استمع إلى الملخص
- الحركة الصهيونية تستخدم التحريض لدفع اليهود للهجرة إلى إسرائيل، كما يظهر في تصريحات شخصيات مثل أفيغدور ليبرمان، وتتعاون مع فاشيين ويمين قومي متطرف في أوروبا.
- السلطات الغربية تتملق للصهيونية وتفرض رقابة على انتقادها، بينما أنصار فلسطين يرفضون ربط اليهودية بالصهيونية ويؤكدون على قضيتهم كتحرر وطني.
إذا سألت فلسطينياً أوروبياً وأميركياً يدرك أن قضيته قضية تحرر وطني، ما إذا كان يعتبر يهود الغرب هدفاً في مواجهته مشروع الحركة الصهيونية في فلسطين، سيجيبك قطعاً: لا. الموقف الأخلاقي لدى فلسطينيي الشتات والمتضامنين معهم ينفي عنهم كذبة "معاداة اليهود"، المتحوّلة إلى قصة "إبريق الزيت" لكتم الأنفاس. ويشمل ذلك أصواتاً يهودية مبدئية، رافضة حتى الاعتراف بدولة الاحتلال الإسرائيلي.
إذاً، ليس غريباً هذا المشهد الصهيوني الفضائحي، في استعادة ممارسة تاريخية في العالمين، العربي والغربي، تحريضاً على اليهود لأجل دفعهم إلى الهجرة وتسمين المشروع الإحلالي في فلسطين. فالمهاجر الروسي والوزير (الإسرائيلي) السابق، أفيغدور ليبرمان، يعبّر عن غضبه من فوز اليسار الفرنسي على اليمين المتطرّف، داعياً مئات الآلاف من مواطني فرنسا اليهود إلى الالتحاق بدولة الاحتلال. وقبله ضجّت وسائل التواصل بمرتزق في جيش الاحتلال يوبخ اليهود الفرنسيين، داعياً إياهم إلى بيع الأصول، وواعداً بمنحهم بيوتاً وأراضي سرقت من السكان الأصليين، الفلسطينيين.
وحين وقّع يهود دنماركيون على عريضة ترفض جرائم الحرب والإبادة، معبّرين في العلن عن إيمانهم أن "إسرائيل مشروع استعماري" لا يمثلهم، انفتحت عليهم نيران التحريض، بل ونزعت عنهم يهوديّتهم. لا تثير تلك المعاداة التي مصدرها صهيوني سلطات غربية تتملق للصهيونية. وسواء تعلق الأمر بليبرمان أو غيره، كالمهاجر الأوكراني (وزير المالية الإسرائيلي) بتسلئيل سموتريتش ورفيقه في الفاشية (وزير الأمن القومي الإسرائيلي) إيتمار بن غفير، المهووسين بالإبادة الجماعية، فإن انتهازية الحركة الصهيونية تصل إلى درك وقاحة بلا قاع.
هم لا يفضلون فقط (الرئيس الأميركي السابق) دونالد ترامب، بل على استعداد للتعاون مع فاشيين ويمين قومي متطرف في القارة الأوروبية، وهم أكثر طمأنينة في ارتكابهم جرائم حرب، كون رعاتهم من فاشيين متهمين قبل وقت قصير بـ"معاداة السامية". يمتد ذلك من فنلندا والسويد شمالاً مروراً بـ"البديل" (حزب البديل من أجل ألمانيا) في ألمانيا إلى "التجمّع الوطني" في فرنسا بقيادة أسرة لوبان، مروراً بقوميين متطرفين في المجر وصربيا وبولندا وسلوفاكيا والتشيك، وغيرها من دول جنوب القارة، ومن المؤمنين بنظرية المؤامرة و"الاستبدال العظيم"، لتأسيس "إسلاموفوبيا" و"فلسطين فوبيا".
بالطبع، لا يثير ذلك أيضاً حفيظة أمنيي (وسياسيي) البعض في أوروبا، خصوصاً مع التحريض وقبول جرائم الحرب والإبادة في فلسطين وبلغة عبرية واضحة، بينما هم يمحصون حتى بين الجمل الأكاديمية في جامعاتهم. ومن الواضح أن التباكي على يهود أوروبا خبث صهيوني للإيحاء بأنهم يتعرضون لأجواء معاداة من يسار القارة ومن مناصري فلسطين، وليس من الفاشيين. خبث ارتداداته لا تبشر بخير على الجماعات اليهودية الغربية.
في مقابل هذا التفكير المرضي، وتملق وسائل التواصل، مثل "فيسبوك"، لحظر انتقاد جرائم الحركة الصهيونية، ولفتح طريق إجباري يجعل اليهودية مساوية للصهيونية، يستمر أنصار فلسطين بالتسلح بالتفكير المنطقي والسوي. فلا يمكنك أن تناصر قضية عادلة وتصطف، في الوقت نفسه، إلى جانب فاشيين ونازيين يطالبون باستعادة أفعال النازية الألمانية بحق عشرات ملايين مواطني الأقليات الدينية والعرقية، في مقدمتهم اليهود. ومن يقفون مع فلسطين ليسوا أقل وعياً بمشاريع حرف أنشطتهم وفق النسق الصهيوني والمتصهين، خصوصاً لناحية فرض اعتبار أتباع اليهودية الأوروبيين في سلة المشروع الاستعماري الإحلالي. ينظر هؤلاء إلى فلسطين بما هي قضية تحرّر وطني، ويرفضون سياسات حكوماتهم الداعمة لجرائم الحرب، بغض النظر عن لونها الحزبي.