تسويات درعا تصل إلى الريف الشرقي لسورية وتساؤلات حول مصير "اللواء الثامن"

08 أكتوبر 2021
عمليات تسوية النظام تتم برعاية روسية (لؤي بشارة/ فرانس برس)
+ الخط -

قبل انتهاء عمليات التسوية التي يقوم بها النظام السوري في ريف درعا الشمالي جنوبي البلاد، تتجه أنظار نظام بشار الأسد إلى الريف الشرقي للمحافظة التي يسيطر عليها "اللواء الثامن" التابع لـ"الفيلق الخامس" المدعوم من روسيا، ما يثير تساؤلات بشأن الشكل الذي ستتخذه التسويات في هذه المنطقة، والتي توجد فيها كذلك مجموعات مسلحة تعمل لحساب أجهزة النظام الأمنية، وهل سيتم سحب السلاح من هذه المجموعات المتهمة بالوقوف وراء معظم الاغتيالات بحق المعارضين للنظام، أم ستحتفظ بسلاحها؟

وذكر الناشط محمد الشلبي لـ"العربي الجديد" أن عملية التسوية تتواصل اليوم الجمعة في مدينة الصنمين في ريف درعا الشمالي، حيث تجرى التسوية لمطلوبين من المسلحين المحليين ومن المدنيين للخدمة الإلزامية والاحتياطية وفق الاتفاق المبرم بين وجهاء المنطقة مع اللجنة الأمنية التابعة للنظام برعاية روسية. وتجرى عمليات التسوية في المدرسة الشرعية بالمدينة حيث سلمت اللجنة الأمنية التابعة للنظام وجهاء الصنمين قوائم تضم أسماء المطلوبين من أبناء المدينة، لتسوية أوضاعهم وتسليم أسلحة فردية.
من جهتها، ذكرت وكالة "سانا" التابعة للنظام أن عملية تسوية أوضاع المسلحين والمطلوبين والفارين من الخدمة العسكرية تواصلت اليوم الجمعة في مدينة الصنمين ومحيطها بريف درعا الشمالي، حيث سلم عشرات المطلوبين أسلحتهم، وفق الوكالة.

هل يخطط نظام الأسد لسحب السلاح في الريف الشرقي؟

وانتقل النظام إلى الريف الشرقي، حيث كانت بلدة نصيب الحدودية مع الأردن أمس الخميس أول البلدات التي تجري تسوية مع النظام، وذلك إثر اجتماع جرى بين وجهاء البلدة واللجنة الأمنية التابعة للنظام في مقر "الفرقة التاسعة" في مدينة الصنمين. واتفق الجانبان على تسوية أوضاع المطلوبين اعتبارًا من يوم غد السبت، على أن يشمل الاتفاق بلدات نصيب وأم المياذن والطيبة شرقي درعا.
وينص الاتفاق على تسليم عدد من قطع السلاح، وإجراء تسويات للمطلوبين والمنشقين والمتخلفين عن التجنيد الإلزامي وإجراء عمليات تفتيش شكلية في بعض المنازل، بحضور الشرطة الروسية.
ووفق موقع "تجمع أحرار حوران"، فقد أبلغت اللجنة الأمنية التابعة للنظام وجهاء بلدة نصيب وعلى رأسهم القيادي في الأمن العسكري عماد أبو زريق، بضرورة دخول البلدة ضمن اتفاق التسوية، مشيرا إلى أن اللجنة الأمنية ستفتتح مركزاً مؤقتاً لعملية التسوية في بلدة نصيب يوم غد السبت يتولى عمليات التسوية في بلدات نصيب، الطيبة، وأم المياذن.
والجدير بالذكر أن بلدتي الطيبة وأم المياذن تعتبران من مناطق نفوذ "اللواء الثامن" التابع لـ"الفيلق الخامس" المدعوم من قبل روسيا، الأمر الذي يشير إلى أن التسوية ستصل إلى جميع المناطق في المحافظة، بما فيها منطقة بصرى الشام، بحسب ما يتوقع الناشطون هناك. غير أنه من غير المعروف حتى الآن كيف سيكون وضع عناصر "اللواء الثامن" الذين يبلغ عددهم نحو 1800 عنصر مسلحون بأسلحة خفيفة ومتوسطة، فضلا عن المجموعات المسلحة التي شكلتها الأجهزة الأمنية التابعة للنظام.
ويرى الناشط أبو محمد الحوراني في حديث مع "العربي الجديد" أنه بموجب الاتفاقيات من المرجح أن تجرى الأمور في ريف درعا الشرقي كما حصل في بقية المناطق، مشيراً إلى أن قائد "اللواء الثامن" أحمد العودة هو من سلم الريف الشرقي لقوات النظام عام 2018 مقابل الاحتفاظ بنفوذه في المنطقة.

كذلك أيّد الناشط أبو محمود الحوراني الناطق باسم "تجمع أحرار حوران" هذا الرأي وتوقع في حديث مع "العربي الجديد" أن تجرى الأمور في المنطقة الشرقية على غرار ما حصل في بقية المناطق، لكن يمكن أن يتم سحب جزئي للسلاح كما حصل في مدينة انخل بريف درعا الشمالي.
وخلال التسوية في انخل، طالبت اللجنة الأمنية عدداً من العناصر التابعين لـ"اللواء الثامن" بإجراء عملية التسوية وتسليم أسلحتهم الشخصية، ولم يصدر أي تعليق من "اللواء الثامن" أو تحرك حول الأمر، لكن جرى تسليم بندقية واحدة عن كل 3 مقاتلين.
وكانت قوات النظام قد أرسلت تعزيزات عسكرية إلى ريف درعا الشرقي، بينها آليات وسيارات دفع رباعي تحمل عدداً من العناصر، مطلع الأسبوع الجاري، واستقر بعضها بالقرب من بلدة صيدا، والبعض الآخر على الطريق الدولي دمشق عمان، بالقرب من بلدة أم المياذن. ورأى ناشطون أن الهدف من هذه التعزيزات هو دفع أبناء المنطقة للقبول بإجراء عمليات التسوية، على غرار ما حصل في الريف الغربي لدرعا.
وما تزال نحو 25 قرية وبلدة خارج إطار التسويات الجديدة، غالبيتها في الريف الشرقي لدرعا، إضافة إلى الريف الشمالي.


مواجهات في الشمال السوري


وفي الشمال السوري، أعلنت وزارة الدفاع التركية أمس الخميس مقتل خمسة عناصر من مليشيا "قوات سورية الديمقراطية" (قسد) شمالي سورية، وذلك رداً على مقتل جندي تركي بقصف للمليشيا في المنطقة. وقال وزير الدفاع التركي خلوصي أكار إنّ "القوات التركية أطلقت العمليات فوراً ضد الإرهابيين الذين تسبّبوا بمقتل الجندي التركي"، وفق وكالة "الأناضول" التركية.
وأضاف أكار أن القوات المسلحة التركية قضت على "5 إرهابيين وفق المعلومات الأولية"، مشدّداً على أنّ "العمليات مستمرة، وأن عدد قتلى الإرهابيين سيزداد في الساعات المقبلة".
من جهة أخرى، قصفت قوات النظام السوري بقذائف الهاون أطراف بلدة كفر نوران غربي حلب، فيما اتهم ما يسمى بـ"المركز الروسي للمصالحة في سورية" مجدداً "هيئة تحرير الشام" بـ"التخطيط لشن "هجوم كيميائي" في ريف إدلب، بمشاركة الدفاع المدني، بهدف اتهام نظام الأسد، في وقت تزداد فيه الضغوط الدولية على الأخير، بشأن برنامج أسلحته الكيميائية.
ونقلت وسائل إعلامية روسية أمس الخميس، عن نائب رئيس المركز التابع لوزارة الدفاع الروسية، العميد البحري فاديم كوليت، زعمه أن المركز الروسي للمصالحة "تلقى وبشكل متكرر معلومات من مصادر مختلفة حول استعداد مسلحي هيئة تحرير الشام لإثارة استفزازات باستخدام مواد سامة في الجزء الجنوبي من منطقة خفض التصعيد في إدلب".

وواصل كوليت مزاعمه قائلاً: "المسلحون يخططون لشن هجوم كيميائي على خط التماس في مناطق كنصفرة وقدورة، بمشاركة منظمة الخوذ البيضاء الإنسانية الزائفة ومصادر إعلامية محلية، بهدف إنتاج فيديو على مراحل لاتهام قوات الحكومة السورية باستخدام مواد سامة ضد المدنيين".
ودأبت روسيا على تكرار هذه المزاعم خلال السنوات الأخيرة. وتأتي المزاعم الروسية هذه المرة بعد جلسة لمجلس الأمن الدولي يوم الإثنين الفائت، ناقشت التقرير الدوري للمدير العام لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، فرناندو آرياس، حول التخلص من برنامج النظام السوري الكيميائي.
وطالبت الولايات المتحدة في الجلسة بفرض عقوبات على نظام بشار الأسد، بموجب قرار المجلس رقم 2118، مؤكدة أنه "فشل تماماً في الامتثال لالتزاماته، بل ويواصل تجاهل دعوات المجتمع الدولي للكشف الكامل عن برنامج أسلحته الكيميائية وإزالته بشكل يمكن التحقق منه".

النظام السوري يطالب بخروج القوات الأميركية والتركية


طالب وزير الخارجية النظام السوري، فيصل المقداد، القوات الأميركية والتركية بالانسحاب من سورية، متهما "قسد" بحمل نزعة انفصالية، وهو ما رفضته قسد، ودعت النظام للتحلي بالعقلانية.
وأكد المقداد في مقابلة مع قناتي "السورية" و"الإخبارية" التابعتين للنظام الليلة الماضية أن نظامه سيواصل العمل في "الشمال الغربي بمنطقة إدلب والتي يدعمها النظام التركي أو في الشمال الشرقي لمجموعات مسلحة تأخذ طابعاً انفصالياً في بعض الأحيان وتدعمها الولايات المتحدة".
وزعم المقداد أن سوء الأوضاع الاقتصادية في مناطق سيطرة النظام يعود إلى "السياسة الإرهابية الاقتصادية التي مارستها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على سورية والتي يتحمل الشعب السوري نتائجها الكارثية".
وأكد وزير خارجية نظام الأسد أن النظام "مصمم على عودة التعاون مع الدول العربية إلى الحدود العليا"، معتبرا أن "كل الدول العربية ستستفيد من هذا الانفتاح". وأضاف تعليقاً على فتح معبر نصيب مع الأردن "أن الكثير من العرب لا يؤمنون بالحصار الظالم المفروض على الشعب السوري، ونأمل بفتح أفق جديد يساعد البلدين الشقيقين بتحسين الأوضاع الاقتصادية فيهما وتحسين استقرار الأوضاع في المنطقة". .
 من جهته، رد رياض ضرار الرئيس المشترك لـ"مجلس سورية الديمقراطية" (مسد)، على تصريحات المقداد واتهاماته لـ"قسد" واعتبر أنها "تجاوزٌ للفهم والحقيقة"، داعياً "العقلاء في حكومة النظام أن يشقوا طريق الحل السياسي دون جعجعات وطحن" والابتعاد عن التصعيد الكلامي.
واتهم المقداد "قسد" بأن ممارساتها أخدت "طابعاً انفصالياً في بعض الأحيان" مؤكدا تصميم النظام على "القضاء على الإرهاب".
وقال ضرار إن "هناك أكثر من طريقة لمكافحة الإرهاب، والحل الوحيد والمكافحة الوحيدة هو الحل السياسي الذي يتوافق عليه جميع السوريين على طاولة التفاوض، وليس عن طريق التصعيد الكلامي الذي ما زلنا نسمعه باستمرار من ممثلي النظام. ولولا وجود إيران وروسيا، يعلم النظام ماذا كان مصيره. لذلك فإن الحل الوحيد هو الجلوس إلى طاولة التفاوض، عندها نستطيع مواجهة الإرهاب بكل أشكاله"، بحسب وكالة "هاوار" الكردية.
واعتبر أن "الوجود الدولي والإقليمي في سورية ليس نتيجة وجود شرعي أو لا شرعي، إنما هي مسألة مصالح دولية تدخلت بسبب ضعف الحالة السورية وهشاشة الدولة والأسلوب المتبع". وقال في هذا السياق: "التدخل العالمي في سورية ناتج عن خلل في السياسات، كما أن التهديد بعمالة طرف لصالح طرف إقليمي أو دولي لا يساعد في حل الأزمة. يجب على الجميع أن يعترف بسوريته وأن يعمل من أجل سورية، ولا يعمل ويساعد على بيع الأراضي السورية والمصالح السورية ومؤسساتها لهذا الطرف أو ذاك، ليساعده على الاستناد والوقوف والمواجهة".

ولفت الى أن الوجود التركي كان عبر اتفاقات أستانة مع شريكي النظام وتحت علمه، روسيا وإيران، ومطالبة تركيا بالخروج، يجب أن تكون عبر ذلك الوسيط الذي سمح لتركيا بالدخول وتخلى لها عن جزء من الأرض لصالح أجزاء أخرى سلمت للنظام تحت اسم مناطق "خفض التصعيد".
وحول الوجود الأميركي، اعتبر ضرار أنه لقتال تنظيم "داعش" الإرهابي، زاعماً أن "أميركا ستخرج عند إنهاء مهمتها، ونضمن بأنها ستخرج عندما يتفق السوريون، وعلى ممثلي النظام أن يدركوا أن هذه اللعبة خطيرة على الجميع، وعليهم أن يتفقوا مع شعبهم حتى يخرج المحتل".