تراجع تصنيف الجيش العراقي: تأثير سياسي وضعف تجهيز وفساد

24 فبراير 2021
تراجع الجيش العراقي إلى المرتبة 57 عالمياً (أحمد الرباعي/ فرانس برس)
+ الخط -

أظهر آخر تصنيف لموقع "غلوبال فاير باور" المختص بتصنيف دول العالم وفقاً للقدرة العسكرية لعام 2021 تراجع الجيش العراقي إلى المرتبة 57 عالمياً، والسابعة على مستوى المنطقة، بواقع سبع نقاط عن التصنيف الماضي، والذي حلّ فيه بالمرتبة 50 على مستوى العالم، وهو ما أرجعه سياسيون ونواب في البرلمان العراقي إلى جملة من المشاكل العسكرية والسياسية التي تعصف بالبلاد.

وقال رئيس لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي محمد رضا إن "التراجع له أسبابه"، مضيفاً في حديث لـ"العربي الجديد" أن أي جيش يدخل حرباً يجب أن تكون هناك إعادة تنظيم له، وتعويض لأسلحته، وهذا لم يحدث، ما تسبّب بتراجع تسلسله بالنسبة للجيوش في العالم.

وأشار إلى أن الجيش العراقي من الجيوش التي تتطور بسرعة، إلا أنه في الوقت الحاضر خرج من حرب، ولم تتم إعادة تنظيمه، ولا تعويض الأسلحة التي خسرها، وهذا التصنيف للجيش قد يكون موقتاً.

وبشأن أسباب تراجع قدرات الجيش العراقي، قال رضا إن "القوة الجوية ضعيفة، طيران الجيش ضعيف، كما لم يجرِ تعويض الضرر جراء المعارك، والصيانة ضعيفة، والقوات المدرعة غير متكاملة، والتصنيفات عادة تجرى على هذا الأساس"، معتبراً أن "الجهود التي بذلها الجيش العراقي في محاربة الإرهاب تجعله يستحق مرتبة متقدمة". واعتبر أنه في حال حصول الجيش على التسليم والدعم الكافيين سيجعله هذا في مراتب متقدمة مجدداً.

في السياق ذاته، اعتبر عضو البرلمان العراقي صباح العكيلي أنّ الوضع السياسي في العراق أسهم في تراجع تسلسل الجيش في التصنيف العالمي، قائلاً في حديث لـ"العربي الجديد" إن القوات العراقية تستحق مرتبة متقدمة لأنها دخلت معارك غير سهلة ضد الجماعات الإرهابية، وفرضت معادلة أمنية لحماية العراقيين جميعاً، لكن التأثير السياسي انعكس على قدرات الجيش.

 

وأضاف "على الحكومة أن تنظر للجيش العراقي نظرة مختلفة إذا كانت لديها نية حقيقية للتخلص من سلاح المليشيات وتكوين دولة"، مشدداً على ضرورة دعم الجيش بشكل كامل، لتتمكن السلطات بعد ذلك من إقناع بعض الأطراف بتسليم سلاحها وإعادة هيبة الدولة. وختم العكيلي قائلاً إن "حلّ المليشيات يكون بوجود جيش قوي"، مبيناً أن الدولة لن تتمكّن من فعل شيء من دون وجود الجيش.

وعلّق عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان عبد الخالق العزاوي على تراجع تصنيف الجيش العراقي بأنه "باتت هناك ضرورة لوجود خطة لدعم قدرات الجيش"، موضحاً في إيجاز صحافي أن عودة العراق إلى مكانته الدولية، وعلى مستوى الشرق الأوسط، تتطلّب القضاء على آفة الفساد التي نخرت كل المؤسسات الحكومية من دون استثناء. وتابع: "لا يمكن تسليح الجيش وتعزيز قدراته في ظل وجود فساد خانق ينتشر في المؤسسات الحكومية"، مؤكداً أن "الفساد يوازي الإرهاب في تداعياته الخطيرة".

لكن عضو التيار المدني العراقي أحمد حقي اتهم جهات أطلق عليها "قوى اللادولة" بالعمل على إضعاف الجيش العراقي لصالح نفوذ الجماعات المسلحة. وأضاف، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنه بات واضحاً من خلال العامين الماضيين أن هناك كتلاً سياسية ومليشيات لا ترغب في أن يكون الجيش العراقي مستقلاً، ويفرض سلطة القانون والنظام على الجميع، لذا عملت على إضعافه، وتم اختراق المؤسسات العسكرية من خلال المحاصصة الطائفية والحزبية التي أضعفته أيضاً حتى صار رئيس الأركان من طائفة، وقائد سلاح الجو من طائفة أخرى، ووزير الدفاع من طائفة ثالثة".

 

واعتبر أن "القوات العراقية لا ينقصها سوى التخلص من القيود السياسية وأولها المحاصصة، حتى تتمكّن من التعافي"، وفقاً لقوله.

وطيلة السنوات المائة، منذ تأسيسه في 6 يناير/ كانون الثاني 1921، واجه الجيش العراقي سلسلة حروب خارجية وداخلية، وزُجّ به في ميادين السياسة والانقلابات منذ منتصف القرن الماضي.

في المقابل، سجّل علامات مضيئة في حروب التحرير العربية مع الاحتلال الإسرائيلي، إذ خاض معارك متتالية برية وجوية في الجولان السوري وسيناء المصرية وجبهة الأردن. وفي مدينة الخليل الفلسطينية، حيث خاض إحدى أبرز معاركه، اكتسب الجندي المنتسب إلى الجيش العراقي لقب "أبو خليل"، الذي لا يزال يرافقه لغاية الآن. وخاض الجيش العراقي حرباً ضد إيران (1980 ـ 1988)، خرج منها منتصراً. وفي عام 1990، زُجّ الجيش في عملية احتلال الكويت، التي انتهت بحرب الخليج عام 1991 بقيادة الولايات المتحدة، فخرج منهكاً من الحرب بخسائر كبيرة، أضعفت قدراته بنسبة تجاوزت الـ 70 في المائة. وفي عام 2003 قُضي على المؤسسة العسكرية بقرار من الحاكم المدني بول بريمر القاضي بحلّ الجيش وتأسيس آخر بدلاً منه، إثر احتلال بغداد في 9 إبريل/ نيسان 2003.