ترجيحات بإقرار التعديل الحكومي في تونس وسط سجال محتدم

12 يناير 2021
خلافات حول بعض الشخصيات والحقائب والمشيشي لم يحسم أمره (الأناضول)
+ الخط -

تأجل الإعلان عن التعديل الحكومي الذي كان يُفترض أن يقوم به رئيس الحكومة التونسية هشام المشيشي أمس الإثنين، وربما يتم ذلك اليوم الثلاثاء بحسب ما أكدته مصادر حزبية لـ"العربي الجديد"، إذا تم التوصل لحل الخلافات التي أثيرت أخيراً.

ورجحت المصادر أن يشمل التعديل حقائب عدة من بينها الداخلية والعدل والثقافة والبيئة والصحة وأملاك الدولة والفلاحة والصناعة والتشغيل والرياضة، مؤكدة أن هناك خلافات حول بعض الشخصيات والحقائب، وأن المشيشي لم يحسم أمره بشكل نهائي، لا سيما وأنّ بعض الأسماء المقترحة اعتذرت عن تحمل المسؤولية.

ويبدو أنّ بعض التصريحات المفاجئة، أمس الإثنين، أدخلت نوعاً من الارتباك على إعلان التعديل، لا سيما ما ورد على لسان القيادي في حزب "قلب تونس"، عياض اللومي، الذي أكد أن حزبه قد يكون في حالة "عدم انسجام مع رئيس الحكومة هشام المشيشي، ما ستكون له تداعيات في المستقبل".

وعبّر اللومي، في تصريح لإذاعة "موزاييك" الخاصة، عن "رفض شق هام من الحزب لأي تعديل حكومي في هذه المرحلة".

وأعلن أنّ حزبه وكتلته البرلمانية يرفضان "أي تحوير حكومي مسقط ويأتي بصيغة الفرض"، مضيفاً أن حزبه فوجئ بالحديث عن التعديل، مؤكداً أنّ إعلان ذلك والترويج له عبر صفحات التواصل الاجتماعي، "كانا محل استياء كبير داخل حزب قلب تونس"، مشيراً إلى أنّ المشيشي "لم يبلّغ الحزب بشكل رسمي بهذا التحوير المفترض".

ونفى اللومي أن يكون لـ"قلب تونس" أي علم بشكل رسمي بالأسماء التي يتم تداولها لتولي حقائب وزارية في التحوير الوزاري المرتقب"، مؤكداً أنّ حزبه ليست له أي رغبة في إجراء تعديل وزاري في هذه المرحلة ولم يقترح أي اسم حتى الآن.

من جهتها، أعلنت عضو كتلة "الإصلاح"، الداعمة للحكومة، نسرين العماري، أن كتلتها ستراجع موقفها وستنسلخ عن الحزام السياسي الداعم للمشيشي في حال تحويل وجهة الحكومة من حكومة كفاءات مستقلة إلى كفاءات حزبية، وفق تقديرها.

وتبدو تصريحات اللومي بالذات مفاجئة وربما تسقط التعديل من أساسه، لأن حزب "قلب تونس" ركن أساسي في منح الثقة للوزراء الجدد، إلا أنّ مصادر "العربي الجديد" قلّلت من أهمية هذه الخلافات ورجحت أن يتم تجاوزها.

غير أنّ التطور اللافت جاء كما كان منتظراً من قصر الرئاسة في قرطاج، خلال استقبال الرئيس قيس سعيّد، مساء الإثنين، للنائبة عن "التيار الديمقراطي"، سامية عبو التي تخوض إضراباً عن الطعام.

وقال بيان للرئاسة إنه "تم التطرق إلى ما يتم تداوله حول تحوير وزاري قريب. وقد أكد سعيد على ضرورة ألا تقتصر المشاورات على أطراف بعينها علماً أنه لم يتم إعلام رئيس الدولة، وهو رمز وحدتها والضامن لاستقلالها واستمراريتها والساهر على احترام الدستور، بما يجري الترتيب له من تحوير وزاري".

وشدد سعيد على "أن الوضع الذي تعيشه البلاد غير طبيعي بأي مقياس من المقاييس، فالمكلفة بالعلاقات بين رئاسة الجمهورية والمجلس النيابي في إضراب جوع وعدد من النواب في اعتصام مفتوح، إلى جانب ما يحصل تقريباً في كل اجتماع لمكتب المجلس أو في إطار الجلسة العامة"، مؤكداً "حرصه الشديد على استمرارية الدولة التونسية في ظروف طبيعية يتطلع إليها الشعب التونسي".

وبتوجيهه لهذه الانتقادات المباشرة للبرلمان والحكومة، يؤكد سعيد أنه تلقى بوضوح رسالة التعديل الحكومي ومضمونها، وهي قطع الرابط نهائياً بينه وبين المشيشي، وبينه وبين الائتلاف الداعم له، ما يعني صراعاً مفتوحاً لم يعد يتوقف عند الشكليات.

ويذهب مراقبون إلى التأكيد على أن سعيد كان يحاول منع هذا التعديل، لما يحمله من إقصاء للوزراء الذين كان اقترحهم في بداية تشكيل حكومة المشيشي، ولذلك وافق على احتضان الحوار الوطني بعد تردد، حتى يتم التعديل بعد الحوار، أي على قواعد جديدة، ولكن المشيشي وداعميه استبقوا هذا الأمر وسارعوا بإدخال هذه التغييرات حتى تصبح أمراً واقعاً، رغم أنها لا تمثل إلا مرحلة أولى ستتلوها تغييرات أخرى في مرحلة مقبلة.

واستغلالاً لهذا المناخ المتوتر ضد البرلمان ورئيسه والائتلاف الداعم للحكومة، أعلنت كتلة الحزب "الدستوري الحر" أنها انطلقت في توقيع عريضة جديدة في طلب سحب الثقة من رئيس المجلس راشد الغنوشي، ودعت، في بيان، "كافة النواب الغيورين على وطنهم للإسراع في تجميع الإمضاءات الضرورية قصد تقديم الطلب وعرضه على الجلسة العامة للتصويت عليه".

وأكدت الكتلة أنّ سبب ذلك "إصرار رئيس البرلمان طيلة أشغال مكتب المجلس، أمس، على الانقلاب على الجلسة العامة وإلغاء دورها والسطو على إرادة النواب وفرض تمرير قراراته داخل المكتب باستعمال القوة والمغالبة وخرق النظام الداخلي بغاية التغوّل داخل البرلمان لتنفيذ مخطط سياسي مجهول المعالم والعواقب"، على حد تعبير البيان.

المساهمون