قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الثلاثاء، خلال زيارة رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي، رئيس الاتحاد الأفريقي حالياً، لباريس، إن فرنسا تدين بشدة أعمال العنف التي تمارسها قوات الأمن في تشاد ضد المتظاهرين.
وقُتل شخصان، اليوم الثلاثاء، في تشاد، أحدهما على أيدي المتظاهرين، في الوقت الذي اندلعت فيه احتجاجات شعبية، وصفت بـ"العنيفة"، اعتراضاً على الحكم العسكري الذي فرض في البلاد إثر مقتل الرئيس إدريس ديبي، قبل أسبوع، خلال معارك مع المتمردين، كما أعلنت السلطة.
ولا تزال الأجواء مشحونة في تشاد بعد مقتل ديبي، فيما ترفض المعارضة سيطرة الجيش على السلطة، وسط اعتراض شعبي عارم أيضاً.
ولم يُخمد التوتر، أمس الإثنين، تعيين الحكام العسكريين الجدد في تشاد سياسياً مدنياً، هو ألبرت باهيمي باداك، رئيساً للوزراء في حكومة انتقالية، وهي خطوة أكدت المعارضة رفضها لها.
وفي هذا الإطار، اندلعت احتجاجات عنيفة، صباح اليوم الثلاثاء، في العاصمة التشادية نجامينا خصوصاً، حيث خرج المحتجون إلى الشوارع للمطالبة بالعودة إلى الحكم المدني.
وخرجت الاحتجاجات على الرغم من حظرها من قبل المجلس العسكري، الذي أكد، في بيان أصدره ليل الإثنين - الثلاثاء، أنه لن يسمح بأي تحركات قد تؤدي لاضطرابات بينما لا تزال البلاد في حالة حداد. وكان قد سبق للمجلس، الذي يرأسه محمد إدريس ديبي، ابن الرئيس الراحل، والذي أُعلن رئيساً للبلاد، إعلانه أنه سيشرف على مرحلة انتقالية مدتها 18 شهراً، لحين إجراء انتخابات.
ورداً على الاحتجاجات، التي رافقها حرق إطارات في عدد كبير من أحياء العاصمة، عمدت الشرطة التشادية إلى إطلاق غاز مسيل للدموع، ومحاولة تفريق التجمعات، ورصدت شاحنات تقل جنوداً تجوب الشوارع في محيط وسط نجامينا. وأدى التوتر المرتفع في الشارع إلى سقوط قتيلين على الأقل، أحدهما امرأة.
وأكد المدعي العام للجمهورية في نجامينا يوسوف توم، لوكالة "فرانس برس"، أنّ امرأة قُتلت أمس في العاصمة، على أيدي متظاهرين، موضحاً أنّ "المتظاهرين هاجموا حافلةً في حيّ ديمبي. بعض الركاب فرّوا، لكن امرأة بقيت وقُتلت على أيدي المتظاهرين".
وبحسب علي كولا إبراهيم، المدعي العام في موندن، وهي ثاني أكبر مدينة في البلاد وتقع في الجنوب، فقد قتل شاب يبلغ من العمر 21 عاماً في المدينة، دون تحديد الظروف المحيطة بمقتله.
وكان العسكريون الحاكمون في تشاد قد أصدروا قراراً، ليل أمس، بحظر تظاهرات المعارضة والمجتمع المدني احتجاجاً على "الانقلاب المؤسساتي" الذي نفذه المجلس العسكري الانتقالي لوضع يده على السلطة.
وجاء في مرسوم المجلس أن "كل المسيرات أو التظاهرات، أيا كانت تسميتها، التي لم تحصل على موافقة مسبقة ومن شأنها أن تبلبل النظام العام، تُحظر بشكل قاطع في مجمل الأراضي الوطنية".
اندلعت الاحتجاجات في نجامينا رغم حظر التظاهرات
وكانت أحزاب سياسية وجمعيات عدة من المجتمع المدني قد دعت إلى تظاهرات، اليوم، ضد المجلس العسكري المؤقت. وطلب "الوفاق التشادي لحقوق الإنسان"، أمس، من ناشطيه "الخروج بشكل حاشد" للتظاهر ضد المجلس العسكري الذي وصفه بأنه "هيئة غير قانونية وغير شرعية، باركتها فرنسا التي تظن أن بوسعها فرض ديكتاتورية عسكرية جديدة على التشاديين".
ويمسك محمد إدريس ديبي (37 عاماً)، بكامل السلطات على رأس المجلس، وهو أحاط نفسه بـ14 جنرالاً أوفياء لوالده، واعداً بإجراء "انتخابات حرة وديمقراطية" بعد 18 شهراً، لكن المعارضة والمجتمع المدني، طالبا بعملية انتقالية بقيادة المدنيين. كما رفضت المعارضة تعيين المجلس العسكري، أمس الإثنين، لرئيس الوزراء الأسبق (2016- 2018)، ألبرت باهيمي باداك رئيساً للوزراء في حكومة انتقالية، إذ يُنظر إليه على أنه أحد حلفاء ديبي الذي حكم تشاد لمدة 30 عاماً.
ويراقب المجتمع الدولي التوتر في تشاد عن كثب، لما يلعبه هذا البلد من دور مهم في محاربة المتطرفين في أفريقيا.
وتعليقاً على تعيين باداك، قالت وزارة الخارجية الأميركية إن "تعيين رئيس وزراء مدني قد يكون خطوة أولى إيجابية في استعادة الحكم المدني"، ودعا القائم بأعمال مساعد وزير الخارجية لمكتب الشؤون الأفريقية في وزارة الخارجية روبرت جوديك، "لاغتنام هذه اللحظة لدفع البلاد إلى الأمام في اتجاه ديمقراطي، وأن تكون للشعب فرصة حقيقية لديمقراطية ولحكومة تمثيلية".
(فرانس برس، رويترز)