تطفو الخلافات الداخلية وسط حركة "فتح" بشأن تشكيل قائمة موحدة في الانتخابات التشريعية القادمة، أو التوافق على مرشح للرئاسة، على سطح من صفيح ساخن، وأظهرت بشكل واضح الخلاف الحاد بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الذي يترأس حركة "فتح"، وعضو اللجنة المركزية للحركة ناصر القدوة، الذي يسعى إلى تشكيل قائمة للانتخابات القادمة.
ونفت مصادر مطلعة، لـ"العربي الجديد"، صحة توصل عباس إلى اتفاق بينه وبين القدوة يقضي بعدم قيام الأخير بتشكيل أو دعم أي قائمة انتخابية للمجلس التشريعي في الانتخابات القادمة، وذلك بعكس ما صرحت به مفوضية التعبئة والتنظيم لحركة "فتح" اليوم السبت.
وقالت المصادر، لـ"العربي الجديد"، إن "الرئيس محمود عباس (أبو مازن) التقى، مساء أمس الجمعة، ناصر القدوة في مقر الرئاسة بحضور أمين سر اللجنة المركزية لحركة (فتح) جبريل الرجوب، وعضو اللجنة المركزية حسين الشيخ، ورئيس جهاز المخابرات العامة ماجد فرج، ولم يخرج الاجتماع بأي اتفاق بين القدوة وعباس".
وأكدت المصادر ذاتها، التي اشترطت عدم ذكر اسمها، أن "القدوة ماض بما بدأ به، وهو التشاور لدعم أو تشكيل قائمة للمجلس التشريعي تضم الكل الفلسطيني، وذلك بعد أن يئس من كل محاولات الإصلاح داخل حركة فتح، والتي كانت تواجه إما بالرفض الصامت أو التهديد المباشر، كما جرى في اجتماع مركزية فتح في 24 يناير/ كانون الثاني الماضي". وكان "العربي الجديد" قد انفرد بنشر تلك التهديدات.
وكان رئيس مكتب مفوضية التعبئة والتنظيم بحركة "فتح" منير الجاغوب كشف، في تصريح له على صفحته على موقع "فيسبوك"، عن "عقد لقاء بين الرئيس عباس وناصر القدوة بحضور عدد من أعضاء اللجنة المركزية، وتم الاتفاق على وحدة الحركة والالتزام بقراراتها".
ولفتت مصادر "العربي الجديد" إلى أن عباس أكد للقدوة ضرورة خضوعه لقرارات اللجنة المركزية للحركة، ودعاه لطرح أي رؤية أو انتقاد أمام الحركة لنقاشها، على أن يلتزم بقرارها في نهاية الأمر مهما كان.
وتابعت المصادر "من الواضح أن الرئيس (عباس) تحديدًا بدأ بأخذ تحركات القدوة على محمل الجد، خاصة بعد تصريحاته النارية التي نشرت يوم الجمعة، وجاءت خلال مداخلة له في ندوة سياسية عبر تقنية (الزووم) عقدها مركز إبراهيم أبو لغد للدراسات الدولية في جامعة بيرزيت".
ودعا القدوة في تصريحاته الأسير مروان البرغوثي وعضو مركزيتها إلى حسم أمره بالنسبة للانتخابات التشريعية، وأكد دعمه له في الانتخابات الرئاسية القادمة.
وقال القدوة في تصريحاته إن "النظام السياسي الفلسطيني لم يعد قابلاً للإصلاح، بل يجب تغييره".
وبدأت مساعي أعضاء في مركزية حركة "فتح"، بإيعاز من الرئيس الفلسطيني، للحديث مع القدوة منذ أن قاطع الأخير، مساء الجمعة (12 فبراير/ شباط الجاري)، اجتماع اللجنة المركزية، والتقى أعضاء من مركزية "فتح" يوم الاثنين الماضي، ومنهم جبريل الرجوب وسمير الرفاعي وروحي فتوح.
وتحدث مع القدوة نائب رئيس الحركة محمود العالول وعضو مركزيتها عزام الأحمد لثنيه عن الجهود والمشاورات التي يقوم بها لإعداد قائمة انتخابية للمجلس التشريعي، التي وصفها القدوة بأنها المحاولة الأخيرة له، وإلا لن يكون له دور سياسي في المستقبل إذا لم يستطع ذلك.
ورفض القدوة الذهاب مع فتوح والرفاعي إلى قطاع غزة للتحضير للانتخابات، حيث تم تقسيم الضفة الغربية وقطاع غزة إلى خمسة مناطق انتخابية، على أن تتولى كل مجموعة من أعضاء المركزية الإشراف على كل محافظة، في تحد واضح لقرارات الرئيس الفلسطيني.
وألمح القدوة إلى تهديد الرئيس عباس له في اجتماع اللجنة المركزية لحركة "فتح" يوم 24 يناير/ كانون الثاني الماضي، وهو آخر اجتماع حضره القدوة، ولم يتح له عباس أي فرصة للحديث أو تقديم مداخلة فيها.
وكان القدوة قد صرح في مؤتمر بيرزيت "إذا رحنا لهذا الكلام، أي خيار تشكيل قائمة للانتخابات التشريعية، لا يمكن أن نقبل دعماً من الخليج سواء الإمارات أو قطر، الدعم يجب أن يكون فلسطيني مئة بالمئة، السؤال هل يزبط أم لا؟ هذا يعتمد على الهمة".
وقال القدوة: "أنا لست مسؤولاً عن القصة (أي تشكيل قائمة للمجلس التشريعي)، كلنا نعملها مع بعض، إذا كان هناك استعداد لدى عدد معقول وكاف من الكوادر السياسية والفلسطينية بشكل عام، سنعملها، أما إذا لم يتوفر فلا حول ولا".
وشدد القدوة "لكن إذا لم نستطع هذه المرة، يجب أن نتوقف عن الحديث السياسي، أنا شخصيًا إذا بدي أهرب من المسؤولية الآن، هذا يعني أنه لن يكون لي دور سياسي ألعبه في المستقبل، إما أن نتوقف ونعمل المطلوب منا، أو بنروح، بكفي اللي عملناه في الشعب الفلسطيني".