انتقدت وزيرة الداخلية البريطانية السابقة بريتي باتيل ما وصفتها بـ"تنازلات" قدّمتها وزيرة الداخلية الحالية سويلا برافرمان في ملف الهجرة، إذ أعلنت الأخيرة عن بعض التعديلات على مشروع قانون "أوقفوا القوارب" الذي كشفت عنه الحكومة قبل أشهر، والذي يهدف إلى إيقاف كل طالبي اللجوء فور عبورهم إلى الشواطئ البريطانية وترحيلهم على الفور. وكان مشروع القانون الذي دافع عنه رئيس الحكومة ريشي سوناك وروّج له في المحافل الدولية، قد أثار جدلاً واسعاً وانتقادات لاذعة، إذ وصفته اللجنة المشتركة لحقوق الإنسان في مجلسي العموم واللوردات أخيراً بـ"غير الشرعي" و"المسيء لسمعة المملكة المتحدة"، ما دفع الحكومة لإجراء بعض التعديلات سعياً لتمريره في أقرب وقت ممكن.
وكتبت باتيل على تويتر صباح اليوم: "لقد قيل لنا إن مشروع قانون الهجرة "غير الشرعية" سيوقف القوارب. إلا أن التعديلات الحالية تلغي الركائز الأساسية لمشروع القانون هذا".
We were told that the Illegal Migration Bill would 'Stop the Boats"
— Priti Patel MP (@pritipatel) July 11, 2023
Key pillars of that Bill have now been abandoned.
The Govt is spending £500,000 a day on 5,000 empty hotel beds as a “buffer” for higher than expected migrants crossing the Channel. https://t.co/CBPT0lpUMR
واضح أن باتيل تدعم مشروع القانون بصيغته الأولى بشدة، هي التي "اخترعت" خطة رواندا قبل عام ونصف العام متعهدة بترحيل كل طالبي اللجوء إلى البلد الأفريقي برغم الانتقادات والاحتجاجات.
وليست "كراهية" المهاجرين هي السمة المشتركة الوحيدة بين باتيل وخليفتها برافرمان، إذ تنحدر السيدتان من عائلتين مهاجرتين عاشتا كل الظروف الصعبة والشاقة المرتبطة بالهجرة والشتات ومحاولة الاندماج في محيط غريب تماماً. كما أن السيدتان "محافظتين" إلى الحد الأقصى، يمينيتان، معروفتان بولاء مطلق للزعيم الأسبق بوريس جونسون ولمتشدّدي الحزب الحاكم. هذا بالإضافة إلى أنهما اتّهمتا في أكثر من مناسبة بـ"التنمّر" و"سوء المعاملة".
ومن المتوقع أن يشهد البرلمان هذا المساء تصويتاً رئيسياً على 20 تعديلاً أجري على مشروع قانون الهجرة غير النظامية أو "أوقفوا القوارب" بدعم من مجلس اللوردات، إذ أجبرت الحكومة على إعادة النظر ببعض البنود خوفاً من أن تفشل في تمريره من خلال مجلس العموم. وجاءت أبرز التعديلات ردّاً على أبرز المخاوف التي أثارها مشروع القانون، لاسيما وأن نسخته الأولى تتيح للحكومة إيقاف كل طالبي اللجوء بمن فيهم الأطفال القصّر غير المصحوبين بذويهم، والنساء الحوامل وكبار السن المرضى وترحيلهم على الفور. فجاءت التعديلات لتحدّ بعض الشيء من خطط احتجاز الأطفال والنساء الحوامل وتحدّدها بمدة أقصاها 72 ساعة بعد أن كانت 28 يوماً.
من جهة أخرى، أسقطت التعديلات "الأثر الرجعي" الذي كان معتمداً في النسخة الأولى حيث إن الحكومة لن تستطيع ترحيل الآلاف ممن وصلوا إلى المملكة المتحدة هذا الصيف. يُذكر أن أكثر من ألف مهاجر عبر القناة يومي الجمعة والسبت الماضيين، ليرتفع إجمالي المهاجرين هذا العام إلى 125.4.
وكان مجلس اللوردات قد وافق على التعديلات التي اقترحتها الحكومة والتي من شأنها أن "تجرّد مشروع القانون من جوانبه الأكثر إثارة للجدل"، وأن تضمن التزام المملكة المتحدة بتعهداتها الدولية.
أما فيما يتعلق بخطة رواندا المثيرة للجدل، فتبدو الحكومة متمسّكة بها، إذ أعلنت عن نيّتها التوجّه إلى المحكمة العليا للحصول على قرار نهائي بشأنها، بعد أن خسرت معركتها الأولى قبل أسبوع أمام محكمة الاستئناف حيث أجمع القضاة على أن الخطة "غير قانونية". وقالت برافرمان في بيان نشر اليوم إن من شأن هذه التعديلات أن "تسرّع تمرير القانون عبر البرلمان مع الاستمرار في توجيه رسالة واضحة حول عدم التسامح مع استغلال الأطفال والأشخاص المستضعفين من قبل عصابات التهريب الإجرامية".
يبقى أن التعديلات لا تمسّ الهدف الرئيسي لمشروع القانون، ولا تلغي نيّة الحكومة إيقاف كل طالبي اللجوء وترحيلهم على الفور وبأي ثمن ممكن إلى رواندا أو إلى بلدانهم الأصلية إن كانت "آمنة". كما أنها لا تنفي أن ملف الهجرة ما يزال على رأس أولويات سوناك وأنه ماضٍ في تعهداته وقف عبور القوارب بشكل نهائي عبر قانونه الجديد أو عبر خطة رواندا أو حتى عبر "بث الرعب" في قلوب الهاربين من العنف والصراعات والحروب.