استمع إلى الملخص
- تمتلك مصر اتفاقيات مؤقتة مع اليونان وقبرص لاستغلال الموارد الطبيعية، وتسعى لتعزيز تعاونها مع الاتحاد الأوروبي لمواجهة التوترات المتصاعدة مع تركيا.
- تحركات تركيا تشير إلى رغبتها في مفاوضات حول الحدود البحرية، ومصر قد تلعب دور الوسيط لحل النزاع مع التركيز على تجنب القضايا التاريخية المعقدة.
كشفت معلومات لـ"العربي الجديد" عن أن الإدارة القانونية في وزارة الخارجية المصرية، تعكف بالتعاون مع الشق الدبلوماسي في الوزارة على إعداد دراسة قانونية حول مسألة الحدود البحرية شرقي المتوسط بين تركيا والاتحاد الأوروبي ممثلاً بكل من قبرص واليونان. وكشفت مصادر خاصة لـ"العربي الجديد" أن مسألة تعيين الحدود البحرية شرقي المتوسط كانت من بين البنود الأساسية في "أجندة" اللقاءات المصرية التركية على المستويين الوزاري والرئاسي، والتي جاءت في سياق محاولات إعادة تطبيع العلاقات بين البلدين. ومن خلال هذه اللقاءات، حرصت مصر على الحفاظ على مسافة واحدة من جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك تركيا، لتجنب تعقيد العلاقات، خصوصاً في ظل سعي تركيا لاستقطاب مصر لدعم موقفها في الأزمة مع قبرص واليونان. لكن مصر رفضت ذلك، بحسب المصادر.
أزمة الحدود البحرية شرقي المتوسط
وأعربت تركيا عن رفضها لأنشطة الاتحاد الأوروبي الخاصة بتخطيط الحيز البحري بين تركيا واليونان، في بيان لوزارة الخارجية التركية في 16 نوفمبر/تشرين الثاني الحالي، وأكدت أن تركيا تتابع هذه التطورات عن كثب. وأبلغت الأطراف المعنية بموقفها الرافض، مشددة على تمسكها بحقوقها في بحري إيجة والمتوسط.
تملك مصر اتفاقيات "مؤقتة" مع اليونان وقبرص لتعيين الحدود البحرية بهدف استغلال الموارد الطبيعية
وفي هذا الصدد، أكدت مصادر مصرية لـ"العربي الجديد" أن هذه القضية قد تؤثر على مصر أيضاً، نظراً لمصالحها المشتركة والمتضاربة في شرق المتوسط. فمصر، باعتبارها طرفاً رئيسياً في المنطقة، تملك اتفاقيات "مؤقتة" مع اليونان وقبرص لتعيين الحدود البحرية بهدف استغلال الموارد الطبيعية مثل الغاز والنفط. وأضافت المصادر أن تصاعد التوترات بين تركيا والاتحاد الأوروبي حول الحدود البحرية قد يؤثر على استقرار المنطقة بشكل عام، وعلى المشاريع الاقتصادية المرتبطة بالطاقة. وأشارت المصادر إلى أن هذا التوتر يدفع مصر إلى تعزيز تعاونها مع الاتحاد الأوروبي واليونان لمواجهة أي تهديد محتمل لمصالحها الاقتصادية والبحرية. وفي الوقت نفسه، تعزز مصر دورها الدبلوماسي بصفتها وسيطا للحيلولة دون تصعيد النزاع بما يهدد الاستقرار في المنطقة. وهذا يظهر أهمية تعزيز التعاون المصري مع القوى الإقليمية والدولية لحماية مصالحها، لا سيما في ظل الأزمات المتزايدة في شرق البحر المتوسط.
رغبة تركية في التفاوض؟
في هذا السياق، قال عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، أيمن سلامة، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن مصر اختارت أن تظل اتفاقية تعيين الحدود البحرية مع اليونان "مؤقتة" وغير نهائية، لتجنب أي تشابك مع الحقوق التركية. وأوضح سلامة أن تركيا في عام 2019 أدركت أنها محاصرة من قبل دول شرق المتوسط، على الرغم من امتلاكها أطول سواحل في المنطقة، مضيفاً أن تركيا كانت تواجه تحديات في تنفيذ أنشطة مثل الصيد أو البحث والتنقيب، التي اقتصرت على نطاق ضيق من المياه أمام سواحلها فقط، وفي رد فعل على ذلك، لجأت تركيا إلى الاتفاقية "الشاذة" مع حكومة الوفاق الليبية في نوفمبر/تشرين الثاني 2019، بهدف إنشاء مناطق بحرية تحت اختصاصها شرق المتوسط، وفق قوله.
أيمن سلامة: تحركات تركيا تكشف عن رغبتها في الدخول في مفاوضات مع دول شرق المتوسط الأخرى
وأشار سلامة، وهو أستاذ القانون الدولي العام في مصر، إلى أن تركيا لا تتوانى عن إصدار إنذارات وإخطارات بحرية بشكل دوري لدول المنطقة، بما في ذلك قبرص واليونان ومصر، إلى جانب إجراء مناورات عسكرية. واعتبر أن هذه التحركات تكشف عن رغبة تركيا في الدخول في مفاوضات مع دول شرق المتوسط الأخرى، سواء كانت متقابلة أو متجاورة، بهدف تعيين الحدود البحرية وتعزيز حقوقها في الاستفادة من المناطق الاقتصادية والجرف القاري.
من جهته، أكد السفير المصري السابق لدى تركيا، عبد الرحمن صلاح، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن مصر قد تلعب دور الوساطة في حل النزاع القائم بين تركيا من جهة، وقبرص واليونان من جهة أخرى. وأوضح صلاح أن هناك فرصة لحل الأزمة بعيداً عن القضايا التاريخية المرتبطة بالإمبراطورية العثمانية، التي يصعب حلها. وأشار إلى أن مصر قدمت نموذجاً إيجابياً في هذا السياق، كما حدث في اتفاقية تعيين الحدود البحرية مع اليونان، حيث حرصت على عدم تضمين المناطق القريبة من الشواطئ التركية لتفادي أي تصادم مع المصالح التركية.