مع اقتراب دخول الحرب الأوكرانية عامها الثاني تتعقد علاقة روسيا بأوروبا أكثر، في أجواء يخشى البعض انزلاقها إلى ما هو أبعد من أوكرانيا. فعلى الرغم من الحديث الذي دار أخيراً عن إمكانية دخول كييف وموسكو في حل سلمي، تبدو الأمور ذاهبة نحو تسخين وتعقيد في علاقة الطرفين (الأوروبي والروسي)، بعدما بدأت أوروبا، بتشجيع من واشنطن، فتح مخازن أسلحتها التي لم يكن من الممكن تسليمها لأوكرانيا في بدايات الغزو الروسي (في 24 فبراير/ شباط من العام الماضي)، مثل دبابات "ليوبارد" الألمانية وغيرها من أسلحة ثقيلة.
ويزيد من التعقيد ارتفاع الأصوات الأوروبية المؤيدة لمنح الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وعوداً أثناء جولته الأخيرة في أوروبا بالمزيد من الأسلحة. بل بعضهم يبدي حماسة لتزويده بطائرات حربية. تنقسم مواقف دول الاتحاد الأوروبي الـ27 هذه الأيام بالنسبة للتسليح، بين معسكر متردد، يخشى من أن زيادته ترفع منسوب "الحرب الباردة" مع روسيا، ومعسكر آخر متحمس، يرى أن "السلام لا يتحقق إلا بالقوة"، كما هو الموقف البريطاني وبعض دول اسكندنافيا وهولندا وبولندا ودول أخرى. المعسكر الثاني يرى أن تحضير موسكو لهجوم واسع النطاق في الفترة القادمة يتطلب سريعاً تعزيز قدرات كييف العسكرية.
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والمستشار الألماني أولاف شولتز، اللذان قال عنهما زيلينسكي إن لديهما فرصة "لتغيير قواعد اللعبة" (بمد بلاده بمزيد من الأسلحة)، لا يبديان، مع الرئيس الأميركي جو بايدن، حماسة لتزويد أوكرانيا بطائرات وصواريخ يمكن أن تصيب الأراضي الروسية، على الرغم من أنهما يظهران دعماً لأوكرانيا.
إذاً، خشية البعض في أوروبا تستند إلى أن استمرار تدفق السلاح إلى أوكرانيا سيوسع دائرة المواجهة مع موسكو. فروسيا لا تخفي، تصريحاً وتلميحاً، أنها يمكن أن توسع مواجهتها لتشمل خطوط إمداد التسليح الغربي، بما في ذلك رفع العصا بوجه اسكندنافيا والممر الرئيس للسلاح، بولندا.
وعلى الرغم من الحفاوة بالأوكرانيين في عاصمة الاتحاد الأوروبي بروكسل، فإن حساسية بعض الأوروبيين من وصول التأزم في العلاقة مع موسكو إلى ذروة المواجهة والتنافس الساخن، من القطب الشمالي إلى أفريقيا، يضع النادي الأوروبي أمام خيارين: إما الذهاب نحو حافة المواجهة، بضخ المزيد من الأسلحة المتطورة إلى كييف وتعميق المستنقع للضغط أكثر على الكرملين، أو العودة إلى انتهاج سياسات براغماتية أمام الرأي العام في دولها، وخصوصا أن الحرب طال أمدها، وكلفتها تضغط على جيوبهم، تحت ضغط أزمات اقتصادية.