تتسارع التحركات العربية باتجاه الانفتاح على النظام السوري، والتي يتجلى أحدثها اليوم الأحد باجتماع لوزراء الخارجية العرب بالقاهرة لبحث القضية السورية، وإعادة النظام لشغل مقعده في جامعة الدول العربية.
وكان سبق لقاء اليوم اجتماعان، الأول في جدة بالسعودية، جمع وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي، بالإضافة إلى وزراء خارجية مصر والأردن والعراق، والثاني في عمان، استكمالاً لاجتماع جدة، جمع وزراء خارجية السعودية والعراق والأردن ومصر بالإضافة لوزير خارجية النظام.
وقد بلور الاجتماعان مساراً عربياً جديداً للتعامل مع القضية السورية يسوّق له النظام وحلفاؤه على أنه انتصار على قوى الثورة والمعارضة، وبداية لعودته للمجتمع الدولي.
إلا أن البيان الذي خرج به اجتماع عمان، والتصريحات التي صدرت عن مسؤولين عرب من الدول التي شاركت بالاجتماع (السعودية، الأردن)، وما أعقبها من مواقف للإدارة الأميركية، تشي بأن التقارب العربي مع النظام، الذي تم بضوء أخضر أميركي، ما هو إلا مسار جديد يقوم على إعطاء النظام فرصة أخيرة.
ويدعو هذا المسار النظام لإحراز تقدم في مسار الحل السياسي، وضبط تجارة المخدرات التي يعتمد عليها لتمويل قواته، والتي يُغرق بها الأردن ودول الخليج، بالإضافة إلى التجاوب بالمواضيع الإنسانية المتعلقة بعودة اللاجئين والإفراج عن معتقلي الرأي، وذلك مقابل إعطاء النظام محفزات وتسهيلات.
ولعل إعادة النظام إلى جامعة الدول العربية، رغم عدم زوال السبب الذي لأجله تم تجميد عضويته فيها، هو أحد هذه المحفزات، التي يريد القائمون على هذا المسار التحاور فيها مع النظام وجهاً لوجه، من أجل تقديم ما هو مطلوب منه.
فتصريحات مسؤول سعودي، لصحيفة "فايننشال تايمز" أخيراً، أن "فتح قناة النقاش مع سورية لا يعني أن الأمور تمت تسويتها، وأن تحقيق المطلوب من النظام لا يمكن أن يتم من دون فتح هذه القناة" يوضح أن قبول الرياض الجلوس مع النظام هو بهدف تحقيق مطالب عليه تنفيذها.
كما أن تهديد وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي عبر شبكة "سي أن أن" الأميركية أخيراً، بالقيام بعملية عسكرية داخل الأراضي السورية في حال عدم قيام النظام بإجراءات فعالة لمواجهة تهديد تهريب المخدرات إلى الأردن يُبين أن التطبيع العربي مع النظام مشروط بمطالب جدية لن يتم التهاون بتطبيقها.
كما أن الرقابة الأميركية لهذا المسار، وتأكيد واشنطن أن حل القضية السورية لا يتم إلا عبر قرار مجلس الأمن 2254، يُثبت أنها قد أعطت الضوء الأخضر للدول العربية لمحاولة تحقيق تقدم في مسارات حل القضية السورية من خلال الحوار المباشر مع النظام بعد تعثر المسارات الأخرى، وأن هذا المسار التطبيعي هو بمثابة فرصة قد تكون أخيرة للنظام للامتثال لقرارات الشرعية الدولية، وتحقيق متطلبات التحول السياسي، والتي يبدو أن النظام غير قادر على تحقيق أي منها حتى الآن.