"تحرير الشام" تهاجم النظام السوري: محاولة توظيف جديدة

19 ديسمبر 2022
نفذت "الهيئة" 11 عملية ضد قوات النظام خلال الشهر الحالي (عمر حج قدور/فرانس برس)
+ الخط -

شنت "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً)، التي تُسيطر على مناطق واسعة في الشمال الغربي من سورية، هجمات عدة على مواقع لقوات النظام خلال اليومين الماضيين. وأعلنت الهيئة، في بيان، أنها نفذت فجر أمس الأحد، عملية وصفتها بـ"المباغتة" على نقطة تمركز لقوات النظام والمليشيات المساندة لها في محور الأربيخ بريف إدلب الشرقي.

وذكرت مصادر مطلعة على ما يدور في "الهيئة"، لـ"العربي الجديد"، أن العملية أدت إلى مقتل أكثر من 10 عناصر من قوات النظام بينهم ضابط، واغتنام أسلحتهم، وتدمير النقطة العسكرية، مشيرة إلى أن "اشتباكات عنيفة" جرت بين عناصر الهيئة والمجموعات التابعة لقوات النظام.


تحاول "الهيئة" كسب الحاضنة الاجتماعية في الشمال السوري

وكانت "هيئة تحرير الشام" نفذت، أول من أمس السبت، عملية مماثلة على محور قبتان الجبل بريف حلب الغربي، أسفرت عن مقتل وإصابة عدد من عناصر قوات النظام.

تكثيف الهيئة من عملياتها ضد قوات النظام

وكثّفت الهيئة من عملياتها ضد قوات النظام في أرياف إدلب وحلب واللاذقية خلال ديسمبر/كانون الأول الحالي، حيث نفذت في 11 الشهر الحالي، عملية خلف خطوط قوات النظام، أسفرت عن تدمير موقع، ومقتل وجرح عدد من عناصره، على محور قرية داديخ بريف إدلب الشرقي. 

كما نفذت في اليوم ذاته عملية مماثلة استهدفت موقعاً لقوات النظام السوري ومليشياته في ريف اللاذقية الشمالي الشرقي، أسفرت عن سقوط قتلى ومصابين. وذكرت مصادر مطلعة على ما يدور في "هيئة تحرير الشام" أن الأخيرة نفذت خلال الشهر الحالي 11 عملية ضد قوات النظام في شمال غربي سورية، وخاصة في ريفي إدلب وحلب.

العمليات محاولة لكسب الحاضنة الاجتماعية

وعن الهدف من وراء هذه العمليات، بيّنت المصادر نفسها أنها محاولة لـ"لكسب الحاضنة الاجتماعية في الشمال السوري، التي لطالما طالبت بتحريك الجبهات مع قوات النظام واستعادة مدن وبلدات في ريفي إدلب الشرقي والجنوبي". 

مع العلم أن الفترة الماضية شهدت غصباً شعبياً متزايداً ضد "الهيئة" تضمن تنظيم وقفات احتجاجية ضدها خصوصاً بعدما تزايد انتهاكاتها بحق المدنيين ودخولها كطرف في المواجهات العسكرية التي اندلعت في أكتوبر/تشرين الأول الماضي بين "الفيلق الثالث" التابع لـ"الجيش الوطني السوري"، وبين "فرقة الحمزة" وفصائل أخرى، على خلفية اغتيال الناشط الإعلامي محمد أبو غنوم في مدينة الباب بريف حلب الشمالي.

في موازاة ذلك، أشارت المصادر نفسها إلى أن التفاهمات الروسية التركية حول الشمال السوري تحول دون اتساع نطاق هذه العمليات. وأوضحت المصادر أن "بعض العمليات جاءت رداً على القصف المدفعي والصاروخي من قبل قوات النظام على الشمال السوري". 

وأشارت إلى أن هذه القوات قصفت أمس الأحد بالمدفعية محيط بلدة تفتناز بريف إدلب الشمالي، وحاولت التسلل من محور بحفيس بريف حلب الغربي، إلا أن فصائل المعارضة تصدت لها. وذكرت أن قوات النظام قصفت، في اليوم ذاته، العديد من بلدات منطقة جبل الزاوية في ريف إدلب الجنوبي، منها سفوهن، وكنصفرة، والبارة، وديرسمبل.

وكان الجانبان الروسي والتركي أرسيا اتفاقاً لوقف إطلاق النار في مارس/ آذار 2020 في الشمال الغربي من سورية، تجاوزه الروس والنظام مرات عديدة، غير أن الجانبين لم ينفذا أي تقدم على الأرض باتجاه المناطق الخاضعة إلى "هيئة تحرير الشام" وفصائل المعارضة السورية. 

وشهد ذلك العام تقدماً كبيراً لقوات النظام تحت غطاء ناري روسي ما أدى إلى انسحاب الهيئة والفصائل من مساحات كبيرة في أرياف حماة وحلب وإدلب. وسيطرت قوات النظام في تلك الحملة، التي بدأت أواخر 2019، على مدن كبيرة، منها خان شيخون ومعرة النعمان وسراقب، ما أدى إلى نزوح أكثر من مليون مدني.

رشيد حوراني: تريد الهيئة إثبات قدرتها على مقارعة النظام في وقت تحاول فيه تركيا التقارب معه

وتأتي العمليات التي تقوم بها الهيئة في ظل حديث عن تقارب محتمل بين الجانب التركي، الذي تقع مناطق الهيئة ضمن نطاق نفوذه، وبين النظام السوري، الذي لطالما استفاد من وجود "هيئة تحرير الشام" لضرب فصائل المعارضة السورية وتهجير المدنيين تحت ذريعة محاربة الإرهاب. ويبدو أن الهيئة تريد التأكيد مجدداً على أنها باتت طرفاً لا يمكن تجاوزه في أي ترتيبات محتملة للأوضاع في شمال غربي سورية.

محاولة الهيئة إثبات مقارعتها للنظام

من جهته، ربط رشيد حوراني، النقيب المنشق عن قوات النظام، والباحث في "المؤسسة السورية للدراسات وأبحاث الرأي العام"، في حديث مع "العربي الجديد"، بين العمليات التي تشنها "هيئة تحرير الشام" وبين التصريحات التركية الرامية إلى التطبيع مع النظام من جهة، وبين الرفض الشعبي في شمال غرب سورية لأي تقارب مع النظام، من جهة أخرى.

وبرأيه "تريد الهيئة إثبات قدرتها على مقارعة النظام في وقت تحاول فيه تركيا التقارب معه. تريد الظهور بمظهر المواجه للنظام، وأن هذا الخيار مفضل عندها على التطبيع معه، في محاولة للتماهي مع موقف الشارع السوري المعارض الرافض للتطبيع". وأعرب عن اعتقاده بأن الهيئة "تريد أيضاً التأكيد على جاهزيتها العسكرية وقدرتها على التأثير، وإحراج فصائل المعارضة السورية أمام الحاضنة الاجتماعية".