تضخم عدد الأحزاب في العراق: 266 بعضها بلا مقرّات أو برامج

20 ديسمبر 2021
بلغ عدد التحالفات الحزبية السياسية المصادق عليها حتى الآن 42 تحالفا(مرتضى السوداني/أناضول)
+ الخط -

تسبب بيان لمفوضية الانتخابات العراقية، أمس الأحد، أعلن عن ارتفاع عدد الأحزاب التي تم منحها تراخيص إلى 266 حزبا مع وجود أخرى قيد المراجعة، في جدل جديد بالبلاد، خاصة فيما يتعلق بآلية تشكيل تلك الأحزاب وبرامجها ومقراتها.
 ووفقا لبيان أصدرته المفوضية في بغداد فإن "دائرة الأحزاب والتنظيمات السياسية التابعة لمفوضية الانتخابات مستمرة بمنح إجازات تأسيس للأحزاب الراغبة بالتسجيل، حيث بلغ عددها 266 حزبا، منها 5 أحزاب مسجلة بإجازة مشروطة، فضلا عن 57 حزبا قيد التأسيس"، مضيفة أن "عدد التحالفات المصادق عليها بلغ 42 تحالفا لغاية الآن".  

أحزاب بدون برامج أو مقرّات

ويؤكد مسؤولون عراقيون في بغداد أن عددا غير قليل من تلك الأحزاب هي عبارة عن انشقاقات في أحزاب قديمة وأخرى جديدة تأسست على يد بضعة أشخاص ويفتقر كثير منها لبرامج واضحة.
 وعلق مسؤول حكومي ببغداد على الإعلان، بأنه يأتي ضمن قوانين المفوضية في الكشف عن عدد الأحزاب العاملة بالبلاد بين وقت وآخر، لكن بحسب المسؤول ذاته فإن "كثيرا منها قائمة على بضع عشرات من الأشخاص ولا تمتلك برنامجا ولا فكرا سياسيا واضحا".
 وأضاف لـ"العربي الجديد"، أن "بعض الأحزاب لا يزيد عدد المنتمين لها عن 100 شخص فقط، فيما كثير من أعضائها غير متفقين على نهج أو طروحات واحدة ويخلطون طروحات دينية مع يسارية وأخرى قومية بدينية ووطنية في تخبط ينم عن استعجال في تأسيس مثل هذه الأحزاب لأهداف منها الظهور أو الحصول على صفة ما داخل المشهد السياسي العراقي وبعض الأعضاء مسجلون في أكثر من حزب وحركة بنفس الوقت".
معتبرا أن الأحزاب والحركات المدنية أكثرها وضوحا من ناحية البرنامج والشعارات والأهداف،
مشيرا إلى أن كثيرا من تلك الأحزاب "يرتبط بأحزاب أخرى كبيرة، أرادت إيهام الناس بأنها أحزاب جديدة لمواكبة أو للتحايل على قانون الانتخابات الجديد".
وشدد على  أن "بعض تلك الأحزاب لا يمتلك مقرات له، وهذا أساسا مخالف لشروط تسجيل الأحزاب".

ضوابط تسجيل مفقودة

وانتقد سياسيون عراقيون ما سموه بحالة "الفوضى والعشوائية" بمنح إجازات التأسيس لأحزاب جديدة، مطالبين بوضع حدود وضوابط لذلك، وقال النائب في البرلمان المنحل، محمد الخالدي، لـ"العربي الجديد"، إن "استمرار تسجيل الأحزاب يعكس حالة من الفوضى السياسية في البلد وعدم التنظيم"، متسائلا "ما الغاية والجدوى من تسجيل أعداد كبيرة من الأحزاب، في وقت لا تعطي الدولة لتلك الأحزاب تمويلا، وأن تلك الأحزاب وسيما الكبيرة منها تعتمد على موارد غير شرعية بتمويل نفسها".
 وشدد "لا يمكن أن تكون العبرة بكثرة الأحزاب في البلد، وإنما العبرة بالحكم الديمقراطي الرصين، وأن كثرة الأحزاب لا تعكس أي حالة ديمقراطية، وإنما حالة من التخبط"، محملا الحكومة "مسؤولية ذلك، ومسؤولية تطبيق القانون من الأحزاب بشكل صحيح". 

أما النائب في البرلمان المنحل، عن القوى الكردية بيستون عادل، فقد حذر من الانعكاسات السلبية لكثرة تلك الأحزاب على الوضع في البلد، وقال لـ"العربي الجديد"، إنه "من غير الممكن أن تستمر هذه الحالة الفوضوية، التي لها انعكاسات سلبية على البلد". 

أحزاب الغايات الشخصية

وأوضح، أن "البلدان المتقدمة تدار بحزبين أو 3، وتكون الأحزاب الأخرى أحزابَ معارضة لتقويم عمل الحكومة، لكن ما يحدث في العراق شيء مختلف تماما، وقد لاحظنا التأثيرات السلبية للتعدد الحزبي على تشكيل الحكومة الحالية، وأن ذلك تمثل بتعدد الوجهات والمطالب وتقاطعها بين الأحزاب، وأن كل حزب يريد الحصول على مكاسب وحصص خاصة في الحكومة، ما تسبب بتأخر تشكيلها".
 وأضاف، أن "هناك أعدادا كبيرة جدا من الأحزاب في البلد، وأن الكثير من الشخصيات يلجأ الى تشكيل حزب له ليحقق من ذلك رغباته الشخصية من حيث إبراز اسمه كزعيم حزب، وإثبات العمق السياسي لنفسه"، معتبرا أن "ذلك كله يتسبب بتراكمات في البلد تمنعه من التقدم".
ودعا الى "تقليص أعداد الأحزاب ووضع حدود لها، وعدم ترك تسجيل أحزاب جديدة من دون ضوابط"، مشددا على أن "قانون الأحزاب يجب أن يخضع الى التعديل في الدورة البرلمانية المقبلة، بما ينسجم مع متطلبات المرحلة، بأن تكون هناك قيود على تسجيل الأحزاب، وشروط تتمثل بوجود القاعدة الشعبية لكل حزب وغير ذلك".
 وشدد على "أهمية أن تكون هناك متابعة لأسماء المنتمين للأحزاب وتدقيقها بشكل جيد، وعدم تركها من دون مراجعة". 

خارج الأطر القانونية

وكان البرلمان قد أقرّ القانون رقم 36 لسنة 2015، وهو أول قانون للأحزاب في العراق بعد الاحتلال الأميركي في عام 2003، إلا أن هذا القانون تعرض لانتقادات كبيرة بسبب عدم قدرته على الحد من ارتباط بعض الأحزاب بالخارج، فضلاً عن استمرار غموض مصادر تمويلها. كما يضاف إلى ذلك عدم رغبة قوى سياسية بتأطير عملها السياسي والحزبي بقانون، لأن السنوات السابقة للتصويت على قانون الأحزاب شهدت مساحة مكرسة للعمل الحزبي والسياسي والمشاركة في الانتخابات، من دون مراقبة ومحاسبة من أجل معرفة مصادر التمويل.
 وكانت قوى سياسية عراقية، قد بذلت في العامين السابقين جهوداً من أجل التوافق على طرح تعديل جديد لقانون الأحزاب المعمول به في البلاد، وذلك من خلال كتلها السياسية داخل البرلمان، بسبب ما تعتبره "هفوات" داخل القانون تسمح لكثير من الأحزاب باستغلالها، إلا أن هذه الجهود لم تنجح بسبب عدم حصول التوافق.

المساهمون