تتكشف معلومات ومعطيات جديدة تخصّ قضية هروب الناشطة الجزائرية أميرة بوراوي من بلادها إلى تونس بطريقة غير قانونية، ومنها إلى فرنسا، فيما أوقفت السلطات الجزائرية والدتها وشقيقتها، مساء أمس السبت، للتحقيق معهما في القضية.
واقتادت مصالح الأمن والدة بوراوي وشقيقتها إلى مركز للأمن للتحقيق معهما في القضية، وما إذا كانتا على علم مسبق بتدبير أميرة للهروب من البلاد عبر الحدود بطريقة غير قانونية، ومحاولة الحصول على معلومات عما إذا كانت قد ساعدتها جهات على ذلك.
ويخضع للتحقيق في السياق نفسه، الصحافي مصطفى بن جامع، الذي يقيم في عنابة شرقي الجزائر (قرب الحدود مع تونس)، للاشتباه في إمكانية أن يكون قد ساعد أميرة على مغادرة التراب الوطني.
وأعلنت بوراوي في تصريحات صحافية بعد وصولها إلى فرنسا، أنها عبرت الحدود البرية بين الجزائر وتونس، دون مساعدة من أحد، حيث تصرّ على أنها عبرت بطريقة غير قانونية، لكن السلطات تشتبه في إمكانية أن تكون قد استخدمت جواز سفر والدتها للعبور، خصوصاً أن الناقلين بين الجزائر وتونس يستخدمون علاقاتهم في المعابر الحدودية، لسرعة طبع جوازات زبائنهم من الركاب، دون أن يضطر الركاب إلى النزول من السيارات، ما يمكن أن يسهم في حالة إفلات كهذه.
وقال محاميها التونسي هاشم بدرة، لـ"العربي الجديد"، إن بوراوي كانت قد حصلت لدى مركز للشرطة التونسية على محضر، زعمت من خلاله أنها أضاعت جواز سفرها الجزائري (على الرغم من أن جوازها محتجز لدى القضاء الجزائري منذ عام 2017)، وأضاف: "أؤكد لكم أن بوراوي قامت باستصدار محضر ضياع لجوازها الجزائري لدى مصالح الشرطة التونسية في مركز الشرقية القريب من مطار تونس، في محاولة منها لاستخدام هذا المحضر كمبرر لعدم وجود خاتم الدخول على جواز سفرها الفرنسي الذي قدمته إلى شرطة الحدود في المطار، خلال محاولتها الأولى الركوب في رحلة الجمعة الماضية، قبل توقيفها".
وأضاف المحامي التونسي: "لقد اطلعت على وثيقة ضياع جواز السفر الجزائري، وأعتقد أن أميرة كانت تعتقد أنها حين تقدم هذه الوثيقة إلى شرطة الحدود في المطار يسمح لها بالعبور، لكن ذلك لم يكن ممكناً لأن اسمها لم يكن مدرجاً في قائمة الدخول في نظام الإعلام الآلي لشرطة الحدود"، وهو ما أدى إلى توقيفها لغاية إحالتها على القضاء الاثنين الماضي.
وأشار إلى أن "بوراوي بقيت لدى مصالح شرطة الحدود بعد إعادة توقيفها مجدداً لدى خروجها من المحكمة الاثنين الماضي، من الساعة الواحدة ظهراً حتى مغادرتي للمركز في الساعة الخامسة والنصف مساءً، حيث تركتها في المركز". ونفى بدرة أن يكون هو من أبلغ مصالح القنصلية الفرنسية بوجود أميرة بوراوي، وأوضح أن زملاء لها اتصلوا به بشأنها، قد يكونون هم من أبلغوا القنصلية بقضيتها.
وتؤكد معلومات حصل عليها "العربي الجديد"، أن القاضية التونسية التي مثلت أمامها أميرة بوراوي (دون أن تكون على علم بطبيعتها السياسية) الاثنين الماضي، كانت قد قررت تأجيل جلسة محاكمتها عن تهمة الدخول إلى تونس خلسة، إلى يوم 26 فبراير/ شباط الحالي، بطلب من المحامي، بسبب عدم إحضار شرطة الحدود (باعتبارها القائم بالحق العام في القضية)، محضر "ضياع جواز سفر"، الذي كانت قد استصدرته من مركز الشرطة في تونس، وبطاقة الدخول التي تثبت للقضاء أنها غير مسجلة في نظام الدخول، ما يعني أن بوراوي كانت ستواجه تهمة أخرى تخصّ الادعاء الكاذب بضياع جوازها الجزائري.
وتشير المعلومات إلى أن وزارة العدل التونسية قررت القيام بتفقد تفتيشي في القضية، حيث سيتم الاستماع إلى القاضية التونسية التي بتت في القضية، يوم الأربعاء المقبل، للتثبت من سلامة كلّ الإجراءات التي جرت في هذه القضية التي تحولت إلى أزمة سياسية، وأثارت جدلاً كبيراً في الدول الثلاث، الجزائر، وفرنسا، وتونس.
وكانت الناشطة أميرة بوراوي قد تمكنت من الوصول إلى تونس آتية من الجزائر، بطريقة غير قانونية، عبر مسالك التهريب على الحدود البرية، لكونها ممنوعة من مغادرة التراب الجزائري، قبل أن تتمكن بتدخل من القنصلية الفرنسية (لحملها جواز سفر فرنسياً) لمنع إعادتها إلى الجزائر، من السفر إلى ليون الفرنسية.
وقرر الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، على خلفية هذه القضية مساء الأربعاء، استدعاء السفير الجزائري من باريس سعيد موسي للتشاور، احتجاجاً على تدخل المصالح الفرنسية لترحيل بوراوي إلى باريس، كذلك أبلغت الخارجية الجزائرية السفارة الفرنسية، مذكرة احتجاج قوي، إزاء ما وصفته "بعملية تهريب غير شرعية لمواطن جزائري، وانتهاك للسيادة الوطنية من قبل موظفين دبلوماسيين وقنصليين وأمنيين تابعين للدولة الفرنسية، شاركوا في عملية تسلل سرية وغير مشروعة لإحدى الدول".