ترامب واليهود... خطاب "حقير ومضطرب" للمرشح الجمهوري

20 مارس 2024
ترامب في أوهايو، 16 مارس الحالي (كميل كرازيشينسكي/فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- دونالد ترامب انتقد اليهود الأميركيين الداعمين للديمقراطيين، متهمًا إياهم بكره إسرائيل ودينهم، مما أثار عاصفة من الانتقادات من الحزب الديمقراطي وزعماء يهود في الولايات المتحدة.
- استخدم ترامب الانقسامات داخل الجالية اليهودية والشرخ بينهم وبين إسرائيل لتعزيز موقفه السياسي، محاولًا جذب الدعم الإسرائيلي وتصوير الديمقراطيين كمعادين لإسرائيل.
- ردود الفعل على تصريحات ترامب كانت قوية ومنددة، مع انتقادات لمحاولته تشويه صورة اليهود الأميركيين الداعمين للديمقراطيين، وتظهر استطلاعات الرأي ميل اليهود الأميركيين نحو الديمقراطيين بشكل كبير.

وجّه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، أول من أمس الاثنين، سهامه، مجدداً، إلى اليهود الأميركيين الذين يشكّلون خزّاناً انتخابياً مهماً للحزب الديمقراطي. ورغم أن هذه الكتلة المجتمعية الأميركية، ليست كتلة جامدة أو موحدة في دعمها أو عدم تأييدها لإسرائيل، أو في تدينها من عدمه، إلا أن ترامب اختار وضع كل أطيافها في سلّة واحدة، متهماً اليهود الأميركيين الذين يصوّتون للديمقراطيين بأنهم "كارهون لإسرائيل ولدينهم"، ما أثار عاصفة انتقادات داخل الحزب الديمقراطي ومن زعماء يهود في الولايات المتحدة.

ولعب ترامب، أول من أمس، على وتر يزعجه، ويزعج إسرائيل، نظراً إلى الشرخ الذي تزداد حدّته بين دولة الاحتلال واليهود الأميركيين الرافضين لسياساتها، والرافضين لأن تتكلّم باسمهم، ولا سيما من الجناح التقدمي والليبرالي.

ترامب يهاجم اليهود الأميركيين

وهذه ليست المرّة الأولى التي يهاجم فيها ترامب اليهود الأميركيين الذين يصوتون للديمقراطيين، ولا المرة الأولى التي يوجه فيها إليهم اتهامات بـ"معاداة السامية"، في تصريحات تعكس هي نفسها مدلولات معادية للسامية، استغلها خصومه الديمقراطيون سريعاً أول من أمس الاثنين، لانتقاد "خطاب معاد للسامية حقير ومضطرب"، بحسب المتحدث باسم البيت الأبيض أندرو بيتس.

يشكّل ميل اليهود الأميركيين إلى الديمقراطيين معضلة لإسرائيل

وكان ترامب ردّ أول من أمس على سؤال حول الانتقادات الديمقراطية المتصاعدة ضد نتنياهو، بقوله: "أعتقد أنهم يكرهون إسرائيل والحزب الديمقراطي يكره إسرائيل". وأضاف: "كل مواطن يهودي يصوّت للديمقراطيين يكره دينه، إنهم يكرهون كل شيء يتعلق بإسرائيل ويجب أن يخجلوا من أنفسهم لأن إسرائيل ستدمّر".

ويعكس حديث ترامب دخول الحرب الإسرائيلية على غزة، في عمق الحملة الانتخابية للرئاسة الأميركية التي أصبح من المؤكد أنها ستشهد مواجهة بينه وبين بايدن (إلا في حال حصول مفاجأة صحية أو قضائية).

وكان ترامب تجنب التطرق إلى العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، المستمر منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي. وما عدا بعض الإشارات المتناقضة، تعمد عدم إثارة المسألة في حملاته الانتخابية، لكن منذ أن ضمن ترشيح حزبه الجمهوري للرئاسيات، أصبح أكثر وضوحاً في المسألة، بإشارته إلى أن على إسرائيل "إنهاء المهمة"، في إشارة إلى هدف حربها المعلن وهو "القضاء على حركة حماس"، لكنه قال قبل أيام إنه يجب على إسرائيل "إنهاء العمل سريعاً والعودة إلى السلام"، كما انتقد إدارة بايدن للصراع، وخطاب زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ تشاك شومر الذي انتقد نتنياهو، فقد اعتبر ترامب أن شومر يخضع لأهواء المتظاهرين المؤيدين لفلسطين.

وهذه ليست المرة الأولى التي يهاجم فيها ترامب اليهود الأميركيين الذين يصوتون للحزب الديمقراطي، إذ لطالما انتقد عهده بأنه لم يتمكن من بناء جسر حوار مع هذه الفئة من الناخبين، لجذبها للحزب الجمهوري، ولاسيما أن جزءاً معتبراً منها رافض لسياسات اليمين الإسرائيلي. والعام الماضي، ادعى ترامب أن "الليبراليين اليهود" الذين لم يصوتوا له، يصوتون لـ"تدمير أميركا وإسرائيل". وفي مارس/آذار 2019، قال إن الحزب الديمقراطي "معارض لإسرائيل ولليهود".

وفي العام ذاته، حاول وصم الحزب الأزرق بأنه حزب معاد للسامية، مدعياً أن ناخبي هذا الحزب "غير أوفياء لإسرائيل وللشعب اليهودي". وبحسب صحيفة "واشنطن بوست"، أمس، فإن ترامب لطالما اشتكى من ضعف شعبيته بين اليهود الأميركيين، خصوصاً الشباب منهم.

سي أن أن: حلفاء ومساعدون لترامب زاروا إسرائيل أخيراً

ورداً على تعليقه الجديد أول من أمس، قال رئيس "رابطة مكافحة التشهير" في الولايات المتحدة، جوناثان غرينبلات، عبر منصة "إكس"، إن "اتهام اليهود بأنهم يكرهون دينهم فقط لأنه قد يصوتون لحزب ما، هو تشهيري وخاطئ". وهذه الرابطة تعدّ من أهم المنظمات الصهيونية الأميركية، ومن أبرز أهدافها العمل على جعل معاداة اليهودية مرادفاً لمعاداة الصهيونية.

وكان إحصاء لمركز "بيو"، صدر في عام 2021، وجد أن اليهود الأميركيين هم "من بين أكثر المجموعات الليبرالية والديمقراطية في الولايات المتحدة"، وأن 7 من كل 10 مواطنين يهود بالغين يعتبرون أنفسهم ديمقراطيين أو يميلون إلى الحزب الديمقراطي. وفي 2020، وجد المركز أن ثلاثة أرباع الأميركيين اليهود لا يوافقون على أداء ترامب رئيساً، و27 في المائة فقط صنّفوه إيجابياً.

ويشكّل ميل اليهود الأميركيين إلى الحزب الديمقراطي، معضلة لإسرائيل، رغم تأكيد دولة الاحتلال تاريخياً أن حلفها ثابت مع البيت الأبيض، أيّاً كان الحزب الذي ينتمي إليه رئيسه. لكن في استطلاع قبل أسبوع، وجدت القناة 12 الإسرائيلية أن 44 في المائة من الإسرائيليين يفضلون عودة ترامب إلى البيت الأبيض، مقابل 30 في المائة قالوا إنهم يفضلون بقاء بايدن، وذلك رغم كل الدعم الذي قدّمه الأخير لدولة الاحتلال في حربها على غزة.

ويدرك ترامب حظوته داخل إسرائيل، بعد كل ما قدّمه لها خلال سنوات عهده الأربع، إذ عمل ومن خلفه صهره اليهودي جاريد كوشنر، لتصفية القضية الفلسطينية عبر نقل السفارة الأميركية إلى القدس والترويج لـ"صفقة القرن" وفتح باب التطبيع مع بعض الدول العربية، إلا أن الصحافي الإسرائيلي باراك رافيد كشف في موقع "أكسيوس" عام 2021، عن الخلاف بين ترامب ونتنياهو بعد خسارة الأول انتخابات 2020، وعتب ترامب الكبير على رئيس حكومة الاحتلال لدعمه بايدن سريعاً.

وكانت شبكة "سي أن أن" كشفت في 7 مارس الحالي، أن حلفاء ومساعدين لترامب زاروا إسرائيل أخيراً، والتقوا مسؤوليها لبحث الحرب في غزة، في حين قالت صحيفة "وول ستريت جورنال" أمس، إن ترامب يواصل انتقاد سياسة بايدن حيال الأزمة، دون تقديم تصوره للحل، بعدما كان دعم إسرائيل مركزياً في ولايته الأولى. وأشارت إلى أن الرئيس السابق أرسل رسائل متناقضة حول الحرب منذ بدايتها.

ورداً على الصحيفة، قالت المتحدثة باسم حملة ترامب: "إن الرئيس ترامب فعل لإسرائيل ما لم يقّدمه أي رئيس أميركي آخر في التاريخ الأميركي، وقد اتخذ خطوات تاريخية في الشرق الأوسط والتي خلقت سلاماً غير مسبوق"، مضيفة أن "كل هذا التقدم في المنطقة قضت عليها إدارة بايدن". وأشارت إلى أنه "حينما يعود الرئيس ترامب إلى المكتب البيضاوي، إسرائيل ستتم حمايتها مجدداً، وإيران ستعود لتكون دولة منهارة اقتصادياً، وستتم مطاردة الإرهابيين، وسينتهي حمام الدم".

(العربي الجديد)

المساهمون