تعرّف إلى الاستراتيجية الدبلوماسية الجديدة لروسيا: أميركا والغرب تهديد وجودي والصين والهند صديقتان
تبنّت روسيا، اليوم الجمعة، استراتيجية جديدة للسياسة الخارجية، تقدّم الولايات المتحدة والغرب على أنهما مصدر "تهديدات وجودية" لموسكو، في أجواء الخلافات المتصاعدة المرتبطة بالنزاع في أوكرانيا، فيما تعتبر الصين والهند دولتين "صديقتين".
ووفق وسائل إعلام روسية، تعتبر الوثيقة الولايات المتحدة الأميركية "المحرك الرئيسي والمصدر الأساسي للسياسة المعادية لروسيا، وأكبر تهديد يواجه العالم وتطور البشرية"، مشيرة إلى أن "روسيا ستستخدم الجيش لصدّ ومنع أي هجوم مسلّح ضدها أو ضد أي من حلفائها، وستتعامل مع الدول الأخرى بالمثل".
في وثيقة جاءت في أكثر من 40 صفحة تذكر بمضمونها ولهجتها بحقبة المواجهة بين الاتحاد السوفييتي وأميركا في القرن الماضي، تطرح روسيا نفسها حصناً للعالم الناطق بالروسية ضد الغربيين المتهمين بأنهم يريدون "إضعافه بشتى الطرق".
تحدد عقيدة السياسة الخارجية الأولويات التي تعطيها الدول لنفسها في الشؤون الدولية، ولمعرفة الطريقة التي تنظر بها الدول المعنية إلى علاقاتها مع العالم. والوثيقة الجديدة التي تحل مكان نسخة يعود تاريخها إلى عام 2016 نشرت على موقع الكرملين، لا توارب.
وحددت روسيا أن القضاء على "هيمنة" الولايات المتحدة والغربيين "أولوية" لها، معتبرة أنها "حضارة" تدافع عن الناطقين بالروسية، وذلك بحسب عقيدتها الجديدة في السياسة الخارجية، التي نشرت الجمعة.
وأوردت هذه الوثيقة التي نشرت على موقع الكرملين أن "روسيا ستعير اهتماما ذا أولوية للقضاء على ما تبقى من هيمنة الولايات المتحدة ودول أخرى معادية في الشؤون العالمية".
وشددت الوثيقة، في المقابل، على أن "روسيا لا تعتبر نفسها عدوًا للغرب، ولا تنعزل عنه، وليست لها نوايا معادية تجاهه، وتعتمد على إدراكه عبث المواجهة مع روسيا، وقبول الواقع متعدد الأقطاب والعودة بمرور الوقت للتفاعل على أساس مبادئ المساواة في السيادة واحترام المصالح".
في غمرة مواجهتها مع الغرب، تسعى روسيا إلى التقارب اقتصادياً ودبلوماسياً مع آسيا، لا سيما الصين، وهي أولوية حيوية تنعكس في العقيدة الجديدة.
ولفتت الوثيقة إلى أن "روسيا تهتم على نحو خاص بتعزيز العلاقات، والتنسيق بشكل شامل مع مراكز القوة العالمية الصديقة: الصين والهند، وترى الوثيقة المشروع الرائد بالنسبة لروسيا في القرن الحادي والعشرين هو تحويل أوراسيا إلى مساحة متكاملة يعمّها السلام والاستقرار والازدهار".
وأظهر بوتين قربه من نظيره الصيني شي جين بينغ، خلال القمة التي عُقدت في موسكو في وقت سابق من مارس/ آذار، مشيراً إلى "الطبيعة الخاصة" للعلاقات بين بلديهما، والتي يبدو أنها تصب أكثر وأكثر في مصلحة بكين، لأن اعتماد موسكو عليها يزداد.
كما تولي العقيدة الروسية الجديدة مكانة مهمة للعلاقات مع الدول الأفريقية، في حين تسعى موسكو لتعزيز وجودها في أفريقيا، لا سيما من خلال مجموعة فاغنر العسكرية.
وتعرّف روسيا نفسها، وفق الوثيقة، بأنها "معقل العالم الروسي، ومهد إحدى الحضارات الأصيلة التي تحافظ على التوازن العالمي"، و"تُعدّ مكافحة "الروسوفوبيا" (رهاب الروس) في مختلف المجالات من أولويات السياسة الإنسانية لروسيا في الخارج".
ويؤكد تبني هذه الاستراتيجية الجديدة الانقسام العميق القائم بين روسيا والدول الغربية منذ بدء الهجوم على أوكرانيا، والذي دفع حلف شمال الأطلسي إلى رص صفوفه مع تحول موسكو إلى الصين.
بوتين: الوثيقة أساس عقائدي سليم
وقال الرئيس فلاديمير بوتين مبرراً تبني هذه الخطة الجديدة إن "الاضطرابات على الساحة الدولية" تجبر روسيا على "تكييف وثائق التخطيط الاستراتيجي الخاصة بها"، وشدد، خلال اجتماع مع الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الروسي: "وقعت اليوم مرسوماً ينص على المفهوم الجديد للسياسة الخارجية الروسية".
وأكد بوتين أن المفهوم الجديد للسياسة الخارجية يعتبر "بمثابة أساس عقائدي سليم للعمل لاحقاً في مجال الشؤون الدولية"، وطلب بوتين من القائمين على السياسة الروسية، الذين هم على صلة بتنفيذ سياسة خارجية موحدة، بـ"إيلاء اهتمام خاص لتوسيع العلاقات مع الشركاء ذوي التفكير البناء وتهيئة الظروف للدول غير الصديقة للتخلي عن سياستها العدائية تجاه روسيا".
لافروف: سنرد على الخطوات غير الودية تجاهنا
من جهته، أكد وزير الخارجية سيرغي لافروف "الطبيعة الوجودية للتهديدات الناتجة عن تصرفات الدول المعادية"، متهماً الولايات المتحدة وحلفائها بشن "حرب هجينة" ضد موسكو.
وحلت "الحرب الهجينة" محل "الحرب الباردة"، بعدما تبنّت روسيا عقيدة جديدة في السياسة الخارجية تصنف الغرب على أنه "تهديد وجودي" لموسكو ينبغي أن تحارب "هيمنته".
وأوضح وزير الخارجية الروسي أن المفهوم الجديد للسياسة الخارجية "يستوجب الرد على الخطوات غير الودية تجاه روسيا وقمعها إذا لزم الأمر". وقال خلال كلمة ألقاها في مجلس الأمن الروسي: "أحكام المفهوم تفترض أن الخطوات المعادية لروسيا من جانب الدول غير الصديقة سوف تُقمع بشدة إذا لزم الأمر".
(فرانس برس، العربي الجديد)