لا يُقدّم لقاء وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد بنظيره الإسرائيلي غابي أشكنازي، في العاصمة الألمانية برلين، أي جديد في مسار التطبيع بين الطرفين، بعدما سارعت أبوظبي منذ توقيع اتفاق التطبيع في البيت الأبيض مع الاحتلال منتصف سبتمبر/أيلول الماضي لتوسيع شراكاتها معه في مختلف المجالات، ليأتي لقاء اليوم كمجرد تملّق إماراتي لإسرائيل، وهو ما أظهره الإعلام في تل أبيب بكشفه أن زيارة الوزيرين إلى نصب محرقة اليهود (الهولوكوست) في برلين جاءت بمبادرة من بن زايد، وفي ظل محاولة الأخير المزايدة على نظيره الإسرائيلي بالتشديد على أن هذه المحرقة لن تتكرر أبداً.
وزار الوزيران نصب محرقة اليهود في برلين. وتبادل أشكنازي وبن زايد التحية بضرب الكوع، ضمن تدابير الحد من تفشي فيروس كورونا، خلالها أول لقاء مباشر بينهما بعد توقيع دولتيهما اتفاقاً لتطبيع العلاقات بوساطة أميركية في منتصف سبتمبر الماضي. وجال الوزيران يرافقهما مضيفهما وزير الخارجية الألماني هايكو ماس، في موقع النصب. وقبيل الزيارة، كشف المحلل السياسي في موقع "والاه" باراك رافيد، نقلاً عما قال إنها مصادر مطلعة، أن زيارة النصب التذكاري، جاءت بمبادرة من الوزير الإماراتي، وهي "أول زيارة لمسؤول عربي رفيع للنصب التذكاري أو لمراسم تذكارية للمحرقة"، وفقاً لرافيد. وخلال الزيارة، كتب بن زايد في كتاب سجل الزوار موقّعاً "لن تتكرر" باللغتين الإنكليزية والعربية، في إشارة إلى المحرقة، وفق الإعلام الإسرائيلي. وأضاف أن "المكان يذكر بضحايا دعاة التطرف والكراهية من جهة، ويؤكد من جهة أخرى بقيم إنسانية نبيلة تدعو إلى التعايش والتسامح وهي ما تأسست عليها الإمارات". من جهته، وقّع أشكنازي على السجل وكتب "هنا في برلين، حيث يقع المقر الرئيسي للوحش النازي، الذي قرر مصير ستة ملايين من أبناء شعبي وأرسلهم إلى المحارق وغرف الغاز. كوزير للخارجية الإسرائيلية وقائد جيش سابق يرافقني وزير الخارجية الألماني ووزير خارجية الإمارات العربية المتحدة. وجودنا هنا معاً يرمز إلى بداية عهد جديد. حقبة سلام بين الشعوب. توقيعنا المشترك في الكتاب هو بمثابة صرخة وقسم مشترك: أن نتذكر وألا ننسى، وأن نكون أقوياء".
بحث الوزيران تقدم الاتصالات حول ملاحق اتفاقية التطبيع
من جهته، كان ماس قد استبق اللقاء واصفاً اتفاق التطبيع بين إسرائيل والإمارات بأنه "أول خبر جيد في الشرق الأوسط منذ وقت طويل، وفرصة لحركة جديدة في الحوار بين إسرائيل والفلسطينيين". وقال ماس إن "الشجاعة والثقة" هما المطلوبان في عملية السلام بالشرق الأوسط. وأضاف "يجب أن ننتهز هذه الفرصة، وألمانيا وأوروبا تريدان المساعدة. آمل أن تتمكن برلين من تقديم إطار عمل جيد لمناقشة مزيد من الخطوات على هذا المسار". وتابع "إنه لشرف كبير أن يختار وزيرا الخارجية الإسرائيلي والإماراتي برلين مكانا للقائهما التاريخي الأول". وكانت وزارة الخارجية الإسرائيلية قد قالت في بيان إن لقاء أشكنازي مع نظيره الإماراتي سيناقش إطلاق الرحلات الجوية بين البلدين وإصدار التأشيرات وفتح السفارات. فيما قال موقع "والاه" إن القمة الثلاثية بين أشكنازي وبن زايد وماس، طرحها ماس خلال لقاء جمعه قبل أسبوعين بسفيري إسرائيل والإمارات لدى بلاده، من دون الإشارة إلى جدول أعمال القمة. وإلى جانب القمة، التقى وزيرا خارجية إسرائيل والإمارات على انفراد "لبحث تقدم الاتصالات حول مختلف ملاحق اتفاقية السلام بين الدولتين".
في سياق غير بعيد، كان رجل الأعمال الإماراتي البارز، خلف الحبتور، يقول في مقال نشره في صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، إنه لن تكون هناك عودة لملايين اللاجئين الفلسطينيين في الشتات، إلى ديارهم التي هُجّروا منها إبان نكبة فلسطين، عام 1948. وكتب الحبتور "هناك حجة صحيحة تقول إن الإسرائيليين كانوا عنيدين، ولكن يمكن قول الشيء نفسه بالنسبة للفلسطينيين الذين ما زالوا مصرين على حق العودة للاجئين في سورية والأردن ولبنان، وأماكن أخرى". وأضاف "هذا لن يحدث أبداً، وهم يعرفون ذلك جيداً". وتابع "سيكون من الأفضل لهم مطالبة الدول المضيفة لهم، بهدم المخيمات والسماح للاجئين بالحق في العمل وامتلاك منازلهم". وأكمل الحبتور "ينقل اللاجئون آمالاً كاذبة لأطفالهم، مع مفاتيح المنازل السابقة التي امتلكها آباؤهم أو أجدادهم، ويحافظون على الكراهية العميقة للإسرائيليين على مر الأجيال، أعتقد أن هذا غير عادل لكلا الجيلين".
وقّع غانتس، 4 أوامر، صادر بموجبها أموالاً حوّلتها السلطة الفلسطينية و"حماس" إلى أسرى في السجون وعائلات شهداء
في مقابل ذلك، واصل الاحتلال استهداف الفلسطينيين، بتوقيع وزير الأمن الإسرائيلي بيني غانتس، 4 أوامر، صادر بموجبها أموالاً حوّلتها السلطة الفلسطينية وحركة "حماس" إلى أسرى في السجون الإسرائيلية وعائلات شهداء. وقالت صحيفة "جيروزاليم بوست" على موقعها، إن القرارات استهدفت "أموالا نقلتها حماس والسلطة الفلسطينية إلى أسرى فلسطينيين في السجون الفلسطينية وعائلات فلسطينيين قتلوا خلال هجمات". وأشارت إلى أن من بين القرارات مصادرة أموال تم تخصيصها لوالدة الشهيد عبد الرحمن شلودي، من بلدة سلوان بالقدس، الذي تتهمه إسرائيل بتنفيذ عملية دهس. ونقلت عن وزارة الأمن الإسرائيلية قولها في بيان أصدرته "إن هذه المدفوعات هي جزء من الأنشطة المنهجية والمنظمة للمنظمات الإرهابية، لتكثيف الهجمات والأعمال الإرهابية ومكافأة الأسرى وعائلاتهم". ودانت هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية توقيع غانتس. وأوضحت في بيان أن هذه التوقيعات تأتي في سياق التصعيد لقرصنة وسرقة المزيد من أموال عائلات الشهداء والأسرى، والتي تقدم لهم لتوفير الحد الأدنى من الحياة الكريمة، والتغلب على الصعوبات المعيشية التي يعتبر الاحتلال السبب الوحيد لها. وأضافت الهيئة "زعم غانتس لتمرير قراراته أن السلطة وحماس تدعمان شهداء وأسرى من الداخل الفلسطيني المحتل والقدس، نفذوا عمليات ضد الاحتلال بتحويل الأموال إلى عائلاتهم، وأنه يتوجب محاربة ذلك سريعا، وهو ما لم يتضمن أي إثباتات، ولم يتعدَ كونه حججا لجولة أخرى من الهجمة على المناضلين وعائلاتهم وسرقة أموالهم". وأشارت الهيئة إلى أنه في نهاية العام 2019، وقّع ما يسمى وزير جيش الاحتلال حينها نفتالي بينت، على قرار يقضي بمصادرة أموال أسرى من الداخل المحتل عام 1948، والتي يتلقونها من السلطة الفلسطينية ومصادرة أي أموال تتلقاها عائلاتهم. ودعت المجتمع الدولي للخروج عن صمته المعيب، والتحرك الفوري لوضع حد لجرائم الاحتلال بحق عائلات الشهداء والأسرى.
من جهة أخرى، نظمت لجنة المرأة في إقليم فتح شمال الخليل، وقفة رافضة للتطبيع ومساندة لمواقف القيادة الفلسطينية. ورفعت المشاركات في بلدة حلحول شمال الخليل، الأعلام الفلسطينية ولافتات رافضة للتطبيع.