استمع إلى الملخص
- الإحصاءات تشير إلى 158 حادثًا خطيرًا منذ 1990 حتى 2023، بما في ذلك هجمات على مساكن اللاجئين والمثليين جنسيًا، مع تسجيل غرب أوروبا وإسكندنافيا لـ1214 حادثة منظمة بين 2015 و2022.
- تنامي القلق من عودة السويد لتصدر قائمة الدول ذات النشاط العنفي لليمين المتطرف، مع تركيز جهاز الاستخبارات السويدي على هذه الجماعات لما تمثله من تهديد للديمقراطية والليبرالية.
يتزايد القلق من عنف جماعات اليمين المتطرف في السويد، إذ ذكرت تقارير أخيرة صادرة عن مراكز بحثية وجهات أمنية أن جماعات نازية جديدة في "جبهة مقاومة الشمال"، إن أم آر (NMR)، وهي مظلة للنازيين الجدد في الدول الإسكندنافية وفنلندا) تواصل استهداف الأجانب ونشطاء اليسار ومناهضي العنصرية وصولاً إلى اليد العاملة، القادمة من دول في الاتحاد الأوروبي الأفقر، مثل رومانيا وغيرها.
القلق من مؤشرات العنف المتطرف يتزامن مع معاناة السويد من عنف مميت آخر على يد العصابات المتصارعة على أسواق الممنوعات، ما يضع هذا البلد الإسكندنافي في مقدمة لائحة الدول الأوروبية الغربية لانتشار عنف اليمين المتطرف، وذلك وفقا لتقرير باحثي معهد سغرستيدت في جامعة غوتيبورغ جنوب غرب السويد الأربعاء الماضي.
وكشف المعهد أنه خلال شهر إبريل/ نيسان الماضي تعرض بعض العمال الفقراء من رومانيا، المقيمون في بيوت بدائية من القماش المشمع والألواح الخشبية في منطقة غابات قريبة من ضاحية أكالا في العاصمة استوكهولم، إلى هجوم شنه النازيون من حركة مقاومة الشمال. سمى المهاجمون هجومهم بـ"عملية تطهير" (الغابة)، ناشرين ما فعلوه على منصات التواصل الاجتماعي. ونقلت صحيفة "داغينسنيهتر" السويدية الأربعاء الماضي عن بعض العمال "لحظات الرعب" التي تعرضوا لها.
ونقلت الصحافة المحلية في استوكهولم نهاية مايو/ أيار الفائت أن العنف المتجدد على مدار السنوات الماضية يعيد السويد مرة أخرى إلى الوضع الأسوأ في أوروبا الغربية من حيث معدلات العنف الفردي المميت على يد أطراف من بيئات يمينية متطرفة.
وفي هذا الاتجاه، تشير الأرقام التي يرصدها مركز أبحاث متخصص بعنف الجماعات المتطرفة في إسكندنافيا بجامعة أوسلو النرويجية إلى أن الجماعات اليمينية المتطرفة بالسويد كانت وراء ما مجموعه 158 حادثا خطيرا، بما في ذلك 142 حادثة عنف مباشر ضد الأشخاص. وأشار المركز إلى أن الفترة بين 1990 و2023 شهدت حوادث عنف مميتة وغير مميتة، بما في ذلك هجمات على مساكن اللاجئين وضد المنافسين السياسيين، وخصوصا العنف ضد اليساريين، فضلا عن هجمات ضد المثليين جنسيا.
ويأتي ذلك في سياق أوروبي تتطور فيه سلباً أجواء التعايش، بحيث أصبحت جماعات التطرف العنفية أكثر جرأة على تنفيذ هجماتها. وسجلت الإحصاءات التي نشرتها جامعة أوسلو أن غرب أوروبا وإسكندنافيا شهدا بين 2015 و2022 نحو 1214 حادثة منظمة ونحو 800 حادثة "عفوية" أو فجائية صادرة عن التطرف اليميني. ونجم عن تلك الأحداث مقتل حوالي 55 شخصا وإصابة 1700.
تزايد الهجمات الإرهابية من قبل اليمين المتطرف في السويد
ووفقاً للأرقام فإن الهجمات في السويد بين حتى 2023 أدت إلى مقتل 21 شخصاً وإصابة 171، ما جعل ذلك السويد واحدة من الدول التي تتزايد فيها ارتكاب هجمات إرهابية يمينية متطرفة. ووفقاً لنائب مدير معهد سيغرستيدت في جامعة غوتيبورغ روبن أندرسون مالمروس، تسلل أعضاء من الحركة النازية إلى أحزاب يمينية متطرفة، مثل حزبي البديل لأجل السويد وديمقراطيي السويد.
وتعرّضت بعض مراكز إيواء اللاجئين في 2016 إلى هجمات وتفجيرات وحرائق (بعد موجة اللجوء في 2015، حيث استقبلت السويد نحو 163 ألفا خلال أسابيع قليلة)، هذا إلى جانب حادثة الاغتيال الشهيرة في 2022؛ حيث تعرض تجمّع "ألميدال" السنوي لمناقشة الحالة الديمقراطية في السويد لهجوم من قبل شخص ثلاثيني من الحركة النازية، وأودى بحياة كبيرة أطباء طعنا بسكين. ووجهت إلى الجاني تهمة ارتكاب عمل إرهابي وتخطيطه لقتل زعيمة حزب الوسط، آني لوف (يسار وسط) وغيرها من السياسيين.
مثل تلك الهجمات التي يطلق عليها الباحثون "عفوية"، أو"الفردية"، تثير قلقا متزايد من أن السويد تعود مرة أخرى إلى تصدر قائمة الدول التي تنشط فيها جماعة التطرف اليميني العنفية. ففي صيف العام الماضي حذر تقرير لمؤسسة الدفاع السويدية (FOI) الأمنية من تنامي "أوساط التطرف المناهض للديمقراطية"، مشيرا إلى جريمة ألميدال كنموذج على العنف المرتبط بالتطرف اليميني والنازية الجديدة.
المخاوف المتزايدة من العنف اليميني المتطرف في السويد يعود في بعض جوانبه إلى قوة وانتشار الحركة النازية الجديدة
وخلال السنوات الأخيرة زاد جهاز الاستخبارات السويدي، سابو، من تسليط الضوء على أوساط المتطرفين اليمينيين، بعد سنوات من التركيز فقط على الأوساط الإسلامية. وعن ذلك الاهتمام المتزايد بعنف اليمين المتطرف في السويد صرحت المسؤولة السابقة لقسم مكافحة الإرهاب والحماية الدستورية في سابو، سوزانا تريهورنينغ، بأنه اهتمام "يتعلق بتزايد مخاطر استخدام العنف المباشر والقتل". والمسألة هنا لا تتعلق بمخاطر التعبير عن المواقف المتطرفة، بل "بتهديد يتعلق بتآكل الديمقراطية وضرب الليبرالية"، وفقاً لتصريحات المسؤولة الأمنية تريهورنينغ الخميس الماضي.
والمخاوف المتزايدة من العنف اليميني المتطرف في السويد يعود في بعض جوانبه إلى قوة وانتشار الحركة النازية الجديدة "جبهة مقاومة الشمال"، وقيادتها فعليا للمشهد النازي الإسكندنافي، حيث إن نشاطها يتجاوز السويد جغرافياً. كما أن استلهام هذه الحركة، كأفراد وجماعات، لأحداث إرهابية يمينية متطرفة، كتلك التي استهدفت بالقتل مسلمين ومهاجرين حول العالم، أو اقتحام الكونغرس الأميركي على يد مؤيدي الرئيس السابق دونالد ترامب، باتت تشغل بال المهتمين بتوسع الشبكات المؤيدة لاستخدام العنف، وخصوصاً مع تنامي معسكر اليمين المتطرف في مختلف الساحات السياسية الأوروبية.