نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، الأحد، تقريراً تناول الدائرة المقرّبة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وكبار مسؤولي الأمن الروس الذين سيكونون إلى طاولة الرئيس بينما يقرّر ما إذا كان سيشنّ حرباً مفتوحة ضد أوكرانيا.
وأشارت الصحيفة إلى أنه من بين الآراء التي يحملها بعض من هم داخل هذه الدائرة، هي أن "الغرب يشرّع الزواج بين البشر والحيوانات، قادة أوكرانيا سيّئون مثل هتلر، والقوميون في البلاد ليسوا بشراً"، لافتة إلى أن وسائل الإعلام الروسية نشرت العام الماضي تعليقات تحدثت عن أن هؤلاء الرجال النافذين، الذين ولد معظمهم في الاتحاد السوفييتي في خمسينيات القرن الماضي، مثل بوتين، يتخذون مواقف رجعية أكثر من رئيسهم، ما يؤشر إلى الخط المتشدّد الذي يتخذه الكرملين، مع تصعيد قتاله مع "الأعداء" في الداخل والخارج.
ويرسم صعود المسؤولين الأمنيين في دائرة بوتين، تطوّر الأخير من قائد شاب أظهر وجهاً ودوداً للغرب في أوائل القرن الحادي والعشرين، بينما كان يحيط نفسه بمستشارين من بينهم ليبراليون بارزون، إلى الرجل الذي يهدّد ضمنياً الآن ببدء حرب كبرى في أوروبا.
ولفتت الصحيفة إلى أن هذه أيضاً قصة "كفاح" الكرملين لصياغة أيديولوجية لدعم حكم بوتين، والتي تعتمد بشكل متزايد على تصوير الغرب عدواً، وأوكرانيا تهديداً، وروسيا باعتبارها حصناً من "القيم التقليدية".
ولفتت "نيويورك تايمز" إلى أن أحداً لا يعرف حقاً كيف يتخذ بوتين قراراته، أو لمن يستمع وهو يفكر في خطواته التالية. وفي وقت أعلن الكرملين الجمعة، أن ردود الغرب بشأن الضمانات الأمنية حول أوكرانيا لم تعالج أكبر مخاوف روسيا الأمنية، التزم بوتين الصمت، متجنباً التعليق للعموم بشأن أوكرانيا، منذ ديسمبر/كانون الأول الماضي، رغم ظهوره اليومي تقريباً، أمام الكاميرات.
Three hard-line security officials have President Vladimir Putin’s ear. They will be pivotal in any decision whether to invade Ukraine. https://t.co/jRfseTZuu2
— The New York Times (@nytimes) January 30, 2022
وتشير الصحيفة هنا إلى أن هذا يفسح المجال لصقور إدارة بوتين لتقديم تلميحات بشأن ما يفكّر فيه، مؤكدة أن بعضهم التقى بوتين للمرة الأولى عندما عمل معه في المخابرات السوفييتية، ويتّهمهم الغرب بالإشراف على الاغتيالات، وعمليات التأثير والتجسس الإلكتروني، والحرب الوحشية التي ساعدت في إقصاء الكرملين عن أوروبا والولايات المتحدة.
وفي وقت يُعرف بوتين بأنه ينغمس في الاستعارات المضللة المناهضة للغرب، إلا أن مستشاره للأمن القومي نيكولاي باتروشيف يتبناها بحماسة أكبر، واصفاً الخوف من روسيا في أوكرانيا بأنه نتاج حملة دعائية غربية، لافتاً إلى أنه لم يعجبهم أن القيصر الروسي إيفان الرابع، المعروف بـ"إيفان الرهيب" "لم يعترف بقيادتهم السياسية والغربية".
وفي وقت يرسم بوتين صورة "لأعداء عازمين على تزوير الماضي المجيد لروسيا"، إلا أن رئيس مخابراته سيرغي ناريشكين اتخذ المعركة على التاريخ أولويةً خاصة وفق "نيويورك تايمز"، مذكرة بتصريح سابق له هذا الشهر، وصف فيه الوضع في أوكرانيا بأنه أشبه بآلة للزمن تعيدنا إلى أسوأ سنوات احتلال هتلر، واصفاً حكومة كييف بأنه "ديكتاتورية حقيقية".
أمّا وزير الدفاع سيرغي شويغو، فوصف الشهر الماضي القوميين الأوكرانيين بأنهم ليسوا بشراً.
ويبقى السؤال وفق الصحيفة، هو إلى أي مدى سيتبنّى بوتين العقلية التآمرية لصقور إدارته، مشيرة إلى أن بعض المحللين ما زالوا يرون خطاً براغماتياً في بوتين، إذ إنه يوازن بين المظالم والبارانويا التي يسوّق لها مقربون منه مثل باتروشيف، وبين المعلومات الأكثر رصانة التي يقدّمها أشخاص مثل رئيس الوزراء ميخائيل ميشوستين، وهو تكنوقراطي مكلّف بالحفاظ على استمرارية الاقتصاد.
ومع ذلك، تشير العديد من المؤشرات إلى سيطرة "الراديكاليين"، وتذكر الصحيفة هنا بتصريح لرئيس المخابرات بعد تعرّض زعيم المعارضة الروسية أليكسي نافالني للتسميم في عام 2020، إذ وصف الأمر بأنه من صنع عملاء غربيين يبحثون عن ضحية يقدّمونها للمساعدة في إسقاط بوتين.
وتتابع الصحيفة الأميركية، بالقول إنه مع احتشاد القوات الروسية قرب أوكرانيا، هناك عنصر آخر من أيديولوجية مسؤولي الأمن يلوح في الأفق بشكل كبير، وهو تمجيد الماضي السوفييتي، إذا قال باتروشيف وزملاؤه في وقت سابق إن روسيا أمة مقدّر لها أن تستعيد مكانتها كحصن ضد الغرب، مع أوكرانيا ودول ما بعد الاتحاد السوفييتي التي تنتمي إلى مجال نفوذ موسكو الشرعي.
ووفق الصحيفة، يتساءل محللون روس ما إذا كان بوتين ما زال يمتلك خطاً عملياً لتفادي حرب مفتوحة مع أوكرانيا.