ترميم هيئة الانتخابات: لماذا يؤجل قيس سعيّد إطلاق الهيئة الدستورية؟

15 سبتمبر 2023
خلال استقبال قيس سعيّد الأعضاء الجدد للهيئة العليا المستقلة للانتخابات (فيسبوك)
+ الخط -

أثار ترميم الرئيس التونسي قيس سعيّد لمجلس هيئة الانتخابات المعيّنة بمرسوم رئاسي خلال فترة الاستثناء، تساؤلات حول تأجيل إطلاق الهيئة الدستورية ورغبته في استدامة حالة الاستثناء في البلاد.

وعيّن سعيّد، أمس الخميس، ثلاثة أعضاء جدد في هيئة الانتخابات بأمر رئاسي، وهم، بلقاسم العياشي، ونجلاء عبروقي، وأيمن بوغطاس.

ورمم سعيّد بهذه التعيينات مجلس الهيئة المتكون من 7 أعضاء، بعدما أصبحت محل انتقاد خلال الأشهر الأخيرة مع اقتراب تنظيم انتخابات مجلس الجهات والأقاليم والمجالس المحلية المفترض نهاية شهر ديسمبر/كانون الأول المقبل، بحسب ما أعلنه رئيس الهيئة فاروق بوعسكر.

وقال الرئيس سعيّد خلال موكب أداء اليمين للأعضاء الجدد للهيئة العليا المستقلة للانتخابات، إن "الانتخابات يُراقبها التونسيون لا المراقبون الأجانب"، مشددا على أن "الملاحظين في السابق كانوا يأتون إلى تونس ويقولون إن الانتخابات شفافة رغم أنها مزورة ثم يرسلون برقيات التهاني".

وتابع سعيّد: "نحن لا نوجه برقيات إلى الدول على غرار فرنسا والولايات المتحدة الأميركية لشكرها على انتخاباتها الشفافة"، وأضاف: "لا حاجة لنا لشهاداتهم، بل نحن في حاجة لشهادة التونسيين".

وبحسب ما قاله سعيّد، فإن "الشعب هو من يقول هل الانتخابات شفافة أم لا؟".

واستغرب المتابعون ذهاب الرئيس نحو سد الشغورات في الهيئة الحالية بدل تفعيل دستور 2022 الذي صاغ بنوده بنفسه، واختياره الذهاب نحو ترميم مجلس الهيئة التي أسسها بموجب مرسوم أصدره العام الماضي إثر حل الهيئة العليا للانتخابات الدستورية المنتخبة من برلمان 2014، وتعويضها بهيئة معينة مكونة من 7 أعضاء تكلفت بالإشراف على عملية تمرير الدستور في استفتاء 25 يوليو/ تموز، ثم على انتخابات مجلس نواب الشعب بدورتيه. 

تحول حالة الاستثناء إلى نظام حكم

وبحسب ما قاله أستاذ القانون الدستوري، الصغير الزكراوي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، فإن "حالة الاستثناء أصبحت نظام حكم دائما في تونس"، مشيرًا إلى أن "رئيس الجمهورية أعجبه هذا الوضع وكرّسه في النصوص وعلى أرض الواقع.. الرئيس يبحث عن استدامة حالة الاستثناء"، إلا أنه أكد عدم وجود أي مانع أمام تأسيس هيئة انتخابات كما نص عليه الفصل 134 من الدستور في 2022، وبالتالي سد الشغور في الهيئة القائمة.

وفسر الزكراوي سد الشغورات في الهيئة جراء تقديم منظمة "أنا يقظ" شكوى ضد هيئة الانتخابات لدى المحكمة الإدارية، ومطالبتها بإلغاء كل القرارات التي تم اتخاذها بسبب غياب النصاب في الهيئة التي كانت منقوصة من 3 أعضاء.

وقال: "من المفترض أن تكون الهيئة وقانونها مطابقين للدستور، وربما ينتظر تنظيمها بقانون بدل المرسوم الذي تم إصداره في حالة استثنائية"، مشيرا إلى أنه "لا توجد إرادة لوضع قانون أساسي وهيئة مطابقة للدستور".

وشدد أستاذ القانون على أن "حالة الاستثناء تحولت إلى نظام حكم"، وتابع: "تاريخيا من السهل إعلان حالة الاستثناء، ولكن من الصعب أن تخرج منها وخاصة في نظام كنظام قيس سعيّد، وحتى بدستوره الذي يتحدث عن نهاية حالة الاستثناء بانتصاب البرلمان، ولكن على أرض الواقع رئيس الجمهورية هو من يحكم والبرلمان صوري وشكلي بلا صلاحيات، وبالتالي تجب قراءة الدستور والنصوص حرفيا أمام ما يمارس في الواقع".

وقال رئيس منظمة "مراقبون"، سليم بوزيد، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن المنظمة أكدت استغرابها التعارض منذ تعيين أعضاء الهيئة المؤقتة التي صيغ مرسومها في وضع استثنائي وخلال حالة طوارئ، خصوصا بوضع فصل يتحدث عن حالات التجديد في هيئة يفترض أن دورها مؤقت يشرف على انتخاب برلمان جديد.

وأضاف: "هذا الأمر غير جديد، وقد تحدثنا منذ السابق عن ضرورة تأسيس محكمة دستورية لتفصل في هذه المسائل حتى منذ 2014".

وحول سد الشغور في الهيئة الحالية، أشار إلى أن "ذلك ليس بالأمر السلبي في هذا الوضع، فهو أفضل من هيئة منقوصة بعد الاستقالات والإعفاء وفي ظل غموض وضعية العضو سامي بن سلامة الذي يتمسك بعضويته بينما تعتبره الهيئة مُعفى".

كما أبدى رئيس المنظمة التونسية من أجل نزاهة وديمقراطية الانتخابات "عتيد" بسام معطر، استغرابه في تصريح لـ"العربي الجديد"، عدم تعديل القانون الانتخابي ليصبح مطابقا للدستور وتأسيس مجلسها بنفس الشروط الدستورية على أن تصبح تركيبتها من 9 أعضاء، مضيفًا: "كان من الأفضل أن تكون الهيئة والقوانين مطابقة للدستور وليس هناك أي مانع للقيام بذلك وقد تمت المصادقة على الدستور منذ 2022 لتدخل فصوله حيز النفاذ وليس لتبقى فصوله معلقة وخصوصا بعد تنصيب مجلس نواب الشعب".

وتابع قائلا إن "السلطة والمشرّع هما اللذان يسألان عن عدم تعديل القانون وتأسيس هيئة مطابقة للدستور، وهل نحن اليوم في ظل الإجراء المستحيل الذي يحول دون تعديل القانون؟... نحن لا نظن أن هذا هو السبب أو هو سهو من السلطة، ونستغرب ألا تتفطن هيئة الانتخابات لهذا الأمر".

وأضاف: "هو في النهاية خيار سياسي رغم أنه لا يوجد ما يمنع سن قانون وتعيين أعضاء باعتبار أن التعيين في النهاية بيد رئيس الجمهورية". وأشار معطر إلى أن "سد الشغور في الهيئة يأتي بهدف جعل أعمالها قانونية باكتمال نصابها".

المساهمون