"مجلس الحرب" الإسرائيلي يناقش الصفقة اليوم
مصادر إسرائيلية: المماطلة في إبرام صفقة قريبا يعرض الرهائن لمخاطر
على الرغم من تصريحات رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الرافضة لشروط حركة حماس لإبرام صفقة، والتأكيد على أن إسرائيل لا يمكن أن تقبل بها، فإنه لم يغلق الباب تماماً أمام صفقة محتملة، بحسب ما يرى عدد من المسؤولين والمعلّقين الإسرائيليين.
وقال مراسل الشؤون السياسية في صحيفة "هآرتس" يونتان ليس، اليوم الخميس، إن نتنياهو لم يغلق الباب أمام صفقة على الرغم من تصريحاته بشأن مقترح الصفقة الذي ورد في رد حركة حماس، وتوضيحه لوزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن والجمهور عامة بأن الاقتراح المقدّم لا يتيح أي تقدم في المفاوضات.
وأكد أن نتنياهو لم يعلن عن وقف المحادثات أو أن إسرائيل تتخلى عن المقترح، كما لم يقل بشكل واضح بأنه سيعارض إطلاق سراح أسرى فلسطينيين قاموا بعمليات أدت إلى مقتل إسرائيليين، واكتفى بالقول إن إسرائيل لم تلتزم بذلك.
وأشار الكاتب إلى أنه منذ استلام إسرائيل الورقة المقدّمة بشأن الصفقة فإن أعضاء الحكومة لم يجتمعوا لمناقشتها، كما أن "مجلس الحرب" سيناقشها فقط اليوم، بينما اعتبرت مصادر سياسية تحدثت للصحيفة أن تصريحات نتنياهو ضد الصفقة قد تساهم بتحضير الأرضية لمفاوضات في الأيام والأسابيع القريبة.
واعتبر مسؤول إسرائيلي، لم تسمه الصحيفة، أن حماس صاغت ورقة لا يمكن لإسرائيل قبولها، ولكنها قد تحمل مؤشرات إلى أن "الحركة مستعدة لإدارة مفاوضات وربما أيضاً مفاوضات جدية لاحقاً".
وبحسب مصدر آخر، لم تسمه الصحيفة، فإن سلسلة التصريحات التي أطلقها نتنياهو ضد مقترح حماس وعدد الأسرى الذين تطالب بإطلاق سراحهم، خاصة تصريحاته بشأن عمليات جيش الاحتلال الإسرائيلي المرتقبة في رفح ومخيمات أخرى للاجئين، "من شأنها أن تزيد الضغط على الحركة على أمل تليين موقفها".
لكن المصدر ذاته أشار أيضاً إلى أن "هذه مغامرة خطيرة"، وأن المماطلة في التوصل إلى صفقة مع حماس في الشهر القريب، "سيعرّض الرهائن لمخاطر جدية، كلما قام الجيش الإسرائيلي بتطويق أماكن اختباء قادة الحركة. وقد يؤدي هذا إلى مقتل الرهائن أو إصابتهم أو تعميق معاناتهم، حتى تصل الأطراف إلى تفاهمات".
وكانت عدينا موشيه، وهي إحدى المحتجزات التي جرى إطلاق سراحها، قد قالت في مؤتمر صحافي عقدته عائلات المحتجزين أمس، موجهة حديثها لنتنياهو: "أخشى من أن استمرارك بهذا الخط للقضاء على حماس، لن يبقي أسرى من أجل تحريرهم".
"حماس ليست تحت الضغط الذي نتصوره"
من جانبه، يرى رئيس الدراسات الفلسطينية في مركز "ديان" في جامعة تل أبيب ميخائيل ميلشتاين، الذي تحدّث اليوم لإذاعة 103 العبرية، أنه على الرغم من الحديث عن تلقي حماس ضربات كبيرة، إلا أن "هذه المنظمة في نهاية المطاف تقدّم رداً سلبياً جداً ولا تبدي أي مستوى من المرونة. أعتقد أنهم ليسوا واقعين تحت ضغط بالدّرجة التي نتصوّرها نحن. هم (في حماس) يرون تقليص قوات الجيش الإسرائيلي في غزة وأيضاً بداية عودتهم إلى شمال القطاع، وربما يكون الواقع ليس بهذا السوء. واليوم نتحدث عن عودة بعثات من الطرفين إلى القاهرة للتفاوض".
وأضاف: "تشير حماس في الصياغة التي مررتها قبل بضعة أيام، إلى أن الهدف الرئيسي للتسوية هو إنهاء الحرب بشكل نهائي. وفي مقابل ذلك سمعنا رد رئيس الوزراء بالأمس بأن هذا ليس شيئًا يمكن قبوله، ويبدو أنه يمكننا إيجاد نقطة في الوسط.. تبقي نهاية الاتفاق مفتوحة".
مفاوضات جدية أكثر
وكتب المراسل والمحلل السياسي باراك رافيد في موقع "والاه" العبري أن المسؤولين الإسرائيليين فوجئوا برد حماس على المقترح وشروط إطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين "والتي بدت وكأنها قائمة لهدايا رمضان مبالغ بها" من قبل حركة حماس.
وأضاف: "على الرغم من أن نتنياهو وصفها بالسخيفة، لكنه لم يعلن أنه يرفضها رفضاً تاماً"، كما اعتبر الكاتب أن الضغط الأميركي من أجل التوصل إلى هدنة سيدفع الأطراف قريباً إلى مفاوضات غير مباشرة في القاهرة بشأن التفاصيل.
ولفت إلى أن "عدداً غير قليل من المسؤولين الإسرائيليين الكبار يعتقدون بأنه على الرغم من النبرة العالية حالياً، فإن الأطراف ستدخل في غضون عدة أيام إلى محادثات جدية أكثر مما هي عليه اليوم".
"نتنياهو قرر التضحية بالمخطوفين"
بالمقابل، اعتبر الصحافي أوري ميسجاف، في مقال في صحيفة "هآرتس" اليوم، أن إسرائيل فشلت فشلاً ذريعا في محاولتها تحرير المحتجزين من خلال عملية عسكرية، مشيراً إلى مقتل عدد منهم خلال محاولات الوصول إليهم وإطلاق سراحهم.
واعتبر ميسجاف أن نتنياهو قرر التضحية بالمحتجزين وأن "قرار التضحية بالمخطوفين أدى إلى تغيير الأهداف المعلنة للحرب. توقف نتنياهو عن ترديد عبارة هزيمة حماس وإعادة المخطوفين، وانتقل للحديث عن النصر المطلق. وقد تمت صياغة هذا الهدف بشكل غامض وغير قابل للقياس.. بهدف منع التوصل إلى اتفاق وإطالة أمد استمرار القتال لخدمة مصالح نتنياهو الخاصة".
كما اعتبر أن التسريبات الصحافية الإسرائيلية حول موت 32 محتجزاً، ووجود 20 آخرين يُقدّر أنهم موتى، جاءت من "أجل تخفيف الإلحاح والشعور بضرورة الصفقة، بحيث أن العدد 84 (عدد المحتجزين الأحياء) أقل بكثير من 136، وهذا يخفض ثمن الصفقة"، برأي الكاتب.