تعيين الجيش الإسرائيلي ضابطاً لغزة.. الاستعداد لاحتلال طويل؟

29 اغسطس 2024
نازحون يتجمعون للحصول على طعام وسط الأنقاض في جباليا، 26 أغسطس 2024 (الأناضول)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **تعيين ضابط رفيع للجهود الإنسانية في غزة**: الجيش الإسرائيلي عيّن ضابطاً بدرجة عقيد، سيُرقّى إلى عميد، كرئيس للجهود الإنسانية في غزة، مما يعكس غياب استراتيجية واضحة لما بعد الحرب واستمرار المسؤولية الإسرائيلية عن القطاع.

- **مهام الوحدة الجديدة بقيادة غورين**: تشمل إجلاء المصابين، إعداد القطاع لفصل الشتاء، تطعيم السكان ضد شلل الأطفال، وترميم البنية التحتية، مع تحركات استراتيجية لضمان الشرعية الدولية للقتال.

- **انتقادات داخل الجيش الإسرائيلي**: تعيين غورين أثار خلافات حول الجهة التي يجب أن يتبع لها، بين منسق عمليات حكومة الاحتلال والقيادة الجنوبية، مما يعكس استعداد الجيش لـ"اليوم التالي" في غزة.

استحدث جيش الاحتلال منصب "رئيس الجهود الإنسانية في القطاع"

تعيين العقيد أثار سجالات بسبب الجهة التي سيتبع لها في الجيش

الجيش يسلم بأن "المسؤولية الإسرائيلية عن الحياة في القطاع ستستمر"

تحت غطاء "الجهود الإنسانية"، يقود الاحتلال الإسرائيلي خطوات لتثبيت احتلال قطاع غزة لسنوات مقبلة، ومن بين ما يرمز إلى ذلك تعيين الجيش الإسرائيلي أمس الأربعاء، ضابطاً رفيعاً بدرجة عقيد سيُرقّى إلى عميد، في المنصب المُستحدث "رئيس الجهود الإنسانية في القطاع".

ويشير ذلك، بحسب ما أفادت صحيفة يديعوت أحرونوت اليوم الخميس، إلى غياب استراتيجية إسرائيلية واضحة لما يُسمى "اليوم التالي" للحرب على قطاع غزة، فيما ذكر موقع والاه العبري أن تعيين العقيد إلعاد غورين أثار سجالات داخل الجيش الإسرائيلي ليس بسبب المهام التي ستوكل للعميد، ولكن بسبب الجهة التي سيتبع لها في الجيش.

وأوضحت الصحيفة أن غياب تحديد أهداف استراتيجية من قبل المجلس الوزاري الإسرائيلي للشؤون السياسية والأمنية (الكابينت) بشأن مستقبل قطاع غزة، يُبقي المشاكل عالقة، فيما يسلّم الجيش الإسرائيلي بواقع أن "المسؤولية الإسرائيلية عن الحياة في القطاع ستستمر، بل إنها ستتوسع في السنوات القريبة، وينعكس ذلك بتعيين ضابط كبير مسؤولاً عن الجهود الإنسانية، وليكون فعلياً مسؤولاً عن نحو مليوني فلسطيني، يعيشون تحت الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة"، معتبرة أن مهمته أشبه بمنصب "ضابط رئيسي لغزة".

وأوضحت أنه لا يوجد بعد تعريف واضح لمنصب غورين، الذي ترعرع في قيادة تنسيق أعمال حكومة الاحتلال في المناطق الفلسطينية المحتلة، لكنه الأول الذي سيتولّى منصباً موازياً لرئيس الإدارة المدنية في الضفة الغربية المحتلة، العميد هشام إبراهيم.

ونقلت الصحيفة عن مسؤول أمني كبير لم تسمّه، قوله حول المنصب المستحدث: "هذا منصب سيرافقنا في السنوات القريبة. كل من يعتقد بأن سيطرة إسرائيل على قطاع غزة وتدخّلها فيه سينتهيان قريباً، ويتعلّقان بوتيرة القتال التي ستتراجع أو تتصاعد، وبإبرام صفقة لإعادة المختطفين أو بدونها، فهو مخطئ". وقالت إن مديرية التنسيق والارتباط في غزة ستستمر في التعامل مع القضايا التكتيكية اليومية "مثل توصيل المساعدات الإنسانية في المعابر، والطرق في القطاع، وإصلاح البنية التحتية المحلية المدمّرة، والاتصال المنتظم مع منظمات الإغاثة الأجنبية"، مشيرة إلى أنه من المتوقع أن "يقود العميد غورين تحركات استراتيجية مدنية على المدى الطويل، من أجل استمرار الحصول على الشرعية الدولية لمواصلة القتال في غزة، دون أن تشهد أزمة إنسانية أو مجاعة".

وفي إطار مهام الوحدة الجديدة، بقيادة غورين، وفق الصحيفة العبرية "عمليات كبيرة بدأت بالفعل لإجلاء المواطنين المصابين والمرضى الذين يعانون من حالة خطيرة إلى المستشفيات في الأردن، أو مصر، أو الإمارات، وإعداد قطاع غزة لفصل الشتاء المقبل على خلفية البنية التحتية المدمّرة الهائلة، وتنسيق التحرك الكبير لتطعيم أكثر من مليون من سكان غزة ضد شلل الأطفال، وتسخير المجتمع الدولي والتنسيق معه لترميم كامل المنشآت المدنية التي انهارت في قطاع غزة وغير ذلك".

ومن المتوقع أيضاً أن يلعب العميد غورين دوراً رئيسياً في العمليات المدنية واسعة النطاق التي سيتم تنفيذها قريباً، إذا تم التوصّل إلى صفقة، منها ما يتعلّق "بعودة حوالي مليون من سكان غزة إلى منازلهم في شمال قطاع غزة، في ظل مراقبة محور نتساريم (الذي يقسم القطاع)"، بعد إجبار الجيش الإسرائيلي لهم على النزوح من منازلهم إلى مخيمات النازحين جنوب قطاع غزة على أثر القصف العنيف وعمليات الإبادة التي يرتكبها. كما سيتولى الضابط في المنصب الجديد مسؤوليات تتعلّق بمعبر رفح والآلية التي ستديره، "إذ يبدو الآن أن أحد الحلول سيكون عودة الهيئات الدولية التي ستسيطر على المعبر كما كان حتى عام 2005، مع وجود فلسطيني محلي على محور فيلادلفيا"، وفقاً للصحيفة العبرية.

وبحسب المصدر الأمني الذي تحدّث إليها، فإن "غزة ستشغلنا كثيراً في السنوات المقبلة، بل أكثر من اليوم، وستكون المهمة هي الاستمرار في إعطاء متنفس للقوات، للقتال من أجل تحقيق أهداف الحرب، وبالتالي خفض الانتقادات الدولية ضدنا". ويعكس التعيين "المثير للجدل"، على حد تعبير موقع والاه العبري، استعداد هيئة الأركان العامة في جيش الاحتلال لـ"اليوم التالي" في قطاع غزة، وهو ما يتعارض مع موقف القيادة السياسية.

انتقادات داخل الجيش الإسرائيلي

وبحسب مصادر في الجيش الإسرائيلي، تحدثت للموقع دون أن يسمّيها، فإن قرار رئيس الأركان هرتسي هليفي بشأن التعيين أثار انتقادات حادة، وكان أساس الانتقادات هو قراره بوضع غورين تحت قيادة منسق عمليات حكومة الاحتلال في المناطق الفلسطينية المحتلة، ما يتعارض مع موقف قيادة المنطقة الجنوبية التي ادّعت أنه يجب أنه يتبعها، تحت قيادة اللواء يارون فينكلمان، "بهدف مزامنة الجهد العملياتي مع الجهد المدني، الذي يشمل ترميم البنية التحتية المدنية". بمعنى آخر، كان موقف القيادة الجنوبية هو أن المساعدات الإنسانية يجب أن تكون تابعة للعمليات البرية والمهام العملياتية في الميدان وعلى الحدود، بينما قرار رئيس الأركان بوضع العميد القادم تحت سلطة منسق أعمال الحكومة في المناطق المحتلة يؤدي إلى فصل العمليات المتعلّقة بالمساعدات الإنسانية، عن عمليات القيادة الجنوبية.