أثار تسريب الضابط الجزائري السابق قرميط بونويرة، وهو السكرتير الخاص السابق لقائد أركان الجيش الراحل (أحمد قايد صالح)، من سجنه العسكري، تساؤلات عدة في ما يخص حدوث التسريب وتوقيته وأهدافه.
وتضمن التسريب عدة اتهامات لقائد أركان الجيش الحالي سعيد شنقريحة وعدد من العسكريين. وقال بونويرة، في التسريب المرئي، إن شنقريحة قام بالضغط على القضاء العسكري لمراجعة وإغلاق ملف تحقيقات كانت تخصه، عندما كان قائداً لمنطقة عسكرية ثم قائداً للقوات البرية، قام بفتحها سلفه أحمد قايد صالح ضده.
وأشار إلى أن قايد صالح كان يعتزم إحالة شنقريحة إلى القضاء العسكري قبل الانتخابات الرئاسية التي جرت في ديسمبر/ كانون الأول 2019، غير أنه فضل تأخير الأمر إلى ما بعد الانتخابات وعدم التشويش على الاستحقاق الانتخابي، لكن القدر كان أسبق منه حيث توفي قايد صالح في الـ26 من الشهر نفسه.
وذكر بونويرة أن قائد الجيش الراحل قايد صالح بدأ، نهاية عام 2018، تحقيقات بسبب استمرار تدفق المخدرات إلى الجزائر، على الرغم من حفر خندق على طول الحدود الجزائرية المغربية ووجود أسلاك وكاميرات مراقبة.
وقال إن التحقيقات كشفت عن وجود تواطؤ لقيادات عسكرية لتمكين المهربين من العبور مقابل الحصول على عائدات، مشيراً إلى أن بعض الأسلحة التي كان يتم الكشف عنها في الصحراء، على أساس أنها عمليات كشف في إطار محاربة الإرهاب، كان يجرى استقدامها من ليبيا وتخزينها في الصحراء ثم تصويرها على أنها اكتشاف من قبل قوات الجيش.
وذكر بونويرة وقائع وتغييرات حدثت في قيادة الجيش قبل فترة قصيرة، للتأكيد على أن التسجيل سُجل داخل السجن العسكري الذي يقبع فيه منذ أغسطس/آب 2020.
كما وجه اتهامات صريحة إلى قائد أركان الجيش الحالي بالعمل على إحداث خلخلة في التوازنات الجهوية داخل قيادات الجيش، وتعيين عسكريين من منطقة الشرق الجزائري، واستبعاد القيادات التي تنتمي إلى باقي مناطق الوطن، مشيراً إلى أن هذه السياسة تمثل خطرا أكيدا على وحدة الجيش الجزائري وعقيدته الوطنية.
وتطرق بونويرة إلى تفاصيل هروبه من الجزائر بعد وفاة قايد صالح، وقال إن قائد أركان الجيش الحالي السعيد شنقريحة عرض عليه العمل معه، لكنه رفض وطلب إحالته إلى التقاعد.
وأشار إلى أنه كان يتوجس من شنقريحة بسبب علمه بالملفات التي قال إنه متورط فيها، وهو ما دفعه إلى التفكير في الخروج من البلاد والتوجه إلى تركيا منتصف مارس/ آذار 2020، خاصة بعدما وصلته معلومات عن رغبة قائد أركان الجيش وتدبيره، مع مسؤولين في القضاء العسكري، خططاً لتلفيق ملفات وتوريطه في أية قضايا، وإذا استدعى الأمر تصفيته.
وكانت السلطات الجزائرية قد تسلمت بونويرة في الثاني من أغسطس/آب 2020 من تركيا، إذ أُحيل إلى قاضي التحقيق العسكري، ووُجهت إليه تهم تجسس وتخابر وإفشاء أسرار ومعلومات عسكرية والاستيلاء على ملفات ووثائق، زعم القضاء العسكري أنه حصل عليها خلال خدمته في مكتب قائد أركان الجيش، قبل أن يقدم استقالته من الخدمة العسكرية بعد وفاة قايد صالح نهاية ديسمبر/كانون الأول 2019.
وأشارت معلومات حينها أن تسليم بونويرة كان محل اتصال هاتفي بين الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إذ تم إرسال فرقة من الأمن الداخلي إلى إسطنبول التركية لاستلامه.
وفيما لم يصدر عن السلطات أي رد أو تعليق على التسريب، ولم يتسن التأكد من صحة التسريب الذي بدا أنه سُجل حديثا، تُطرح تساؤلات كثيرة عن توقيت إخراج هذا التسريب ومضمونه، لا سيما أن بونويرة موجود في السجن، الأمر الذي قد يعقد موقفه القانوني ووضعه داخل السجن.
ويوجد بونويرة داخل زنزانة انفرادية، ويخضع لحراسة مشددة، كما أن إدارة السجن لا تسمح له بلقاء أي أشخاص آخرين.
ويرجح بعض المتابعين ملف الملاحقات العسكرية للضباط السابقين أن يكون تسجيل هذا التسريب قد تم بواسطة جهاز تسجيل، قبل أن يتم تركيبه على صورة متحركة سابقة لبونويرة، وأن الأخير كان يقرأ من ورقة مكتوبة، خاصة أنه ذكر بالترتيب التواريخ والعديد من أسماء القيادات العسكرية التي ورد اسمها في التسريب.
كما أن هناك تساؤلات حول أهداف نشر التسجيل في هذا التوقيت السياسي الحرج، وما إذا كانت جهة ما في السلطة والجيش لها يد في تمكين بونويرة من تسجيل التسريب لإحراج قائد الجيش والدفع به إلى خارج المؤسسة العسكرية، خصوصاً بعد الاتهامات التي وجهها بونويرة لشنقريحة.