تحرك أمام قصر العدل في بيروت رفضاً لمخطط "تطيير" المحقق العدلي بانفجار المرفأ
نفذ أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت، اليوم الأربعاء، تحركاً أمام قصر العدل رفضاً لوقف التحقيقات وعرقلة مسار العدالة، وللمطالبة بكفِّ يدّ الطبقة السياسية عن القضاء.
وعبّر الأهالي عن رفضهم وقف التحقيقات بعد دعوى الردّ التي تقدّم بها وزير الداخلية السابق، النائب نهاد المشنوق، بوجه المحقق العدلي، القاضي طارق البيطار، بانتظار البتّ بالطلب من قبل محكمة الاستئناف في بيروت، وشددوا على أنهم لن يسمحوا بأن يلقى البيطار مصير سلفه، القاضي فادي صوان، الذي كفَّت يده عن القضية بدعوى المدعى عليهما، وزير المال السابق النائب علي حسن خليل ووزير الأشغال السابق النائب غازي زعيتر.
وأكد عددٌ من الأهالي، لـ"العربي الجديد"، أنّ "هذه القضية تخصّ كلّ لبناني، وليس فقط عوائل الضحايا والجرحى، وندعو جميع المواطنين للوقوف إلى جانبنا لإسقاط مخططِ الإطاحة بالتحقيقات وطمس الحقيقة والإفلات من العقاب".
وقالت ريما، شقيقة الضحية أمين زاهد: "شقيقي شهيد في الجنة والمسؤولون هم في جهنم"، مشددة على أنّ المسؤولين عن التفجير، الذي وقع في الرابع من أغسطس/آب 2020، هم أشبه بسلسلة طويلة، تبدأ من الشخص الذي أدخل مواد "نيترات الأمونيوم" إلى المرفأ وكانت سبب الانفجار، "مروراً بالذي خزّنها وحماها وسرق منها وفجّرها، إلى من يماطل ويعرقل التحقيقات ويهدد القاضي البيطار".
ريما شقيقة امين زاهد: كل السلطة الفاسدة الموجودة مسؤولة عن #انفجار_مرفأ_بيروت #ليكمل_التحقيق pic.twitter.com/6T4hPm8rQv
— Rita El Jammal (@rita_jammal) September 29, 2021
من جهته، قال شادي، شقيق الضحية محمد دوغان، لـ"العربي الجديد": "دولتي قتلت شقيقي"، مؤكداً أنّ "كل شخص مطلوب إلى التحقيق يجب أن يخضع لقرار القضاء ولا يتمرّد عليه ويتذرع بحصانات أو مسألة الصلاحيات، فمن هو متأكد من براءته ونظافة كفه يمثل أمام القاضي البيطار ويترك التحقيق يأخذ مجراه".
وشدد دوغان على أن "تطيير القاضي البيطار كما حصل مع صوان أمرٌ مرفوضٌ لن نقبل به ولن نسمح بحصوله، ونريد للتحقيق أن يستمرّ حتى ينال كل مسؤول عن التفجير عقابه"، معبّراً عن خشيته من أنه بمجرد "تطيير" المحقق العدلي الثاني فإنّ الملف سيذهب إلى التسييس وسيصار إلى اختيار قاضٍ محسوب على المنظومة السياسية.
وخلال التحرّك حصل إشكالٌ بين مشاركين في التحرّك، منهم منتمون إلى "حزب القوات اللبنانية" برئاسة سمير جعجع، والمحامي رامي عليق، الذي يتهم بأنه ينتمي إلى فريق "الثامن من آذار"، وعملوا على طرده من الساحة، فكان أن تطوّر الوضع إلى حصول تضارب، وسرعان ما تدخلت القوى الأمنية وأهالي الضحايا لفضّه، وعلت أصوات وشعارات تدين "حزب الله" وتصفه بـ"الإرهابي"، كما طاولت أيضاً الرئيس اللبناني ميشال عون.
وتمنى إبراهيم حطيط، المتحدث باسم لجنة أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت، من المشاركين عدم تسييس التحرك "فيجب أن يكون كل اللبنانيين معنا وضمن بوصلة واحدة، هي العدالة والحقيقة، ونحن كعوائل الشهداء نرفض أي اتهامات سياسية من خارج من يتهمهم القضاء، فهذه الإشكالات والحوادث من شأنها إضاعة البوصلة"، مشيراً إلى "أننا لا نريد أن نُقتلَ مرّتَيْن".
بدوره عبّر وليم نون، شقيق الضحية جو نون، عن رفضه الاتهامات التي تساق بحق الأهالي بالانتماء إلى أحزاب سياسية وتنفيذ أجنداتها وبأنهم "تجار دم"، مؤكداً "ولو كنا محزبين في السابق، إلا أننا اجتمعنا منذ لحظة الانفجار على قضية 4 آب، والمسؤول عن التفجير هو من يتهم الأهالي ويهاجم القضاء ويهدده ويتمرّد على القرارات ويذهب إلى العدلية من دون أي صفة لإيصال رسائل تهديد (قاصداً بذلك مسؤول وحدة الارتباط والتواصل في حزب الله وفيق صفا)".
هذا، ونظم محتجون تحركاً أمام منزل النائب نهاد المشنوق في منطقة قريطم ببيروت، مطالبين بسقوط جميع الحصانات ومحاسبة المسؤولين عن مجزرة الرابع من أغسطس/آب.
وغرّد رئيس الجمهورية ميشال عون، صباح الأربعاء، كاتباً "التحقيق ليس القضاء وإذا أخطأ فهناك ثلاث درجات للتصحيح: البداية، الاستئناف والتمييز، لذلك يجب أن يستمرَّ التحقيق كي يُدان المذنب ويُبرّأ البريء".
التحقيق ليس القضاء،
— General Michel Aoun (@General_Aoun) September 29, 2021
وإذا اخطأ فهناك ثلاث درجات للتصحيح: البداية، الاستئناف، التمييز.
لذلك، يجب أن يستمر التحقيق كي يُدان المذنب ويُبرّأ البريء.
وأضاف "إذا كانت المحاكمة العادية تتم على درجتين ودرجة استثنائية، فإنّ قرار المحقق العدلي بالإحالة إلى المجلس العدلي وحكم المجلس لا يقبلان أي طريق من طرق الطعن، ولكن يبقى أن أي إدانة أو تبرئة يحددهما حكم المحكمة المبرم وليس التحقيق".
اذا كانت المحاكمة العادية تتم على درجتين ودرجة استثنائية، فإن قرار المحقق العدلي بالإحالة الى المجلس العدلي وحكم المجلس لا يقبلان أي طريق من طرق الطعن. ولكن يبقى ان أي إدانة أو تبرئة يحددهما حكم المحكمة المبرم وليس التحقيق
— General Michel Aoun (@General_Aoun) September 29, 2021
في حين أكد رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي، من عين التينة، أمس الثلاثاء، بعد لقائه رئيس البرلمان نبيه بري، أنه "لا يجوز تغيير قاضٍ مرّة أخرى"، متمنياً في الوقت نفسه على المحقق العدلي "أن يكون ملتزماً بالدستور"، في موقف وُصِف بالمنحاز إلى ذرائع المدعى عليهم والمسؤولين السياسيين الذين يكيلون الاتهامات للقاضي البيطار بخرق الدستور ومسألة الصلاحيات، ونيتهم إحالة قضيتهم إلى المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء غير المُفعَّل أصلاً.
فرنسا "تأسف" لطريقة وقف تحقيق البيطار
في غضون ذلك، أسفت وزارة الخارجية الفرنسية، في موقف نشرت نصّه السفارة الفرنسية في بيروت، اليوم الأربعاء، "لطريقة وقف التحقيق الذي يتولاه المحقق العدلي القاضي طارق البيطار، والذي يهدف إلى كشف الحقيقة وتحديد المسؤوليات عن الانفجار الذي وقع في الرابع من أغسطس"، مشددة على أنّ "العدالة يجب أن تعمل بشفافية كاملة وخالية من أي تدخل سياسي".
وقالت الخارجية الفرنسية "الأمر متروكٌ للسلطات اللبنانية حتى تسمح باستمرار التحقيق بالموارد المالية والبشرية اللازمة وإلقاء الضوء الكامل على ما حصل في 4 أغسطس بما يتوافق مع التوقعات المشروعة للشعب اللبناني"، مكررة موقف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال لقائه رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي أخيراً بأنّ فرنسا "ستواصل دعم عمل القضاء بشكل مستقلّ وهادئ وحيادي في ما يتعلق بالتحقيقات".