كثرت المؤشرات أخيرا إلى سعي زعيم المعارضة التركية، رئيس حزب الشعب الجمهوري كمال كلجدار أوغلو، لترشيح نفسه لانتخابات الرئاسة المقبلة، منافسا للرئيس رجب طيب أردوغان، وذلك استنادًا إلى تصريحاته واستراتيجيته في التقرب من الشعب وجيل الشباب، وعبر دعم قياديي حزبه.
وعلى الرغم من أن الانتخابات الرئاسية التركية مقرر إجراؤها بعد عامين، أي في حزيران/يونيو 2023، وعدم وجود نية لدى التحالف الجمهوري الحاكم بالجنوح نحو إجرائها مبكرا، إلا أن المعارضة تضغط منذ أكثر من عام لإجراء انتخابات مبكرة، مستثمرة الأجواء الشعبية المناوئة للحكومة بسبب الأوضاع الاقتصادية.
كما أن المعارضة تضغط باتجاه الاستفادة من أجواء التحالف المعارض، الذي نجح في الانتخابات البلدية الأخيرة بكسب بلديات هامة مثل أنقرة وإسطنبول، وظهور أسماء يعول عليها في منافسة أردوغان، والاستفادة أيضا من الأصوات الكردية الداعمة، في أجواء نادرة لإجماع المعارضة على هدف واحد وهو إسقاط حكم أردوغان.
وقال زعيم المعارضة كلجدار أوغلو، خلال لقاء شبابي على منصة "تويتش" عقد قبل يومين، ردا على سؤال كيف سترضي الشباب: "من الصعب إرضاء الشباب، حيث لكل فئة أبعاد مختلفة في الرضى، ولكن الشباب يحب الحرية، كونوا متأكدين عندما أنتخب، سأكون منفتحا على جميع أنواع النقد، ما لم تكن متضمنة الإهانة والتحقير، لكي أتعلم من هذا النقد".
وفتحت هذه التصريحات للمرة الأولى الباب على نية كلجدار أوغلو ترشيح نفسه، وهو ما لاقى صدى عبر منصات التواصل الاجتماعي، ودعما من قياديي الحزب، الذين أعربوا عن اعتقادهم بأن كلجدار أوغلو هو الرجل المناسب لمنافسة أردوغان، رغم أن آخر استطلاعات الرأي تبرز عمدة أنقرة منصور ياواش كمرشح مفضل لدى المعارضة.
الطرح لترشيح كلجدار أوغلو بدأ منذ مناقشات الموازنة في البرلمان قبل أشهر، عندما حصلت مشادات كلامية، فقال أحد أعضاء حزب العدالة والتنمية له "رشح نفسك للانتخابات"، ليرد عليه كلجدار أوغلو بالقول "من قال أني لن أكون مرشحا رئاسيا"، ومنذ ذلك التاريخ يتم الحديث عن المرشح التوافقي للمعارضة، فيما تحوم التخمينات حول 3 أسماء، هم عمدة إسطنبول أكرم إمام أوغلو، وعمدة أنقرة ياواش، وكلجدار أوغلو.
وتُتّبع في هذه المرحلة جهود أخرى عبر محاولات تحسين صورة كلجدار أوغلو من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، عبر نشر مقاطع فيديو له من داخل منزله، وظهوره كشخص متواضع في منزل صغير لديه مطبخ بسيط، يعاون زوجته سلفي كلجدار أوغلو في أعمالها المنزلية، حيث يهدف من خلال ذلك للتقرب أكثر من الشباب ومستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، وإظهار نفسه متواضعا، عكس أردوغان المتهم من المعارضة بالبذخ.
كما أن هذه المشاهد شكلت فضولا لدى المتابعين، فسأله بعضهم "ماذا تحوي الثلاجة الصغيرة؟"، ليتفاعل معها بالقول "في الثلاجة سعادة وهناء"، وخلال عطلة عيد الفطر، نشر كلجدار أوغلو فيديو يظهر إعداده مع زوجته "بورك البطاطا"، وهو طعام شعبي، نال استحسان المتابعين أيضا.
ويبدو أن تحدي قبول كلجدار أوغلو ينطلق من موقف حليفته رئيسة الحزب الجيد ميرال أكشنر، التي قد تدعم إمام أوغلو، وهو ما يتطلب إقناعها، كما أن إمام أوغلو عمل منذ انتخابه على مغازلة الحزب الكردي، الذي قد يدفع به، رغم خسارة حزبه منذ تولى زعامته 10 انتخابات واستفتاءات في 11 عاما، إلا أن المعارضة تتفق على ضرورة إسقاط أردوغان، بغض النظر عن الخلافات على المرشح للانتخابات.
قال الصحافي التركي إسماعيل جوكتان، في حديث لـ"العربي الجديد"، معلقًا على إصرار المعارضة على اختيار مرشح توافقي من الآن رغم أن الانتخابات ستجري بعد قرابة عامين، إن النظام الرئاسي الذي أقر في العام 2018 سمح بإجراء تحالفات سياسية بين الأحزاب، وهو ما يعني أن التحالفات هي التي تحدد المرشح الرئاسي.
وأضاف أن "كلجدار أوغلو أدلى في الفترة الأخيرة بتصريحات متناقضة حول ترشيح نفسه، إذ إنه رغم حديثه عن سياسته عند ترشيحه للانتخابات، إلا أنه يرفض الحديث بشكل قطعي عن ترشيحه، وربما يعود سبب ذلك إلى أن حزب الشعب الجمهوري ليس قادرًا وحده على تحديد الاسم من الآن، بل يجب أن يحصل على دعم تحالف الشعب المعارض، وبعد حصوله على هذا الدعم يمكن الحديث عن ترشيحه".
وشدد على أن "كلجدار أوغلو ليس مرشحا محتملا عن تحالف الشعب، لأن تحالف المعارضة ينتمي لأحزاب من خلفيات إيديولوجية مختلفة اجتمعت على هدف واحد وهو إسقاط أردوغان، ومع ترشح كلجدار أوغلو أعتقد أنه سيحصل على أصوات حزبه فقط، وهناك عامان قبل إجراء الانتحابات، ولهذا من المبكر الحديث عن المرشح، ولكن المعارضة تجس نبض أردوغان الذي قد تدفعه الصعوبات الاقتصادية للانتخابات المبكرة، ما يوجب على المعارضة الاستعداد منذ الآن".
من ناحيته، قال الصحافي أورهان دمير، لـ"العربي الجديد"، إن زعيم حزب المعارضة لديه هدف بالترشح بالاعتماد على نجاحه بجمع المعارضة في الانتخابات المحلية السابقة، وذلك عبر لجوئه إلى مخاطبة جيل الشباب، والحديث عن الوضع الاقتصادي، مشيرًا إلى أنه في حال فشل في الترشح، فسيكون المرشح شخصًا مدعومًا من طرفه.
وشكك دمير بأن "يكون كلجدار أوغلو هو المرشح، لأن العامل الكردي سيكون مؤثرا، وحتى الآن رغم رفض كلجدار أوغلو الحديث علنا عن تحالفه السري مع الأكراد، إلا أنه سيجد صعوبة في مد يد التعاون معهم بسبب توجهات الحزب الكمالية الجمهورية، وبسبب الحليف القومي، وبالتالي فإن فرصه أقل من فرص إمام أوغلو، ورغم ذلك من غير الواضح ماذا تخفي الأيام المقبلة".