تقدم في حملة شراء الأسلحة في العراق وتوعد بالسجن المؤبد للمتخلفين

19 يونيو 2024
متجر لبيع الأسلحة في مدينة الصدر شرق بغداد، 24 سبتمبر 2018 (أحمد الربيعي/ فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- أطلقت وزارة الداخلية العراقية حملة لشراء الأسلحة من المواطنين بأسعار مرتفعة وتحذيرات من عقوبات قاسية لمن يحتفظ بأسلحة ثقيلة، ضمن برنامج الحكومة لسحب السلاح من الشارع وتعزيز الأمن.
- تواجه الحملة تحديات بسبب الثقافة الشعبية التي تعتبر السلاح جزءًا من الحماية الذاتية ووجود فصائل مسلحة، مع تشكيك في قدرة الحكومة على حصر السلاح بيدها بشكل كامل.
- رغم النجاحات المعلنة والتفاؤل الحذر، يظل الطريق طويلاً نحو تحقيق هدف حصر السلاح بيد الدولة، مع التأكيد على أهمية تطبيق القانون بشكل عادل وفعال لضمان الأمن والاستقرار.

تتواصل حملة شراء الأسلحة في العراق بأسعار مرتفعة، في إطار حملة أطلقتها وزارة الداخلية لحصر السلاح في يد الدولة، محذرة بالوقت ذاته من مواجهة عقوبة السجن المؤبد لكل من يحتفظ بأسلحة ثقيلة ولا يسلمها للدولة، داعية الجميع الى التعاون معها في تسليم الأسلحة التي بحوزتهم، وسط تشكيك بنجاح خطط الحكومة في هذا الإطار.

وأعلنت وزارة الداخلية العراقية، في يناير/كانون الثاني الماضي، إطلاق مشروع جديد لـ"حصر السلاح في يد الدولة"، ويتضمن شراء الأسلحة من العراقيين، تنفيذًا لأحد بنود برنامج رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، القاضي بسحب السلاح من المواطنين، متعهدة بالحماية القانونية لأي مواطن يبيع سلاحه، مهما كان نوع السلاح خفيفا أو متوسطا أو ثقيلا. وتتم عملية الشراء عبر بوابة "أور" الإلكترونية الحكومية (موقع إلكتروني)، بالإضافة إلى فتح 697 مركزاً لشراء الأسلحة من المواطنين.

وهذه المرة الأولى التي تلجأ فيها السلطات الرسمية إلى شراء الأسلحة في العراق من أشخاص خارج الدولة، في إطار مشروع "حصر السلاح في يد الدولة" الذي رفعته كل الحكومات منذ عام 2005، من دون التقدم في هذا الملف، بل على العكس، فإن السلاح بات في المتناول، مسبباً كثرة في الجرائم والاعتداءات. وعلى مدى الأشهر الماضية تتواصل خطة الحكومة بنجاح متفاوت بين محافظة وأخرى في إطار مكافحة السلاح المنفلت.

والأسبوع الفائت، توعدت وزارة الداخلية من يمتلكون الأسلحة الثقيلة ويرفضون تسليمها بعقوبات قاسية تصل إلى السجن المؤبد. وقال المتحدث باسم لجنة تنظيم وحصر السلاح بيد الدولة في الوزارة، العميد زياد القيسي، في تصريحات للصحافيين، إن "عقوبات قاسية ستطاول كل من يحتفظ بالسلاح الثقيل ويرفض تسليمه للوزارة"، مشددا على أنه "سيتم القبض على كل من يمتلك هذا النوع من السلاح، وسيعرض نفسه إلى الإحالة وفق المواد القانونية والتي قد تصل عقوبتها إلى السجن المؤبد".

وأكد أن "الوزارة لا تمنع من يرغب بتسليم هذا السلاح إلى الدولة وإبعاد نفسه عن أي مساءلة قانونية"، مضيفا أن "الوزارة مستمرة بتنفيذ خطتها لمكافحة السلاح المنتشر في المجتمع، عبر فتح بوابات شراء السلاح من المواطنين لغاية نهاية العام الحالي 2024، وأن مطلع العام المقبل سيشهد توثيق بنك المعلومات الخاص بالحملة لكشف الحساب بالسلاح (غير المرخص)".

الحملة تحقق نجاحًا

واليوم الأربعاء، قال مسؤول بوزارة الداخلية العراقية في بغداد، لـ"العربي الجديد"، إن الحملة الحكومية باعتبارها الأولى منذ الغزو الأميركي للبلاد، تعتبر "ناجحة حتى الآن"، مؤكدا أن "الحملة نجحت حتى الآن في سحب أسلحة ثقيلة ومتوسطة وبأعداد غير قليلة من مدن مختلفة من العراق". وأضاف المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن هويته، أن "نسبة تجاوب المواطنين بالمدن أكبر من القرى والأرياف بطبيعة الحال، لكن نحن نعتبر المهمة طويلة الأمد، والسلاح كثير بالشارع ونسعى لسحبه بمغريات مالية أو بفرض القانون من خلال حملات التفتيش المتواصلة".

وأضاف أن "الوزارة قدمت تعهدات وضمانات قانونية لجميع المواطنين بعدم المساءلة القانونية واعتمدت أسلوب الشراء وبمبالغ مجزية بغية حصر السلاح"، مؤكدا أن "العقوبات واضحة بشأن السلاح الثقيل وهي تصل الى السجن المؤبد، وعلى المواطنين أن يحذروا خطورة ذلك ويعملوا على التعاون مع الأجهزة الأمنية وتسليم أسلحتهم الثقيلة".

استبعاد نجاح الحكومة في حملة شراء الأسلحة في العراق

ويؤكد ناشطون في مجال حقوق الإنسان، أهمية ودعم خطة الحكومة لشراء الأسلحة في العراق، رغم تأكيدهم صعوبة نجاحها في حصر السلاح بيد الدولة مع وجود أعداد كبيرة من الفصائل المسلحة والتنظيمات المرتبطة بالأحزاب. ويقول الناشط الحقوقي غانم العيداني من البصرة، لـ"العربي الجديد"، إنه "على مدى سنوات طويلة لم تنفذ الحكومات المتتابعة وعودها بإنهاء ظاهرة السلاح المنفلت، لكن حكومة السوداني يحسب لها أنها، نفذت الوعد وباشرت بالحملة، ونحن واثقون بأن هذه الحملة هي خطوة أولى"، معتبرا أن سحب السلاح من الشارع، يعني خفض معدلات العنف والجريمة بشكل مباشر.

وشدد على "عدم إمكانية حسم الملف إلا بتطبيق القانون على الجميع، وأن يرى المواطنون عقوبات قانونية حقيقية تطاول كل من يحوز سلاحا خارج سلطة الدولة، وأن يكون أي شخص مهما كان ارتباطه وانتماؤه تحت سلطة القانون".

ويؤكد وجهاء عشائريون عدم تعاون الأهالي مع الحكومة بتسليم أسلحتهم، مطالبين الداخلية بالتنسيق مع العشائر بهذا الملف، وقال الشيخ علي اللامي وهو من وجهاء محافظة ميسان، إن "ملف السلاح معقد ويحتاج الى خطة طويلة الأمد لحسمه"، مبينا لـ"العربي الجديد"، أن "الملف يحتاج إلى تنسيق مع العشائر وتنفيذ عمليات تفتيش يومية لا على التعيين وعقوبات قانونية تطاول المخالفين". وشدد على عدم إمكانية السيطرة على السلاح، خاصة وأن "العشائر والمرتبطين بالفصائل المسلحة وعائلهم يستقوون به على بعضهم، ولا يبيعونه بسهولة".

ويُعدّ السلاح المنفلت في العراق من أكثر المشاكل التي تعيق استشراء الأمن والاستقرار في البلاد، لما له من تأثيرات كبيرة على الأمن المجتمعي. وسبق أن تعهد السوداني ضمن برنامجه الحكومي بسحب السلاح وإنهاء ظاهرة السلاح المنفلت خارج نطاق المؤسسات الرسمية والشرعية للدولة، وهو التحدي الذي أثيرت شكوك سياسية حول قدرته على الوفاء به.

ولا يوجد إحصاء رسمي بعدد قطع السلاح الموجودة داخل المجتمع العراقي، لكن التقديرات تتحدّث عن أرقام متفاوتة في العادة بين 13 و15 مليون قطعة سلاح متوسط وخفيف، أبرزها بنادق كلاشينكوف، و"بي كي سي"، و"آر بي كي" الروسية، إلى جانب مدافع "هاون" وقذائف "آر بي جي" التي باتت تُستخدم أخيراً بكثرة في النزاعات القبلية جنوب ووسط البلاد. وتملك غالبية هذه الأسلحة المليشيات والجماعات المسلّحة، إلى جانب العشائر، بينما يحرص العراقيون على امتلاك قطع سلاح داخل منازلهم كإحدى ثقافات ما بعد الغزو الأميركي للبلاد، وانعدام الأمن، واضطرار العراقيين للتفكير في الدفاع عن أنفسهم من اللصوص والاعتداءات المتوقعة.