يحذّر عدد من المعلقين الإسرائيليين من احتمالات اتساع جبهات القتال، رغم التصريحات الإسرائيلية بمحاولة التركيز في العدوان على قطاع غزة، مع تصاعد الحديث عن "نفاد الصبر إزاء إيران وحلفائها"، واحتمالية خروج الوضع في المنطقة عن السيطرة.
وينعكس ذلك أيضاً في تصريحات وزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالانت، الذي قال، أمس الثلاثاء، إن إسرائيل تقاتل على سبع جبهات، على حد تعبيره. وألمح إلى تنفيذ أعمال "انتقامية" في العراق واليمن وإيران، رداً على هجمات ضد إسرائيل، مع اتساع نطاق الحرب الدائرة في قطاع غزة إلى مناطق أخرى في المنطقة.
وقال غالانت في الكنيست الإسرائيلي "نحن في حرب متعددة الجبهات ونتعرض للهجوم من سبع مناطق: غزة ولبنان وسورية و"يهودا والسامرة" (الضفة الغربية المحتلة) والعراق واليمن وإيران. وقمنا بالرد بالفعل واتخذنا إجراءات في ست من هذه المناطق".
واعتبر المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، في مقال كتبه اليوم الأربعاء، أن عملية اغتيال قائد الإسناد بـالحرس الثوري الإيراني في سورية، العميد رضي موسوي، في منطقة السيدة زينب، بريف دمشق، هي واحدة من التطورات الأكبر في الحرب حتى الآن.
وأشار إلى أن مقتله فُهم في المنطقة على أنه "إشارة إسرائيلية، بأن إيران لن تكون حصينة، طالما بقيت تبادر وتمول الإرهاب من خلال مبعوثيها. كما أن هذا التطور يقربنا من احتمال المزيد من التصعيد مع حزب الله، وربما أيضاً مع الإيرانيين على الجبهة الشمالية".
ويرى الكاتب أنه منذ 7 من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، فإن إيران تدعم حركة حماس وجهات أخرى في المنطقة بشكل علني، ولكنها تحاول تفادي إدخال نفسها إلى خط النار مع إسرائيل والولايات المتحدة
وأضاف: "يمكن الافتراض بأن الصبر الإسرائيلي بدأ ينفد"، وأن الوضع مرجّح للتصعيد، على خلفية مواصلة الحوثيين في اليمن استهداف حركة السفن في البحر الأحمر، "إلى جانب هجوم إيراني مباشر ضد سفينة لها علاقة بإسرائيل في المحيط الهندي، وكذلك استمرار إطلاق الصواريخ المضادة للدروع والقذائف الصاروخية بشكل مكثف من قبل حزب الله في لبنان، هذا بالإضافة إلى تقارير حول هجمات إلكترونية في إيران تُنسب إلى إسرائيل وطاولت محطات الوقود في الدولة".
وأشار إضافة إلى هذا كله، إلى "الهجوم الأميركي على مواقع للمليشيات الموالية لإيران في العراق يوم أمس، كرد على إطلاق قذائف صاروخية على قواعد عسكرية أميركية في العراق وسورية أسفرت عن إصابة ثلاثة جنود أميركيين".
ورأى المحلل العسكري الإسرائيلي، أن إيران وحزب الله تجنّبا منذ عملية "طوفان الأقصى"، الانضمام إلى الحرب ضد إسرائيل بشكل كامل، لكن مع هذا فإن "الدعم الإيراني للحرب كبير، ويبدو أن إسرائيل تعتقد بأنه تجاوز الخطوط الحمراء".
ولفت إلى أن إسرائيل حذرة في العادة من المواجهات المباشرة مع الإيرانيين وحزب الله، "والآن، يبدو أن بعض القيود قد رُفعت (..) كما هدد مسؤولون إيرانيون، بينهم الرئيس ووزير الخارجية، إسرائيل، برد مباشر على عملية الاغتيال، ومن المرجح أن يأتي ذلك بالفعل".
أما السؤال الذي لم تتضح إجابته بعد، برأي الكاتب، إن كان الرد سيكون عينياً، من خلال تكثيف إطلاق النار باتجاه الشمال، أم محاولة اغتيال شخصية إسرائيلية في الخارج، أم الانتقال إلى مرحلة جديدة، بحيث تقترب من مواجهة كاملة وأكثر شدة مع حزب الله بدعم من إيران.
ويتابع "السياسة الإسرائيلية المعلنة تؤكد أنه من الأفضل مواصلة التركيز على حماس في قطاع غزة وعدم التورط الآن في حرب إقليمية أوسع. لكن العمليات على الأرض تنتج خطراً، ليس مؤكداً أن بالإمكان وقفه".
تهديدات استثنائية
من جهتها، اعتبرت مراسلة ومحللة الشؤون العربية في "يديعوت أحرونوت" سمدار بيري، أن "التهديدات التي أطلقتها القيادة الإيرانية بعد اغتيال موسوي بدت استثنائية بحدّتها"، مشيرة إلى أن "إيران لم تستكف هذه المرة فقط بالإعلان عن عملية الاغتيال وتهديد إسرائيل بأنها ستدفع ثمناً كبيراً، ولكنها حاولت أمس تنفيذ عملية خارج السفارة الإسرائيلية في العاصمة الهندية نيودلهي".
ولا شك، في رأي بيري، بأن إيران ستواصل محاولتها، وأن خارطة الأهداف تتسع، وسيتوجب على إسرائيل تعزيز التدابير الأمنية وزيادة التحذيرات والتعليمات لاتخاذ إجراءات عملية.
واعتبرت أن "إيران هددت بشكل صريح على مدار سنوات بأنها لن تهاجم إسرائيل بواسطة النووي فقط، وإنما على الأرض أيضاً، وهذا بالضبط ما تفعله الآن من خلال المنظّمات التي تقوم بتفعيلها في الدول المختلفة".
"الأمور قد تخرج عن السيطرة"
من جهته، اعتبر الباحث الإسرائيلي في الشأن الإيراني والمحاضر في جامعة تل أبيب دافيد مانشري، في حديث لصحيفة "معاريف"، أن "الأمور قد تخرج عن السيطرة"، قائلا "إيران وإسرائيل غير معنيتين بذلك، لكن عندما يهاجمون (أي الإيرانيين أو حلفاءهم) سفينة إسرائيلية، قرب حدود الهند، وعندما يتلقّون رداً من قبل إسرائيل أو الولايات المتحدة، فإن الأمور قد تخرج عن السيطرة".
وتابع في رده على سؤال، "لا يوجد حل سهل لهذا الوضع بالنسبة لإسرائيل. نحن بحاجة إلى التفكير فيما نقوم به: هل ندخل حرباً في لبنان من شأنها تحريك الأميركيين، ومن يدري أي قوات أخرى ستدخل في هذه الحالة (على الخط)، لأن هناك أيضًا قوى عظمى أخرى لها حسابات في المنطقة، مثل الروس والصينيين.. يمكن أن تخرج الأمور عن السيطرة وبالتالي ليس الأمر بأن ثمة من وجّه ضربة إلى هذا الجنرال أو ذاك، لأن هذا لا يزال أمراً هامشياً، والسؤال هو ما إذا كان ذلك يخلق حافزًا لشيء أكبر".