تزايد أعداد المسلحين الجزائريين العائدين من منطقة الساحل.. خلفيات وأسباب

27 يناير 2021
توفر الجزائر فرصة للمسلحين العائدين للاستفادة من تدابير قانون المصالحة الوطنية (فيسبوك)
+ الخط -

تتزايد أعداد المسلحين الجزائريين العائدين من مناطق القتال والأنشطة الإرهابية في منطقة الساحل، والذين يسلمون أنفسهم للجيش الجزائري في مناطق الجنوب المتاخمة لمناطق شمالي مالي والنيجر، حيث تتمركز مجموعات المسلحة الموالية لتنظيمي "داعش" و"القاعدة" الإرهابيين. 

وأعلنت السلطات الجزائرية تسليم أحد مسلحي تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" نفسه للجيش بمنطقة برج باجي مختار، أقصى جنوبي الجزائر، ويتعلق الأمر بالإرهابي العربي لادمي مهدي والمكنى باسم  "أبة"، بعد تسع سنوات من النشاط في صفوف المجموعات الإرهابية في منطقة الساحل منذ عام 2012. وذكرت وزارة الدفاع الجزائرية أن هذا الإرهابي سلم الجيش قطعة سلاح رشاش وكمية من الذخيرة كانت بحوزته. 

ويعد العربي لادمي خامس مسلح يسلم نفسه للجيش في منطقة الجنوب والصحراء، منذ الإعلان عن صفقة التبادل بين فرنسا وتنظيم "أنصار الإسلام" بداية شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، خاصة بعد اشتداد المواجهات في الفترة الأخيرة في المنطقة بين مجموعات تنظيم "القاعدة"، ومجموعات توالي تنظيم "داعش" الإرهابي. 

وقبل أسبوعين، سلم نفسه للجيش الإرهابي والناشط السابق في الجماعات المسلحة في منطقة الساحل مهري محمد والمكنى رويبح، والذي كان عائداً من شمالي مالي حيث كان ينشط في صفوف الجماعات الإرهابية منذ سنة 2011. 

 

وفي 30 نوفمبر/ تشرين الثاني، سلم الإرهابي بن خية عيسى نفسه لقوات الجيش، بعد سنتين من النشاط في صفوف الجماعات الإرهابية التي كان قد التحق بها سنة 2018 في الحدود المالية، وفي نفس الفترة كانت أجهزة الأمن الجزائرية قد اعتقلت إرهابياً من بين المفرج عنهم في إطار صفقة "صوفي بترونين" بين فرنسا وتنظيم "أنصار الدين" المتمركز في شمال مالي، ويدعى مصطفى الجزائري بعد عودته إلى الجزائر. 

 كما تم توقيف الإرهابي الحسين ولد عمار ولد مغنية المدعو "مايس"، البالغ من العمر 32 سنة، في منطقة تيمياوين (بلدة حدودية تقع على خط تماس مع منطقة شمال مالي) بولاية تمنراست، أقصى جنوبي الجزائر، وهو أيضاً من بين المفرج عنهم في نفس الصفقة، مباشرة بعد عودته إلى الجزائر. 

وصدقت توقعات القيادة العسكرية للجيش الجزائري وجهاز الاستخبارات بإمكانية عودة وتسلل عدد من المسلحين الجزائريين، بمن فيهم المفرج عنهم ضمن الصفقة الفرنسية مع تنظيم "أنصار الإسلام" إلى داخل الجزائر، سواء بقرار انفرادي أو كمبعوثين من التنظيم الإرهابي، وهو ما فرض تنفيذ عمليات رصد لتحركات المسلحين في المنطقة الحدودية القريبة من شمالي مالي والنيجر، وسمحت بتوقيف المسلحين واتخاذ بعضهم قراراً بتسليم أنفسهم ووقف العمل المسلح.  

 

وفي الغالب، تتيح السلطات الجزائرية للمسلحين العائدين فرصة توجيه دعوات إلى رفاقهم الذين ما زالوا ينشطون في الساحل، للعودة إلى البلاد ووقف النشاط الإرهابي، ويعبرون عن حسن معاملتهم من قبل السلطات لتبديد مخاوف الناشطين، وهو ما يسهم أحياناً في إقناعهم بالاستلام، فضلاً عن جهود تبذلها الأجهزة الأمنية بالتنسيق مع أعيان قبائل التوارق لإقناع هؤلاء بالاستسلام، خاصة أن الأجهزة  الأمنية تستفيد كثيراً من كم هائل من المعلومات التي يوفرها العائدون في التحقيقات.   

ويفسر المحلل المختص في الشؤون الأمنية في منطقة الساحل، حسام عيسى، في تصريح لـ"العربي الجديد"، العودة المتتالية للمسلحين الجزائريين ومغادرتهم منطقة الساحل، بأن لها علاقة بالمتغيرات التي تعرفها المنطقة على خلفية الصراع الدامي على النفوذ بين "تنظيم أنصار الإسلام" و"القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" من جهة ، وتنظيم "داعش" الإرهابي، وكذلك اشتداد العمليات العسكرية التي يقوم بها الجيش الفرنسي والمالي في شمال مالي، والتضييق الكبير على أنشطة المجموعات المسلحة. 

وضيقت الإجراءات التي تقوم بها السلطات كثيراً على ممرات التحرك ومنابع التمويل بالنسبة للمسلحين، إضافة إلى أن السلطات ما زالت توفر حتى الآن فرصة للمسلحين العائدين للاستفادة من تدابير قانون المصالحة الوطنية.