ويحظى بأولوية لأنه سينقذ حياة الكثيرين"، محذرة من أنّ "فشل مجلس الأمن في تمديد الآلية سيعرّض حياة الآلاف للخطر".
وكانت السفيرة قد أكدت، خلال مؤتمر صحافي عقدته بعد انتهاء جلسة مجلس الأمن الدولي حول الوضع الإنساني في سورية، الأربعاء، أنها ستعمل بشكل حثيث لتجديد آلية إدخال المساعدات، مؤكدة أنه "لا يوجد أي خطط بديلة من ذلك".
ورداً على أسئلة إضافية لمراسلة "العربي الجديد" في نيويورك، عن مدى تفاؤلها بالتوصل إلى اتفاق في الموضوع مع الجانب الروسي، وما إذا كانت هناك خطط ثانية أو بديلة في حال استخدام الروس حق النقض (فيتو) ضد قرار التمديد، قالت السفيرة الأميركية: "لا يوجد خطة أخرى، الخطة التي لدينا هي الاستمرار والضغط من أجل التمديد للآلية العابرة للحدود (..) خطة أخرى ستعني أننا فشلنا، وآمل أننا لن نصل إلى ذلك".
وكان الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، قد حذر، خلال الجلسة، من استمرار تدهور الأوضاع الإنسانية في سورية، مناشداً الدول الأعضاء في مجلس الأمن تجديد الآلية العابرة للحدود والتي تنتهي مدتها الشهر المقبل، واصفاً الوضع الإنساني للكثير من السوريين اليوم بأنه "الأسوأ منذ بدء الصراع"، حيث توجد قرابة 13.4 مليون شخص يحتاجون إلى المساعدات الإنسانية، وهناك 12.4 مليون سوري يعانون من انعدام الأمن الغذائي.
يذكر أنّ هذا الاجتماع هو الأخير قبل التصويت على التمديد للقرار 2533 (2020) حول تقديم المساعدات العابرة للحدود لشمال شرق وشمال غرب سورية الذي ستنتهي صلاحيته في 11 يوليو/ تموز المقبل.
وحالياً يمكن تقديم المساعدات العابرة للحدود فقط من معبر باب الهوى على الحدود التركية السورية، وذلك بعد إغلاق معابر أخرى، كباب السلام واليعربية، جراء اعتراض روسيا والصين واستخدامهما "حق النقض" (فيتو) خلال الأعوام الماضية ضد قرارات كانت تنوي التجديد لتقديم المساعدات عبر تلك المعابر واقتصار الموافقة فقط على تقديمها عبر باب الهوى.
وتحدث غوتيريس عن انخفاض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 60% منذ عام 2011، فيما أشار إلى اختفاء الوظائف وارتفاع الأسعار بشدة، فضلاً عن ندرة البضائع التي أجبرت السوريين على تقليل كمية الوجبات، أو حتى التخلي عن بعضها، بحسب ما قال.
وأكد أن الجفاف زاد من تفاقم الأزمة الاقتصادية، مشيراً إلى نقص المياه وانخفاض منسوب مياه الفرات، محذراً كذلك من وقف عمل سدَّي تشرين والطبقة، ومعهما وقف توليد الكهرباء في حال استمرار انخفاض منسوب المياه.
وقال غوتيريس: "على الرغم من استمرار وقف إطلاق النار إلى حد كبير، إلا أن الانتهاكات مستمرة، بما في ذلك الهجوم المروع على مستشفى الشفاء في وقت سابق من هذا الشهر".
وأضاف أنّ الأمم المتحدة تقود أكبر عملية مساعدات إنسانية حول العالم في سورية، لافتاً إلى أنها تحتاج إلى 4.2 مليارات دولار لسد حاجة السوريين للعام الحالي، و5.8 مليارات دولار أخرى لدعم اللاجئين في المنطقة، مناشداً المانحين تقديم حجم أكبر من المساعدات، وموضحاً أنّ الأمم المتحدة حصلت حتى الآن على 636 مليون دولار فقط لصندوق الاستجابة الإنسانية وقرابة 600 مليون دولار للاستجابة الإقليمية، مؤكداً أنّ تلك الأموال "لا تسدّ إلا جزءاً بسيطاً من الحاجة".
وأوضح الأمين العام أنّ أكثر من 70% من السوريين في منطقة الشمال الغربي بحاجة إلى مساعدات أساسية للبقاء على قيد الحياة، مشيراً إلى وجود 2.7 مليون نازح سوري في تلك المنطقة.
من جهته، قال مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية راميش راجاسينغهام، في إحاطته أمام المجلس، إنّ أغلب السوريين يواجهون تحديات كبيرة بسبب بلوغ أسعار السلع مستويات قياسية، فضلاً عن شحّها أصلاً.
وأكد راجاسينغهام انتشار وباء كورونا في سورية بنسب عالية تفوق الأرقام الرسمية، مشيراً إلى أن ضعف المنظومة الصحية يزيد من المعاناة والتحديات التي يعتبر عدم توفير المستلزمات الطبية واللقاح الكافي جزءاً منها، لافتاً إلى الآثار الوخيمة لانتشار الفيروس على الطواقم الطبية، على الرغم من إعطائها الأولوية بالحصول على اللقاحات.
وأكد أن الأمم المتحدة، ومن طريق مبادرة "كوفاكس"، تمكنت من تقديم 97 ألف جرعة لقاح للسوريين في المناطق التي يسيطر عليها النظام، و26 ألف جرعة في شمال شرق سورية، وهو ما يعني أن تلك اللقاحات غطت فقط 0.5% من السوريين.
وعبّر راجاسينغهام عن قلقه من زيادة الأعمال العدائية شمال غربي سورية، الشهر الماضي، التي أدت إلى سقوط العديد من الضحايا المدنيين وتشريد أكثر من 11 ألف مدني، كذلك عبّر عن صدمته من الهجوم على مستشفى الشفاء المدعوم من الأمم المتحدة في عفرين في الـ 12 من الشهر الحالي، حيث أدى الهجوم إلى مقتل ما لا يقل عن 19 مدنياً، بينهم 3 أطفال و4 عاملين في المجال الإنساني، فضلاً عن إصابة 40 آخرين بجروح.
وقال إنّ مستشفى الشفاء من أكبر المستشفيات الطبية في شمال سورية، إذ كان قبل الهجوم يقدم ما يعادل 15 ألف خدمة طبية شهرياً، بما فيها 250 عملية جراحية متخصصة، مشيراً إلى أنّ الهجمة على المستشفى أدت إلى تعطل العمل فيه بعد أن أصاب صاروخ غرفة الطوارئ وسقط آخر في غرفة الولادة، ما أدى إلى تدمير الوحدتين وقسم العيادات الخارجية وغرف الأشعة.
وحذر من الإخفاق في تمديد التفويض إلى الآلية العابرة للحدود، مؤكداً أن من شأن ذلك أن يعطل وصول المساعدات المنقذة للحياة لـ 3.4 ملايين سوري يحتاجون لها في الشمال الغربي.