تداعيات الاجتياح الروسي على الملف اليمني: السلام أمام مفترق طرق

25 فبراير 2022
تخوفات من "فض" الإجماع الدولي حول الملف اليمني (فرانس برس)
+ الخط -

دخلت عملية السلام المتعثرة باليمن في منعطف جديد إثر الاجتياح الروسي لأوكرانيا وما أسفر عنه من انقسام دولي حاد قد يعيد تشكيل خارطة نفوذ اللاعبين الدوليين في عدد من الأزمات المشتعلة ومن بينها الحرب اليمنية.

وتأتي التطورات الساخنة، في أعقاب زخم دولي كبير لإنهاء الحرب اليمنية، حيث يسود إجماع لدى الدول الخمس الكبرى في مجلس الأمن وكذلك دول الاتحاد الأوروبي على تقديم دعم لا محدود للتحركات الأممية التي يقودها المبعوث هانس غروندبرغ لوقف الحرب التي تدخل عامها التاسع بعد أقل من شهر.

وحظيت الأزمة الأوكرانية باهتمام واسع من الأوساط اليمنية، خاصة وأنها تأتي قبل انعقاد مؤتمر المانحين بشأن دعم خطة الاستجابة الإنسانية للأمم المتحدة منتصف الشهر القادم، وسط تزايد المخاوف من المآلات على مسار العملية السياسية اليمنية.

وتفاوتت الآراء حول انعكاسات الأزمة الأوكرانية على اليمن، ففي حين ذهبت بعض التحليلات إلى أن المرحلة القادمة قد تدفع عجلة السلام أكثر من أي وقت مضى، توقع البعض الآخر أن تشهد الأزمة اليمنية المزيد من التعقيدات وخصوصاً في ظل الانقسام الدولي الذي أحدثه الغزو الروسي لأوكرانيا.

ويعتقد المدير التنفيذي لمركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية ماجد المذحجي، أن تؤدي الحرب الأوكرانية إلى "فض الإجماع الدولي حول الملف اليمني"، وخصوصا بعد أن ظلت التسوية السياسية ودعم التحركات الأممية محور توافق بين الدول الخمس الكبرى خلال الفترة الماضية.

وقال المذحجي في تغريدة على "تويتر" إن"ارتفاع حرارة المواجهة بين روسيا والغرب بقيادة أميركا سيتصاعد دراماتيكياً في كل الملفات، وعلى الرغم من عدم مركزية الملف اليمني في النزاع بينهم إلا أن موجات الصراع ستصل إليه".

وأشار الباحث اليمني، إلى أن مواقف الدول الكبرى ظلت مستمرة في دعم التسوية السياسية ومنع الملف اليمني من الانفجار السياسي وحصر الاستقطاب والانقسام على المستوى المحلي والاقليمي، لافتاً إلى أن هذا الإجماع "أصبح عُرضة للتهديد (..) الانقسام الحالي يمكن أن يضع كل الكروت المتاحة على الطاولة".

من جانبه، رسم مركز المخا للدراسات الاستراتيجية، سيناريوهين لتداعيات الأزمة الأوكرانية على الأزمة اليمنية، أولهما يتعلق بوقف الحرب اليمنية، وسيناريو آخر قاتم يرجح استمرار الحرب وتصاعد حدتها.

وتوقع المركز اليمني، في دراسة حديثة، أن تُحدث الأزمة الروسية الأوكرانية، تحولاً طفيفاً في مسار وقف الحرب اليمنية، من خلال الدور الذي قد تفرضه روسيا لتعزيز حضورها الدولي أمام الاصطفاف الغربي.

ولفت المركز إلى أن ما يدعم هذا الاعتقاد، هو الاستغلال الحوثي المبكر للأزمة الأوكرانية، وخصوصا بعد انحياز الجماعة إلى روسيا، ومنحها نقطة ارتكاز في أزمة اليمن، مِن خلال المبادرة التي قدَّمتها إلى موسكو في منتصف فبراير/ شباط الجاري، فضلاً عن اعتراف القيادي الحوثي، محمد علي الحوثي، بـ"جمهوريَّتي" دونيتسك ولوغانسك، في محاولة لاسترضاء روسيا ودفعها لفرض رؤية السلام التي تطرحها جماعته.

واعتبرت الدراسة، المبادرة الحوثية لحل الملف الإنساني والتي قّدمت إلى الجانب الروسي "محاولة هروب" من مبادرات أخرى وتحديداً التي قدمتها السعودية قبل نحو عام واقترحت خلالها وقف إطلاق النار الشامل والانتقال إلى الملفات الإنسانية والسياسية.

ويعتقد مركز الأبحاث اليمني، أن سيناريو استمرار الحرب، هو الأقرب إلى معطيات الواقع، مستدلاً على ذلك بتصريحات للمبعوث الأممي هانس غروندبرغ أمام مجلس الأمن الدولي منتصف الشهر الجاري، والتي قال فيها إن "لأبعاد الإقليمية للأزمة اليمنية تلعب دورًا كبيرًا في تعقيد حلولها".

وفيما أشار إلى أن هناك ملفات إقليمية ودولية لم تُحسم، ومِن ذلك المفاوضات النَّووية بين إيران ودول 5+1، ذكر المركز أن تداعيات الأزمة الأوكرانية ستعمل على تقوية موقف إيران عسكريًّا واقتصاديًّا، وانعكاس ذلك على حليفتها (جماعة الحوثي)، بما يخلق المزيد مِن العنف، والابتعاد أكثر عن مسار السلام، وهو ما سُيقابل بمثله من الأطراف الخليجية.

وأشار رئيس مركز أبعاد للدراسات عبد السلام محمد، في تغريدة على "تويتر"، إلى أن أبرز تداعيات الأزمة الأوكرانية على اليمن تتمثل في تغيير روسيا لمعادلة التوازنات الدولية لصالح إضعاف الهيمنة الأميركية ومحاولات إنهاء سياسة القطب الواحد، وهو يعني المزيد من القوة والسيطرة لحلفاء روسيا مثل إيران.