تزايد القلق الجزائري من "حرب المخدرات" وقائد الجيش يحذر

09 مايو 2023
عناصر من القوى الأمنية الجزائرية (رياض كرامدي/فرانس برس)
+ الخط -

يتزايد القلق السياسي والأمني في الجزائر بالفترة الأخيرة من تفاقم خطير لتدفق أطنان من المخدرات والقنب الهندي من المنافذ الحدودية مع المغرب ومالي، إذ باتت السلطات الجزائرية تصف الأمر بأنه "حرب استنزاف" حقيقية تستهدف الإضرار بالسلم الأهلي الداخلي.

وفي أحدث التحذيرات التي تعبّر عن القلق مما تصفه السلطات الجزائرية بحرب المخدرات، حذر قائد الجيش الجزائري، الفريق أول السعيد شنقريحة، خلال لقائه القيادات العسكرية في منطقة بشار جنوب غربيّ الجزائر أمس الاثنين، من "المحاولات الخسيسة المتمثلة في إغراق بلدنا بالمخدرات والتي تستعمل كسلاح خطير ضد بلدنا وضد شعبنا، بغرض إفشال عزائمهم والنيل من إرادتهم".

ودعا شنقريحة "كافة الفاعلين على الساحة الوطنية من أولياء ورجال إعلام ومدرسة ومسجد للمشاركة في هذه المعركة النبيلة، ولا سيما من خلال تكثيف الحملات التحسيسية تجاه الشباب بمخاطر هذه السموم".

وقال المحلل والباحث في قضايا الأمن والإرهاب والقانون، جمال خذيري، لـ"العربي الجديد" إن "معضلة المخدرات ليست جديدة في الجزائر، لكن هناك سياقات جديدة ستجعل منها قضية أمنية بالدرجة الأولى، أولها تفاقم الظاهرة بشكل بات يهدد الأمن الأهلي، والثاني تفرغ الجيش من معركة القضاء على الإرهاب، ما سيتيح له التفرغ لمواجهة شبكات المخدرات التي أظهرت التحقيقات تمددها الإقليمي والخارجي، وترابطها مع الجماعات المسلحة"، مشيراً إلى أن "مثل هذا الوضع يواجهه الأردن ودول الخليج نفسها في الوقت الحالي، مع شبكات الكبتاغون".

وتعتقد السلطات الجزائرية، وفقاً لتقارير أمنية، أن هناك جهداً منظماً من جهة خارجية تساعد شبكات تهريب المخدرات وتوفر منافذ لتوجيه تدفقها إلى الجزائر، وتتهم السلطات الجزائرية المغرب بذلك، وتكشف بيانات قدمها وزير الداخلية الجزائري، إبراهيم مراد، أنه حُجز حوالى 2.5 طن من القنب الهندي و17 كغ من الكوكايين وقرابة 1 كغ من الهيرويين، بالإضافة إلى 3.5 ملايين قرص من المؤثرات العقلية في غضون الأشهر الثلاثة الأولى من 2023، في مقابل خمسة أطنان من القنب الهندي وأكثر من سبعة ملايين قرص من المؤثرات العقلية خلال كل عام 2022.

واعتقلت السلطات أكثر من 37 ألف شخص متورطين في عمليات تهريب والاتجار وتوزيع القنب الهندي والمخدرات، ودفعت هذه الوضعية البرلمان الجزائري قبل أسبوعين إلى إقرار قانون يغلظ العقوبات على تجار المخدرات، من بينها فرض عقوبات بالمؤبد أو السجن 30 عاماً على المتورطين.

وفي السياق نفسه، قال رئيس المرصد الوطني للمجتمع المدني (هيئة دستورية تتبع الرئاسة)، نور الدين بن براهم، خلال افتتاح ندوة وطنية ثالثة للنقابة الوطنية للصيادلة الاثنين، إن "حجم التهديدات والمخاطر التي أصبحت اليوم تحوم حول الثروة البشرية والشباب هي حقيقة وأمر خطير جداً بالنظر إلى ما نراه ونتابعه يومياً من طريق وسائل الإعلام".

وكان وزير الداخلية الجزائري، إبراهيم مراد، قد أعلن يوم الخميس، خلال جلسة استجواب في البرلمان، أن "الجزائر تواجه حرباً معلنة باستخدام المخدرات تىستوجب على الجميع مواجهتها بشتى الوسائل"، مضيفاً أن "الجزائر مستهدفة من خلال المخدرات، وتواجه حرباً من الجارة الغربية تستوجب علينا مواجهتها بشتى الوسائل، من خلال إشراك جميع القطاعات والهيئات المختصة والمجتمع المدني"، وهذا بسبب حجم المخدرات التي تتدفق على البلاد والتي بلغت مستويات قياسية، برغم الجهود الكبيرة التي تقوم بها الأجهزة الأمنية.

ويعتقد مراقبون أن القلق الجزائري من "حرب المخدرات"، مرتبط بالبيانات والأرقام المخيفة التي تكشف تزايد تدفق المخدرات من المغرب بشكل أساسي، وخصوصاً بعد إقرار المغرب تشريعات محلية تقنن زراعة  القنب الهندي، وهو ما يعني أن الجزائر هي المنطقة الأقرب، والتي تضم أكبر كتلة من الشباب يمكن استهدافها بتسويق هذه المخدرات.

المساهمون