عقد البرلمان الجزائري بغرفتيه، المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة، اليوم الاثنين، جلسة استثنائية، بعد استدعائه للانعقاد من قبل الرئيس عبد المجيد تبون، لإلقاء خطاب رئاسي حول حالة البلاد والتطورات الداخلية والخارجية المتعددة الأبعاد، بعدما تقرر أن يصبح هذا الخطاب عرفاً سنوياً، عشية السنة الأخيرة من الولاية الأولى لتبون، مع بدء ترتيبات سياسية تمهيداً للانتخابات الرئاسية المقررة في غضون سنة 2024، حيث يطمح الرئيس تبون لولاية ثانية.
وألمح تبون إلى نيته الترشح لولاية رئاسية ثانية في الانتخابات التي ستجري في غضون العام المقبل. في حين، طالب نواب في البرلمان الجزائري الرئيس تبون خلال خطاب مطول دام ساعتين ونصف، ألقاه اليوم أمام البرلمان بغرفتيه، بالترشح لولاية رئاسية ثانية وهتفت مجموعة كبيرة من النواب من كتل الأحزاب الموالية للسلطة، مطالبة تبون بعهدة رئاسية ثانية، وحظيت هذه المطالبات بتصفيق غالبية الحاضرين اجتماع البرلمان بغرفتيه.
ورد الرئيس تبون على دعوات النواب المطالبين بترشيحه لولاية رئاسية ثانية بتصريح قال فيه: "الكلمة للشعب، وإن شاء الله يعطينا الصحة الكافية". هذا التلميح السياسي أظهر بشكل واضح توجهه للترشح لولاية ثانية في الانتخابات المقبلة. يأتي هذا التلميح في سياق حملة زياراته الداخلية للولايات، حيث قام باستطلاع مشاريع التنمية وخطط الإنعاش الاقتصادي. كما أطلقت الحكومة حملة لتسويق إنجازات تبون في ولايته الأولى، وهذا تزامن مع استعراضه لأسباب ترشحه في البداية عام 2019، "حيث استجاب لنداء الشعب الجزائري لإنقاذ البلاد وعاهد بالعمل من أجل تأسيس جمهورية جديدة".
وفي تقديره لأداء البرلمان، أثنى تبون على أداء النواب والبرلمان، معبراً عن "اعتزازه بنزاهتهم واختيارهم ممثلين للأمة دون تورط في الممارسات المالية الفاسدة". قال: "أشهد لكم بالنزاهة وأنكم أول برلمان لم يُسيء في انتخابه المال الفاسد. أنتم ممثلو الأمة واللبنة الأولى لإعادة بناء المؤسسات في الجزائر الجديدة". يظهر هذا الموقف كاستجابة لموجة الانتقادات التي وجهت للبرلمان وتعبيراً عن استيائه السابق من تقديم النواب والغياب المتكرر عن الجلسات.
وأكد تبون فخره بتواجده أمام نواب البرلمان، مشيراً إلى أهمية اللحظة وتأريخها. وأشار إلى أنه لم يتوجه أي رئيس جمهورية بخطاب أمام البرلمان منذ خطاب الرئيس الراحل هواري بومدين في عام 1977. واستعرض قيمة الحوار في تسيير الشأن العام، وعبر عن ارتباطه بالمصارحة والحوار البنّاء كأدوات رئيسية للتعامل مع القضايا الوطنية.
وأثار عدم توفير النقل المباشر لخطاب الرئيس تبون عبر القنوات الرسمية أو المستقلة انتباه الرأي العام، وهي ظاهرة غير مألوفة. واستدعى الرئيس تبون البرلمان للانعقاد في جلسة مشتركة، وهي المرة الأولى منذ توليه السلطة في ديسمبر/كانون الأول 2019، رداً على مطالب نواب البرلمان الذين طالبوا بتوضيح الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي للبلاد. آخر جلسة استثنائية عُقدت بغرفتي البرلمان كانت في إبريل/نيسان 2016، وذلك لاعتماد تعديلات دستورية اقترحها الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة.
وتنص المادة 150 من الدستور (نوفمبر/تشرين الثاني 2020) على إمكانية رئيس الجمهورية مبادرة إلقاء خطاب أمام البرلمان، وتحدد المادة 138 أن يجتمع البرلمان في دورة غير عادية بمبادرة من رئيس الجمهورية أو بطلب من الوزير الأول أو رئيس الحكومة، أو حسب الحالة، بطلب ثلثي أعضاء المجلس الشعبي الوطني. وتُختتم الجلسة غير العادية بعد استنفاد جدول الأعمال المستدعى له.
وفي إعلان سابق، أعلنت الرئاسة الجزائرية عزم الرئيس تبون إقامة تقليد دستوري يتضمن إلقاء خطاب سنوي أمام البرلمان لتسليط الضوء على الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي للبلاد.
"فلسطين قضيتنا"
خارجياً، تضمن خطاب الرئيس الجزائري تأكيده على تصميم بلاده على دعم القضية الفلسطينية والدفاع عنها رغم الضغوط الدولية، خاصة في ظل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة. وأكد أن الجزائر ستظل وفية لدعم القضية الفلسطينية حتى تحقيق حقوق الشعب الفلسطيني. وأشار إلى تاريخ الدعم الجزائري لفلسطين، حيث شارك جزائريون في المقاومة هناك على مر العقود. رفض العدوان الإسرائيلي وأدان الصمت العالمي إزاءه.
في سياق آخر، أكد الرئيس تبون على رفض الجزائر أن تكون على هامش الأحداث والتطورات في منطقتها. وأعلن أن الجزائر لن تقبل مستقبلاً اتخاذ قرارات تتعلق بجوارها ومنطقتها دون استشارتها، خاصة إذا كانت تهدد أمانها.
وفيما يتعلق بالأزمة مع المغرب، أكد أنه "لا يوجد أي مشكلة مع الشعب المغربي، وأن قضية الصحراء هي قضية أممية وليست مشكلة الجزائر". وأضاف أن الجزائر تدعم الشرعية الدولية في هذا السياق.