تزايد المخاوف الفلسطينية من عدوان على غزة

16 مارس 2023
استعراض لـ"القسام" بغزة، ديسمبر الماضي (محمد عابد/فرانس برس)
+ الخط -

لا تخلو جلسات الفلسطينيين في قطاع غزة هذه الأيام من الحديث عن حرب مرتقبة مع الاحتلال الإسرائيلي في شهر رمضان (الأسبوع الأخير من شهر مارس/ آذار الحالي)، مع بقاء بضعة أيام على حلوله، في ضوء تصاعد حدة التصريحات والرسائل المتبادلة بين فصائل المقاومة الفلسطينية ودولة الاحتلال.


مروان عيسى: المشروع السياسي في الضفة انتهى، والعدو أنهى (اتفاق) أوسلو

وباتت مجالس سكان غزة تناقش فرص اندلاع هذه المعركة وتوقيتها ومدى جاهزية الأذرع العسكرية في القطاع لها، مع تصاعد الأحداث في الضفة الغربية والقدس المحتلتين في الفترة الأخيرة وتزايد الجرائم والانتهاكات الإسرائيلية.

ومع تتابع التصريحات الصادرة عن شخصيات قيادية بارزة في الفترة الأخيرة مثل نائب رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" صالح العاروري، ورئيس الحركة في الخارج خالد مشعل، ورسالة المتحدث العسكري باسم "كتائب القسام" أبو عبيدة، تعززت قناعة الفلسطينيين بأن المواجهة حتمية خلال شهر رمضان.

المواجهة محسومة في غزة

ويرى فلسطينيون أن المواجهة أصبحت محسومة وأن اندلاعها مرتبط فقط بالشرارة التي ستشعلها استناداً للسيناريوهات التصعيدية التي مر بها القطاع خلال السنتين الماضيتين لا سيما خلال مواجهة عام 2021، التي أطلقت عليها قوى المقاومة اسم "سيف القدس" وحصلت في شهر رمضان أيضاً، إذ تتشابه أحداث 2021 مع الأيام الحالية.

وجاءت تصريحات نائب القائد العام لـ"كتائب القسام"، الذراع العسكرية لحركة حماس، مروان عيسى، أمس الأربعاء، لتعزز مخاوف الفلسطينيين في القطاع من اندلاع مواجهة جديدة واسعة النطاق خلال شهر رمضان.

وأكد عيسى أن ‎إتاحة الفرص للمقاومة في الضفة لا يعني تركها، ولا يعني بقاء غزة صامتة، مشدداً على أن المقاومة "ستدافع عن شعبنا بكل قوة عندما يستوجب التدخل المباشر"، ولفت في تصريح نادر وزع على وسائل الإعلام إلى "أن المشروع السياسي في الضفة انتهى، والعدو أنهى (اتفاق) أوسلو (الموقع في عام 1993)، والأيام المقبلة حبلى بالأحداث".

وأضاف عيسى: "نتيح المجال ونعطي الفرص للمقاومة في الضفة الغربية والقدس، لأنها ساحات الفعل والتأثير الاستراتيجي في المرحلة الحالية"، وأشار إلى أن "الروح الاستشهادية لأهلنا في الضفة غير مسبوقة، وأهلنا ومقاومتنا في الضفة بألف خير على مستوى الوعي بصوابية مشروع المقاومة والوحدة الوطنية في مواجهة الاحتلال".

وشدّد عيسى على ضرورة "إشعال العمل المقاوم في جميع ساحات فلسطين ودعمها مادياً ومعنوياً وإعلامياً، وأن هذا لا يعني تركها وحدها"، مؤكداً على "استمرارنا في مراكمة القوة وبناء استراتيجية المقاومة التي توصلنا إلى التحرير والدفاع عن شعبنا، في كل فرصة تستوجب التدخل المباشر".

وحملت التصريحات الصادرة عن الرجل الثاني في ذراع حماس العسكرية، إشارة واضحة إلى أن الأيام المقبلة ستكون "حبلى بالأحداث" من دون إيضاح. وسبق التصريح، اختتام "سرايا القدس"، الذراع العسكرية لحركة "الجهاد الإسلامي"، مناورة عسكرية بالذخيرة الحية شهدت محاكاة لسيناريوهات الحرب وإطلاقاً للصواريخ والقذائف التجريبية نحو البحر من أجل رفع الجهوزية والاستعداد لأي مواجهة محتملة مع الاحتلال.

في المقابل، فإن بعض التقارير الصادرة عن المؤسسة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية تعزز قناعة الجمهور الفلسطيني في غزة بإمكانية اندلاع المواجهة الجديدة، بعد أقل من عام على المواجهة الأخيرة التي وقعت في شهر أغسطس/ آب 2022.

وباتت صفحات وحسابات التواصل الاجتماعي الخاصة بالنشطاء الفلسطينيين تحمل إشارات ودلالات مرتبطة بالمواجهة والتصعيد، مع استحضار لمشاهد سابقة من الحروب التي خاضها الفلسطينيون خلال شهر رمضان لا سيما في عامي 2014 و2021.


تيسير محيسن: إضراب الأسرى في رمضان قد يتدحرج إلى تدخل للمقاومة

وفي السياق، يشير الباحث حيدر المصدر إلى أن حالة النقاش الدائرة في الجبهة الداخلية الفلسطينية في غزة تعتبر طبيعية أمام الرسائل والخطاب الدعائي المشحون هذه الفترة والذي يحمل رسائل التهديد.

ويقول المصدر في حديثٍ مع "العربي الجديد"، إن الرسائل المتبادلة سواء تلك الصادرة عن الاحتلال أو حتى رسائل المقاومة الفلسطينية والشخصيات السياسية والعسكرية، تحقق تفاعلاً جماهيرياً واضحاً لارتباطها بأحداث هامة كالمواجهة. وبحسب المصدر، فإن الأمر سيزداد أكثر كلما اقترب حلول رمضان وسيحظى باهتمام وتركيز أكثر من الجمهور في تفاعله مع الأحداث خلال أيام رمضان، لا سيما مع وجود رسائل متبادلة بين الطرفين.

وخلال عام 2014 خاض الفلسطينيون في غزة مواجهة هي الأكبر على صعيد الحروب في الفترة الأخيرة، واستمرت 51 يوماً، وقعت غالبية أحداثها خلال شهر رمضان. وتكرر المشهد في عام 2021، حين اندلعت المواجهة بسبب الانتهاكات الإسرائيلية في القدس واستمرت حينها 11 يوماً.

ملفات طاغية

وبرأي الكاتب تيسير محيسن، فإن التصريحات الأخيرة للقسام، وتحديداً لعيسى، حملت مؤشرات تدل على أن الأجواء قد تختلف وقد تكون هناك مواجهة مفروضة على الفلسطينيين خلال شهر رمضان.

ويضيف محيسن في حديثٍ مع "العربي الجديد"، أن هناك ملفين مهمين وجميع المؤشرات الدائرة تدل أنه لا تراجع بشأنهما، وهما ملف القدس والمسجد الأقصى وتزامن الأعياد اليهودية مع شهر رمضان، إلى جانب ملف الأسرى الذي يتفاعل في ظل عدم وجود أي نوع من المؤشرات الجدية باستجابة إدارة مصلحة السجون لهم والتراجع عن خطواتها التصعيدية.

ووفقاً لمحيسن، فإن إضراب الأسرى المحتمل في مطلع شهر رمضان، يعتبر من الملفات الساخنة التي قد تستدعي في ما لو حصل صدام بين الأسرى وإدارة السجون، تدخلاً للمقاومة في القطاع.

ويبدي اعتقاده بأن الرسائل الأخيرة الصادرة عن الطرف الفلسطيني، ولا سيما الشخصيات العسكرية أرادت أن تستبق رمضان وأن توجّه رسائل واضحة للاحتلال الإسرائيلي، بأنه لا يمكن بأي حال من الأحوال تجاوز ملفات القدس والأسرى.

ويلفت إلى أن ما حصل في مواجهة "سيف القدس" عام 2021 قد يحصل بطريقة أوسع وأشمل وأعمق، وهو ما كان حاضراً في رسائل نائب رئيس أركان القسام، لا سيما في ما يتعلق بملفي الأقصى والأسرى باعتبارهما يحظيان بغطاء وطني واسع.

ويرى محيسن أن ما سيحسم المشهد بشأن إمكانية اندلاع مواجهة من عدمه خلال الفترة المقبلة، هو حالة التباين القائمة داخل حكومة بنيامين نتنياهو وقدرته على ضبط إيقاع المشهد السياسي فيها، في ظل حضور شخصيات متطرفة مثل وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش.