- **إجراءات الجيش العراقي**: أكد اللواء الركن حسن السيلاوي جاهزية القوات لإفشال أي مخطط إرهابي، مع أوامر صارمة من وزير الدفاع، ونشر لواء مشاة وأفواج حرس الحدود لتعزيز الأمن.
- **التحديات الأمنية والتنسيق الدولي**: إطلاق "قسد" سراح عناصر داعش يشكل تهديداً خطيراً، مما يستدعي تنسيقاً بين القوات العراقية والكردية وقوات التحالف الدولي، مع خطط لإنشاء جدار صد جديد لتعزيز الأمن.
لليوم الثالث على التوالي، تواصل القوات العراقية حالة التأهب والانتشار الأمني الواسع على طول الحدود العراقية السورية لجهة دير الزور والحسكة، عقب خطوة مليشيا "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، إطلاق سراح المئات من المحتجزين في سجونها، وخشية العراق من تسلل قسم منهم إلى داخل البلاد. وتقع غالبية سجون ومعسكرات "قسد" على مقربة من الحدود مع العراق، ضمن محور نينوى العراقية ومحافظة الحسكة السورية الواقعة تحت سيطرة الجماعة، والتي يواصل العراق رفض التعامل المباشر معها، ويترك التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة بمثابة الوسيط أو الطرف الثالث المُنسّق، غير أن خطوتها الأخيرة بإطلاق سراح المحتجزين ضمن "العفو" الذي أقرته قيادة "قسد"، لم يكن للعراق أي رأي به، وفقاً لمسؤولين في بغداد تحدثوا لـ"العربي الجديد".
ووفقاً لتعليقات وبيانات أصدرتها "قسد"، فقد تم إطلاق سراح أكثر من 1500 شخص، وهو ما دفع الجيش العراقي إلى مزيدٍ من "اليقظة والحذر". واليوم الجمعة، قال قائد الفرقة السابعة في الجيش العراقي، اللواء الركن حسن السيلاوي، إن القوات الأمنية حذرة وجاهزة لإفشال أي مخطط إرهابي محتمل، متوقعاً اعتداء لتنظيم "داعش" ضمن قاطع مسؤوليته، مشدداً، في مقطع فيديو نشره المكتب الإعلامي لوزارة الدفاع، على أنّ "الجيش هو سور البلاد، وبحال أصبح الجيش قوياً فإن كل القوات تصبح أقوى، وبالنتيجة فإن الدولة تصبح أقوى".
وأضاف أنّ "هناك أوامر صارمة من وزير الدفاع واجبة التنفيذ ضمن قاطع مسؤوليتنا، وهو قاطع القائم إلى منطقة الطريفاوي وقطعاتنا تمسك 86 كيلومتراً على طول الشريط الحدودي العراقي السوري، مع وجود تعاون بين القوات الممسكة بالمنطقة وقواتنا"، لافتاً إلى أنه "يجب المحافظة على الجندي ومستلزماته من مأكل ومشرب ومنامة وإجازة، لأننا نتوقع أن يقوم داعش بتعرض بصواريخ الهاون أو الأحزمة الناسفة، وبالتالي فإننا نطالب دائماً بالحيطة والحذر".
وتواصل "العربي الجديد" مع ضابطين من قوات حرس الحدود بين محافظة نينوى والأراضي السورية، أكدا أنّ "القوات العراقية لم تسجل أي حالة تسلل عبر الحدود العراقية، وأن القوات الأمنية يقظة وحذرة وجاهزة لإفشال أي مخطط إرهابي محتمل". وقال أحدهما إن "الحدود العراقية على درجة عالية من الإحكام، ومن الصعب التسلل إلى الأراضي العراقية من الجانب السوري، وهناك كاميرات حرارية ووحدات رصد، بالإضافة إلى الانتشار الكبير للقوات المسلحة، لكن هناك مخاوف حقيقية لدى القيادة العامة للقوات المسلحة من احتمالات أن يشن عناصر من داعش هجمات لإرباك الوضع الأمني".
من جهته، أعلن عضو مجلس محافظة الأنبار سعد غازي المحمدي عن استنفار القوات الأمنية إمكانياتها على الحدود العراقية السورية، موضحاً في تصريحٍ صحافي أن "الاستنفار هو للحيلولة دون تسلل بعض الإرهابيين إلى محافظة الأنبار والقيام بعمليات إرهابية، وأن القوات الامنية اتخذت أقصى درجات الحيطة والحذر خشية تسلل الإرهابيين".
وأصدرت مليشيات "قسد" عفواً عاماً عن جميع السجناء لديها، من ضمنهم أعداد من المنتمين إلى تنظيم داعش، وآخرون متهمون بجرائم غالبيتها تتعلق بالإرهاب. ووفق المعلومات، فإن معظمهم يحملون الجنسية العراقية ممن أُسِروا واستسلموا أو تم استلامهم من قبل الأميركيين. وأعلن رئيس لجنة الأمن والدفاع في مجلس محافظة نينوى محمد الكاكائي أن "غالبية السجناء عرب وأجانب ولا عراقيون بينهم"، مؤكداً في مؤتمر صحافي أن "لا مخاوف على الحدود العراقية السورية في مناطق غربي نينوى بعد إطلاق قسد سراح 1561 سجيناً لديها بعد إصدار العفو العام عنهم، وأنه لا يوجد أي خطر على الوضع الحالي، وهناك عمليات احترازية ووضع كاميرات مراقبة وعمليات استباقية".
من جهته، أشار عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي مهدي تقي إلى أن "القوات العراقية جاهزة لمواجهة أي خرق أمني أو تسلل، ولن تنجح العصابات الإرهابية بالتسلل إلى الأراضي العراقية"، مؤكداً لـ"العربي الجديد"، أن "عملية إطلاق سراح عدد من المعتقلين مع قسد جاءت بشكل مفاجئ، ويبدو أن ذلك حدث ضمن اتفاقات مع الولايات المتحدة الأميركية، وعلى الرغم من كونه تحدياً أمنياً بالنسبة للعراق، لكننا نؤكد أن القوات العراقية بصنوفها كافة قادرة على المواجهة وإحباط أي حالة للعبث بأمن العراق".
وفي سبتمبر/ أيلول الماضي، نشر العراق لواء مشاة إلى جانب عدة أفواج تابعة لقوات حرس الحدود ضمن المنطقة الثانية المحاذية للحدود العراقية السورية، في مناطق تصفها بغداد بأنها "هشة أمنياً" وتمسك بها من الطرف السوري جهات مسلحة مختلفة، أبرزها "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، وفصائل مسلحة موالية لنظام بشار الأسد، وذلك عقب التوتر الأمني شرقي سورية، إثر الاشتباكات التي اندلعت بين العشائر العربية و"قسد".
بدوره، لفت الخبير الأمني أحمد الشريفي إلى أن "إطلاق قسد سراح عناصر داعش من السجون يشكل تهديداً خطيراً للأمن العراقي، وهذا التحدي يمثل حالة توتر خطيرة قد تؤدي إلى مشاكل عراقية وإقليمية ودولية، لكن هناك تنسيقاً كبيراً بين القوات العراقية والكردية لمواجهة أي تحديات أمنية"، موضحاً في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "إطلاق سراح المتهمين بالإرهاب والإرهابيين يشكل حالة تهديد سيادية يجب أن تعالج بوحدة موقف ميداني دون النظر إلى القضايا الإدارية، بما في ذلك التنسيق مع قوات التحالف الدولي والولايات المتحدة".
ويُمثل ملف الحدود العراقية السورية البالغة نحو 620 كيلومتراً أحد أبرز التحديات الأمنية للعراق، وتمتد من محافظة الأنبار، غربي العراق، التي تقابلها بلدة البوكمال من الجهة السورية، وصولاً إلى محافظة نينوى التي تقابلها أيضاً من الجانب السوري محافظة الحسكة. ويقدر عدد القوات العراقية التي تنتشر على طول الحدود بأكثر من 50 ألف جندي، موزعين بين قوات حرس الحدود والجيش والشرطة الاتحادية، إضافة إلى فصائل "الحشد الشعبي". وسبق أن أفاد معاون رئيس أركان الجيش العراقي الفريق قيس المحمداوي بأن قيادة عمليات الجيش العراقي تتجه إلى إنشاء جدار صد جديد على الحدود العراقية السورية من جهة الغرب، وذلك بعد أسابيع قليلة من إعلان السلطات الأمنية في بغداد اكتمال حفر خندق حدودي مع سورية من جهة محافظة نينوى، التي تقابلها منطقتا الحسكة ودير الزور.