تنتهي حملات الانتخابات المحلية في تونس يوم غد الجمعة. ورغم تصاعد نسقها بشكل طفيف في أسبوعها الأخير، إلا أن الخبراء يصفونها بالهزيلة والضعيفة متوقعين إقبالا محتشما على صناديق الاقتراع الأحد القادم.
ويدخل المترشحون بعد غد السبت الصمت الانتخابي، حيث يمنع القانون أي شكل من أشكال الحملة والدعاية الانتخابية قبل يوم من التصويت العام الأحد، كما يمكن الذهاب إلى دورة انتخابية ثانية في شهر يناير/كانون الثاني 2024 في حال تساوي المترشحين في بعض الدوائر خلال الدور الأول.
وانطلقت الحملة الانتخابية منذ 2 ديسمبر/كانون الأول وامتدت إلى 3 أسابيع حتى الجمعة 22 ديسمبر الحالي، مسجلة ترشح 7205
أفراد في أول انتخابات محلية من نوعها تقوم على نظام الأفراد بدل القوائم الحزبية، ومن بين هؤلاء 1028 مترشحا من ذوي الإعاقة، سيتنافس الجميع في 2155 دائرة انتخابية.
وتدور الانتخابات المحلية على مستوى العمادات (وهي أصغر منطقة إداريا وعددها 2073 عمادة) سينتخب سكانها ممثلا واحدا عنها، ثم يتم في مرحلة تالية انتخاب أعضاء المجلس الجهوي (على مستوى المحافظة) عبر القرعة بين أعضاء المجلس المحلي، بحسب النظام الانتخابي الذي صاغه الرئيس قيس سعيد بمفرده.
والمجلس المحلي هو مجلس تمثيلي منتخب في كل معتمدية (264 منطقة معتمدية) لمدة نيابية محددة بـ5 سنوات يضم على الأقل 5 أعضاء منتخبين في كل عمادة مع نائب يمثل ذوي الاحتياجات الخاصة يتم اختياره عن طريق القرعة بالمعتمدية التي ينتمي إليها.
ويفترض أن تقود هذه الانتخابات في مرحلة أخيرة لاختيار أعضاء مجلس الجهات والأقاليم وعددهم 77 عضوا، وهو مجلس مركزي سيمثل الغرفة الثانية المنصوص عليها في الدستور الجديد الذي كتبه الرئيس سعيد بمفرده وعرضه على استفتاء شعبي في 25 يوليو/تموز 2022.
عوامل ضعف في حملات الانتخابات المحلية في تونس
وبيّن رئيس المنظمة التونسية من أجل نزاهة وديمقراطية الانتخابات "عتيد" بسام معطر، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "نسق الحملة الانتخابية المحلية تحسن بشكل طفيف في أسبوعها الأخير، بوجود بعض مظاهر التواصل المباشر وتلصيق صور المترشحين"، مشيرا إلى أن "نسق الحملات الانتخابية في تونس منذ بدايتها عموما ضعيف، فهناك مواطنون لم يتواصلوا بعد مع المترشحين، وهو ما يفسر تساؤلات الناخبين عمن سينتخبون وعن برامجهم".
وتابع معطر: "لا يوجد زخم انتخابي وحراك وتظاهرات في الشارع أو معلقات واجتماعات عامة ولقاءات، كما تعودنا في محطات انتخابية سابقة، إلا من بعض التواصل المباشر على قدر مستطاع المترشحين".
وفسر رئيس منظمة عتيد "أن سقف تمويل الحملة الانتخابية الضعيف، هو أحد أهم عوامل ضعف الحملات الانتخابية والإشكال الثاني هو مقاطعة تنظيمات كالأحزاب والائتلافات عن هذه الانتخابات بسبب نظام الأفراد، كما أن الغالبية من المترشحين تعد هذه الانتخابات أول مشاركة لهم فهم لا يمتلكون تجربة أو ميكانزمات الدعاية الانتخابية".
وأشار إلى أن "الوضع العام في البلاد أثر على الحملة الانتخابية وكذلك الأحداث في غزة، فالمواطن يتابع ما يحدث في فلسطين أكثر من متابعته للشأن الانتخابي".
حملة باهتة
من جهته، اعتبر المدير التنفيذي لمرصد شاهد لمراقبة الانتخابات ودعم التحولات الديمقراطية، ناصر الهرابي، في تصريح، لـ"العربي الجديد" أن "الحملة الانتخابية انتهت تقريبا وقد كانت إجمالا حملة باهتة، رغم تصاعد النسق بشكل طفيف في أيامها الأخيرة".
وبين الهرابي أن ذلك يعود لعدة ظروف "منها الوضع الاقتصادي والاجتماعي والمعيشي للتونسي الذي لم يتحسن وكذلك غياب التمويل العمومي ونظام الاقتراع الذي لا يشجع على المنافسة بين المترشحين وكذلك العدد الضئيل للمترشحين، فهناك دوائر بمترشح وحيد ما يعني أن النتيجة محسومة وسيفوز دون أي حملة أو تنافس، وكذلك دوائر بمترشحين في مناطق مختلفة من نفس الدائرة بما يضعف التنافس بينهما".
وأفاد بأن "حملة الانتخابات المحلية في تونس مشابهة للحملة التشريعية الماضية، فقد اكتفى المترشحون بالتواصل المباشر مع الناخبين وتعليق الصور بينما البرامج تعوقهم في غياب قانون يضبط صلاحيات هذه المجالس بما يجعل من الوعود غير قابلة للتحقيق".
وشدد الهرابي على أن "المنظمات والخبراء نبهوا لذلك منذ طرح المرسوم الانتخابي عدد 10 الذي يعد عاملا رئيسيا في ضعف الحملات، بسبب اعتماد نظام اقتراع يقوم على الأفراد بدل الأحزاب والائتلافات التي كانت تساهم في التأطير والتكوين وتنظيم التظاهرات والحوارات والنقاشات والدعاية، بالإضافة إلى سقف التمويل العمومي والإنفاق، مما صعّب المسألة أمام المترشحين، وخصوصا الشباب والطلبة، وخلق تفاوتا في الفرص وعدم تكافؤ بين من يمتلكون الإمكانيات وباقي المترشحين".
واعتبر الهرابي أن "النسق الهزيل لحملة الانتخابات المحلية في تونس سينعكس بشكل مباشر على الإقبال على التصويت والاقتراع، باعتبار عدم تحسيس المواطنين بالشكل الكافي وعدم تواصل المترشحين مع الناخبين مما يرجح أن تكون النسب ضعيفة وربما لن تبتعد عن نسب الإقبال والمشاركة في الانتخابات التشريعية للغرفة الأولى في 2022".