شهدت القدس المحتلة تأهباً كبيراً، اليوم الاثنين، في ظل ما يُسمى "صلاة بركة الكهنة"، المرتبطة بـ"عيد العرش" اليهودي الذي يستمر حتى السادس من أكتوبر/تشرين الأول الجاري، حيث اندلعت توترات واعتقالات في مشهد متوتر.
وأعلنت شرطة الاحتلال الإسرائيلي استكمال استعداداتها تزامناً مع الصلاة التي انطلقت صباحاً، وقررت في أعقاب جلسة تقييم أمني نشر المئات من قواتها في القدس، خاصة في منطقة البلدة القديمة.
ويُجري عناصر شرطة الاحتلال إجراءات أمنية مشددة وتفتيشا للقادمين إلى المكان، وتنظم حشود المستوطنين المقتحمين للبلدة القديمة، حيث من المتوقع وصولهم إلى منطقة حائط البراق بأعداد كبيرة.
وحذّرت شرطة الاحتلال من احتمال توتّر الأجواء في القدس المحتلة ووقوع مواجهات مع الفلسطينيين، خاصة في ظل ما وصفته بـ"الأخبار الكاذبة" حول "تغيير إسرائيل سياستها وانتهاك الوضع القائم" في المسجد الأقصى المبارك.
وتمتد تأهبات شرطة الاحتلال إلى سائر المناطق، بما في ذلك المجمّعات التجارية وشواطئ البحر والأماكن التي تستوعب عدداً كبيراً من الأشخاص، حيث تنشر الآلاف من عناصرها تحسباً لوقوع عمليات.
ولا يقتصر تأهب الشرطة على القدس فقط، بل امتد إلى مدن أخرى أيضاً، بعدما استأنف مئات المستوطنين المتطرفين اقتحاماتهم للمسجد الأقصى في ثالث أيام عيد "العرش" اليهودي بحماية قوات الاحتلال الإسرائيلي الخاصة.
وسبق اقتحامات اليوم قيام شرطة الاحتلال بمداهمة مصليات القبلي والمرواني والرحمة، بحثاً عن مرابطين قد يكونون مكثوا في هذه المصليات.
يذكر أن نحو 750 مستوطناً اقتحموا الحرم القدسي أمس الأحد، بينهم عضو الكنيست الإسرائيلي إسحاق كرويزر من حزب "عوتسما يهوديت" (القوة اليهودية)، الذي يتزعمه وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير.
وعادة ما تحوّل قوات الاحتلال حياة المقدسيين إلى جحيم خلال فترة الأعياد اليهودية، وتفرض عليهم إغلاق محالهم، لا سيما أن جماعات الهيكل المزعوم توعّدت بتحطيم أرقام قياسية من حيث عدد المقتحمين هذا العام.
استئناف الاقتحامات
وأكد المتحدث باسم دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس محمد الأشهب، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن عدد المستوطنين المقتحمين المسجد الأقصى اليوم الاثنين 1478 مقتحماً، منهم 326 خلال فترة ما بعد الظهيرة، و1152 في الفترة الصباحية.
وانتهت الجولة الأولى من اقتحامات المستوطنين للمسجد الأقصى باقتحام 1152 مستوطناً بحماية قوات الاحتلال الإسرائيلي.
وكان مئات المستوطنين المتطرفين استأنفوا اقتحاماتهم، اليوم الاثنين، للمسجد الأقصى بحماية قوات الاحتلال الإسرائيلي الخاصة، حيث اقتحم ما مجموعه 567 مستوطناً باحات المسجد خلال ساعة واحدة فقط في هذا اليوم.
وأكد مصدر في دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس، فضل عدم ذكر اسمه، في حديث لـ"العربي الجديد"، ارتفاع أعداد المقتحمين للمسجد الأقصى منذ بدء اقتحامات الجولة الأولى، والمستمرة حتى الآن، إلى 567 مستوطناً مقتحماً.
في الأثناء، تقوم قوات الاحتلال بالاعتداء على المرابطات في منطقة باب السلسلة بالبلدة القديمة من القدس، حيث أفيد بإصابة المرابطة عايدة الصيداوي برضوض بعد دفعها وإلقائها أرضاً، ثم جرى اعتقالها والمرابطة هنادي الحلواني.
كما تعرقل قوات الاحتلال عمل الطواقم الصحافية في المكان، وتحاول إبعادها بالتزامن مع منع عدد من حراس الأقصى من دخول المسجد أو مرافقة مجموعات المقتحمين.
في وقت سابق من اليوم، قال مصدر في دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس، تحفظ عن ذكر اسمه، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "ما مجموعه 374 مستوطناً اقتحموا الباحات خلال ساعة في ثالث أيام احتفالاتهم بما يسمى عيد العرش"، موضحاً أن "هذا عدد كبير يسجل في زمن قصير".
ولفت المصدر إلى أن "هناك أعداداً أخرى كبيرة من المستوطنين تجتمع حالياً عند مدخل باب المغاربة، حيث يعتزمون أيضاً اقتحام المسجد الأقصى". وذكر أنه "في هذه الاقتحامات يشارك حاخامات وقادة جمعيات استيطانية، والحاخام الأكثر تطرفاً هو يهودا غليك، الذي قاد منذ الصباح عدة مجموعات من المستوطنين في أداء صلوات وطقوس تلمودية داخل باحات المسجد. بعد ذلك، غادروا المسجد وتجمعوا خارجه من بوابة السلسلة، حيث أقاموا حلقات رقص استفزازية ورفعوا هتافات عنصرية".
حزب التجمّع الوطني الديمقراطي في الداخل الفلسطيني يدين اقتحامات المسجد الأقصى
في غضون ذلك، دان "التجمع الوطني الديمقراطي" الاعتداءات المتكررة من قبل المستوطنين واقتحامهم المسجد الأقصى وتدنيسهم له عبر ما يقومون به من طقوس تلمودية في باحاته بأعداد كبيرة، والتي تأتي في ظل الأعياد العبرية بشكل خاص، حيث يخطط لمزيد من الاقتحامات للمسجد الأقصى تحت حماية وتنظيم الشرطة الإسرائيلية.
ودعا التجمّع في بيان "عموم شعبنا وأهلنا في الداخل إلى شدّ الرحال إلى القدس والأقصى في هذه الفترة العصيبة بالذات، حيث يقع على عاتقنا دعم أهلنا في القدس وحماية المسجد الأقصى من أي اعتداء آثم من الممكن أن يكون في الأيام القريبة القادمة".
وأنهى التجمّع بيانه محذرًا من أن "هذه الانتهاكات والتصعيد الاسرائيلي بمثابة قيادة المنطقة إلى تصعيد مقصود وزيادة التوتر في القدس بشكل خاص، وأن هذه الأفعال لا يمكن أن تمرّ مرّور الكرام على المستوى الشعبي والسياسي الفلسطيني".
وفي السياق، قال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية وشؤون المغتربين الأردنيين سفيان القضاة، اليوم الاثنين، إن إسرائيل ليست لها سيادة على القدس الشرقية المحتلة، مؤكداً أنها "لا تملك أي حق في فرض أي قيود على دخول المسجد الأقصى".
وشددت وزارة الخارجية وشؤون المغتربين، في بيان، على إدانتها "الاستمرار في الانتهاكات التي يقوم بها المتطرفون في المسجد الأقصى، والتقييدات التي تفرضها إسرائيل على الفلسطينيين في البلدة القديمة للقدس".
وتميزت الاقتحامات التي شهدها اليوم بمشاركة واسعة من الأطفال والنساء. بالإضافة إلى ذلك، شارك قدامى الجنود والضباط من جيش الاحتلال في هذه الاقتحامات وارتدوا ملابسهم المدنية.
وشوهدت شوارع البلدة القديمة في القدس تقريبًا خالية من السكان المحليين، حيث واصل المستوطنون تدفقهم نحو المدينة المقدسة ونفذوا مسيرات صاخبة هناك.
يذكر أن اقتحامات المستوطنين أثرت على وصول مئات التلاميذ إلى مدارسهم، سواء في المسجد الأقصى حيث تقع مدرستا الأقصى الشرعيتان للبنين وللبنات، أو في باقي مدارس البلدة القديمة.
كما أغلقت قوات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الاثنين، الحرم الإبراهيمي الشريف في مدينة الخليل، جنوبي الضفة الغربية، أمام المصلين المسلمين؛ بحجة الأعياد اليهودية، وذلك حتى الساعة العاشرة من مساء غد الثلاثاء.
وأفاد الهلال الأحمر الفلسطيني، في بيان، بأن قوات الاحتلال اعتدت بالضرب على فتاة تبلغ من العمر 33 عاماً في منطقة باب الزاوية في الخليل.
مداهمات واعتقالات
في سياق متصل، نفذت قوات الاحتلال مداهمات في مناطق مختلفة، ما أدى إلى اعتقال العديد من الفلسطينيين، بينهم الأسير المحرر قيس حاتم عرعراوي والشاب عبد الله عبد الحميد مبيض في جنين.
واعتقلت قوات خاصة إسرائيلية بمساندة جيش الاحتلال، صباح اليوم الاثنين، أسيرين محررين من مخيم جنين، هما صهيب يوسف سالم السعدي وعلي قاسم علي السعدي، وذلك عقب مداهمة مكان عملهما في مكب نفايات زهرة الفنجان جنوب جنين، فيما استولت قوات الاحتلال على شاحنة تعود لإدارة مكب النفايات قبل انسحابها، بحسب ما أكد لـ"العربي الجديد" مدير نادي الأسير الفلسطيني في جنين منتصر سمور.
بدوره، أفاد الهلال الأحمر الفلسطيني، في بيان، بإصابة شاب بجراح نتيجة الاعتداء عليه بالضرب من قبل جيش الاحتلال جنوب جنين، حيث جرى تقديم الإسعاف اللازم له وتحويله إلى مستشفى جنين الحكومي.
وفي مدينة يعبد جنوب غرب جنين، اعتقل الأسير المحرر حسن حمزة حرز الله بعد مداهمة منزله. كما اعتقل الشابان محمد بشكار ومحمد فهمي أبو عيشة من عسكر البلد شرق نابلس.
واعتقلت قوات الاحتلال الشابين محمود رضوان وصلاح عواد من بلدة ترمسعيا شمال رام الله. بينما اعتقلت الجريح محمد طارق الطيراوي والشاب فريد الطيراوي من مخيم الجلزون شمال رام الله.
ومن القدس، اعتقلت قوات الاحتلال الشبان كريم أحمد عبيد، ومحمد فوزي عبيد، ومجد وديع عبيد.
وأغلقت قوات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الاثنين، ثلاثة مداخل لبلدة سبسطية، شمال غرب نابلس، بالسواتر الترابية، وأبقت على المدخل الرئيس مفتوحا، بحسب تصريحات لرئيس بلدية سبسطية محمد عازم.
في حين شددت قوات الاحتلال الإسرائيلي إجراءاتها العسكرية في محيط مدينة نابلس، وأغلقت الحاجز الواصل بين مدينة نابلس وبلدة عصيرة الشمالية، والشارع الرابط بين اجنسنيا وزواتا، ومنعت الفلسطينيين من المرور منهما، لتأمين اقتحام المستوطنين منطقة جبل عيبال.
وفي بلدة برقة شمال نابلس، جرى تعطيل الدوام في المدارس بسبب إغلاق الاحتلال مدخل القرية ومواجهات شهدتها القرية مساء الأمس. وسجلت بلدتا قبلان وعقربا في جنوب نابلس اقتحامات من قوات الاحتلال.
إلى ذلك، أصيب عشرات الفلسطينيين بالاختناق بالغاز السام المسيل للدموع، واعتقل طفل، خلال مواجهات اندلعت اليوم الاثنين مع قوات الاحتلال الإسرائيلي في مخيم العروب شمال الخليل.
وهدم مستوطنون، اليوم الاثنين، غرفة زراعية في منطقة المرتبة في عين البيضا شرق بلدة يطا جنوب الخليل، تعود ملكيتها للمواطن غسان ظاهر دعاجنة.