استمع إلى الملخص
- تضمنت جهود إعادة الفتح تنسيقاً بين الحكومة الليبية وبلدية زوارة لإدارة المعبر بشكل يحد من نفوذ المسلحين، مؤكدةً على أهميته كشريان حيوي للتجارة وخدمة الليبيين.
- إعادة فتح المعبر تحمل آمالاً في إنعاش الاقتصاد المحلي لكلا البلدين، مع توقعات بتبسيط الإجراءات وتحقيق حركة عادية للعربات والأشخاص، مما يعزز الروابط الاقتصادية والاجتماعية بين تونس وليبيا.
أعلن وزير الداخلية في حكومة الوحدة الوطنية الليبية عماد الطرابلسي مع نظيره التونسي خالد النوري، اليوم الاثنين، إعادة فتح معبر رأس جدير الحدودي بين البلدين. وقال الطرابلسي في مؤتمر صحافي مشترك مع النوري إن إغلاق المعبر بين الجانبين جاء لتنظيم العمل وإنهاء حالة الانفلات الأمني، مضيفاً أن الجانبين اتفقا على تسهيل حركة العبور والمسافرين وتعزيز المعبر بأجهزة التفتيش اللازمة.
وكانت الداخلية الليبية أعلنت، في وقت سابق اليوم، عن بدء التجهيزات والترتيبات النهائية لإعادة فتح معبر رأس جدير المغلق منذ مارس/آذار الماضي، بعد أن تعثر افتتاحه ثلاث مرات خلال يونيو/حزيران الماضي. ووصل وزير الحكم المحلي في حكومة الوحدة الوطنية بدرالدين التومي، اليوم الاثنين، إلى مدينة زوارة المحاذية للمعبر، "لتفقد كافة الأوضاع في المنطقة والوقوف على احتياجات البلدية"، بحسب بلدية زوارة التي قالت إن زيارة التومي للبلدية تأتي "في سياق الجهود المبذولة من كافة أهالي بلدية زوارة المطالبين بحقوقهم التي تندرج تحث الإطارات الخدمية"، مشيرة إلى أنه من المقرر أن يصل رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة إلى البلدية في وقت لاحق اليوم. وكانت مصادر ليبية متطابقة قالت في تصريحات سابقة لـ"العربي الجديد" إن الدبيبة يستعد لزيارة زوارة في إطار جهود حكومته لإعادة افتتاح المعبر.
وفيما أكدت المصادر نفسها أن الدبيبة مهتم بشكل بالغ وشخصي بالترتيبات الخاصة بإعادة معبر رأس جدير للعمل، بحيث لا تتكرر العراقيل السابقة التي تسببت في فشل ثلاثة إعلانات سابقة لإعادة افتتاحه، أوضحت أن الحكومة انتهت من تنسيق الجهود مع مسؤولي بلدية زوارة على تسلم مصلحة الجمارك ووحداتها الأمنية المعبر لإدارته بالتنسيق مع رئاسة الأركان العامة، في خطوة أولى للحد من نفوذ المسلحين المسيطرين على المعبر منذ سنوات، وبحسب المصادر نفسها، سيشرف الدبيبة على تدشين عدد من المشاريع الخدمية بمدينة زوارة تلبية لمطالب مجلسيها البلدي والاجتماعي اللذين سبق أن نظما احتجاجات للمطالبة بتنفيذ مشاريع تنموية وخدمية في زوارة.
وأصدر مساعد رئيس الأركان العامة للجيش الفريق صلاح النمروش، مساء يوم الجمعة الماضي، تعليمات بمنع عبور أية آليات مسلحة غير مكلفة من رئاسة الأركان في اتجاه معبر رأس جدير، متوعداً بتعامل رئاسة الأركان بحزم مع كل من يخالف هذه التعليمات. وأوضحت رئاسة الأركان أن هذه التعليمات جاءت على خلفية جولة تفقدية أجراها النمروش لتمركزات الكتائب المكلفة من رئاسة الأركان بمداخل ومخارج منطقة أبوكماش المحاذية لمدينة زوارة. وتشرف مدينة زوارة على موقعين حيويين، هما مجمع أبوكماش النفطي، 30 كلم شرق المدينة، ومعبر رأس جدير الحدودي مع تونس، 50 كلم غرب المدينة، وتقوم مجاميع مسلحة تابعة للمدينة بعمليات تأمين أبوكماش وإدارة المعبر الحدودي منذ سنوات طويلة.
وتصاعد التوتر في معبر رأس جدير الحدودي مع تونس في مارس/آذار الماضي، بعد قرار الوزير الطرابلسي السيطرة على المعبر عبر قوات تتبع وزارته في إطار خطته الأمنية الرامية للسيطرة على القاطع الحدودي مع تونس، للحد من مظاهر الانفلات الأمني ومحاربة أنشطة تهريب البشر والوقود عبر الحدود، إلا أن المجلسين البلدي والاجتماعي لمدينة زوارة رفضا قراره وطالبا بضرورة المشاركة في إدارة المعبر، قبل أن يحدث توتر مسلح في المعبر إثر منع مسلحي زوارة دخول قوة تابعة للوزارة إليه، ما حدا بالطرابلسي إلى إعلان إغلاق المعبر في 19 مارس الماضي، مؤكداً أن المعبر "لا بد أن يعمل تحت سلطة وشرعية الدولة"، واتهم المسلحين المسيطرين عليه بأنهم "مجموعة خارجة عن القانون".
ولاحقاً، جرت اتصالات ووساطات عديدة لتهدئة الأوضاع، ووسط إصرار الوزارة على إنفاذ قرارتها، فشلت ثلاث محاولات لإعادة افتتاح المعبر. وعلى الرغم من إعلان الحكومة تأجيل افتتاح المعبر في 25 يونيو/حزيران الماضي، إلا أنها أكدت في بيان لها أن الدبيبة أصدر تعليماته بـ"ضرورة فتح الطريق الساحلي" الرابط بين زوارة الحدودية ومعبر رأس جدير، واستكمال إجراءات افتتاح المعبر وفق خطة الحكومة لتنظيم العمل بالمعبر، كونه حاجة ضرورية ليقدم خدماته لكل الليبيين "بعد استكمال أعمال الصيانة والتطوير التي قامت بها الحكومة".
آمال بإنعاش اقتصادي بعد فتح معبر رأس جدير
ويقع معبر رأس جدير من الطرف التونسي في مدينة بن قردان بمحافظة مدنين جنوب شرقي تونس، ويبعد نحو 30 كيلومتراً عن مركز المدينة، ويعد الشريان الحيوي للتجارة البينية بين تونس وليبيا في بعديها الرسمي وغير الرسمي. ومنذ إقفاله، حُوّلت حركة العربات والسلع نحو معبر الذهيبة - وازن في محافظة تطاوين، كما قامت الجمارك التونسية بمنح شاحنات التصدير رخصاً استثنائية لتحويل مسلكها البري، غير أن الحركة على معبر الذهيبة لم تلب انتظارات الوافدين من البلدين نتيجة طول فترة الانتظار عند البوابات والتي تصل إلى 12 ساعة أحياناً.
وخلال شهر مايو/ أيار الماضي، سجل معبر ذهيبة - وازن مرور أكثر من 70 ألف سيارة وحوالي 150 ألف مسافر بالاتجاهين وستة آلاف شاحنة، وقال الرئيس السابق لبلدية بن قردان والناشط المدني فتحي العبعاب إن فتح معبر رأس الجدير الذي أعلن عنه اليوم سيعيد الحركة الاقتصادية في المنطقة بعد شلل شبه كامل استمرّ لأشهر، وأكد العبعاب في تصريح لـ"العربي الجديد" أن الحركة الاقتصادية كانت شبه متوقفة في المناطق الحدودية منذ شهر مارس/آذار الماضي، مشيراً إلى أن معبر الذهيبة - وازن لا يفي بالغرض ولا يحقق حركة عادية وشاملة للعربات والأشخاص بين تونس وليبيا. وشدد المتحدث على أهمية تبسيط الإجراءات بعد فتح المعبر بما يخدم مصلحة البلدين، معتبرا أن الشريان الحيوي لاقتصاد المنطقة يمرّ عبر رأس الجدير.
وتسير عبر معبر رأس جدير حركة تجارية موازية تمثل مصدر دخل رئيسياً لآلاف الأسر في الجنوب التونسي، والتي تتعيش من تجارة البنزين والسلع الإلكترونية والغذائية التي تُورد بطرق غير نظامية. وتوزّع البضاعة في جل محافظات الجنوب التونسي لتصل حتى إلى محافظات الوسط التي تبعد أكثر من 250 كيلومتراً عن منطقة بن قردان، منطقة التزود الرئيسية، ما يوسع الرقعة الجغرافية لشح المواد الموردة من ليبيا مع كل إغلاق للمعبر.
وفي تصريح سابق لـ"العربي الجديد"، قال رئيس المرصد التونسي لحقوق الانسان مصطفى عبد الكبير إن عشرات المدن الحدودية تعيش لعقود من التبادل التجاري عبر المعبر، مؤكداً أن تقنين التبادل التجاري سيحافظ على كبار التجار لكنه سيقضي على صغارهم، وأكد أن 70% من التونسيين الذين يدخلون ليبيا يكونون ضمن ما وصفه بـ"تجارة الحقيبة".