أمر رئيس الوزراء الإسرائيلي، نفتالي بينت، شرطة الاحتلال بعدم السماح لزعيم الحركة الكهانية المتطرفة، النائب إيتمار بن غفير، من المشاركة في "مسيرة الأعلام" التي تخطط الجماعات اليهودية لتنظيمها في قلب البلدة القديمة في القدس الشرقية عند الساعة الخامسة من مساء اليوم بالتوقيت المحلي.
ورفع منظمو "مسيرة الأعلام" من تحديهم لحكومة الاحتلال، عندما أعلنوا بعد ظهر اليوم أنهم سيمرون في مسيرتهم الاستفزازية رافعين الأعلام الإسرائيلية من باب العامود، على الرغم من "تفجر" المفاوضات بينهم وبين الشرطة الإسرائيلية. وقالوا إنهم سيمرون من أحياء إسلامية ومناطق مختلفة داخل البلدة القديمة بالقدس المحتلة.
وأعلن بينت قراره اعتماد توصية "جهاز الأمن العام" (الشاباك) والشرطة الإسرائيلية بعدم السماح لبن غفير بالمشاركة في المسيرة، بالاعتماد على بند "الحفاظ على الأمن"، وهو البند الوحيد الذي يسمح بمنع عضو في الكنيست من الوصول إلى موقع ما بموجب الحصانة التي يتمتع بها.
وكان رئيس حكومة الاحتلال السابق، بنيامين نتنياهو، قد منع في مناسبات سابقة أعضاء الكنيست، بمن فيهم النواب العرب، من دخول المسجد الأقصى إلا بإذن منه وبموافقة الشرطة الإسرائيلية.
واتهم بن غفير، رئيس حكومة الاحتلال، بعد صدور القرار، بأنه "أعاد عملياً تقسيم القدس نهائياً"، وهي الاتهامات نفسها التي كان يرددها نتنياهو إبان حكومة إسحاق رابين، خلال المعركة الانتخابية بعد اغتيال رابين، في المنافسة بينه وبين الرئيس الإسرائيلي السابق شمعون بيريس، لتحقيق مكاسب سياسية وانتخابية داخلية، دون أن تكون لها علاقة بواقع ممارسات الحكومة.
وكتب بن غفير على حسابه على "تويتر" إنه لا يتلقى تعليمات من بينت أو بارليف، متهماً الحكومة بالخضوع للضغوط التي مارستها القائمة العربية الموحدة في الكنيست برئاسة منصور عباس.
وأضاف: "رئيس الوزراء بينت قسّم القدس نهائياً، وحسب تعليماته بأنه يحظر رفع أعلام إسرائيل، وبعدما تخلى عن عناصر الشرطة والمواطنين، تحول إلى ديكتاتور يحارب حرية أعضاء الكنيست في التحرك بما يخالف القانون الذي يمنح أعضاء الكنيست حصانة".
وأردف: "في حال عدم التوافق على مسار للمسيرة بين الشرطة ومنظمي المسيرة، فإنني سأصل إلى رأس العامود، دون أن أحصل على إذن بينت أو بارليف أو مجلس الشورى (التابع للقائمة العربية الموحدة) أو حماس"، على حد تعبيره.
وحاول نفتالي بينت الذي تواجه حكومته أزمة سياسية داخلية، ومأزقاً شديداً في مواجهة التصعيد مع تعاظم التحذيرات الأمنية، بالأساس، الادعاء في بيان أن منع بن غفير يأتي ضمن جهود حكومته "عدم السماح لحسابات سياسية ضيقة بتعريض حياة (قوات الأمن الإسرائيلية والمستوطنين على حد سواء) للخطر".
وتابع قائلاً: "لن أسمح للاستفزاز السياسي الذي يمارسه بن غفير بأن يعرض حياة جنود الجيش وضباط الشرطة الإسرائيلية للخطر، وزيادة الأعباء الثقيلة الملقاة على عاتقهم أصلاً"، دون أن يخلو بيانه من الحسابات الداخلية لمحاولة كسب الرأي العام الإسرائيلي عندما أضاف أن جنود جيش الاحتلال والشرطة سيواصلون "مكافحة الإرهاب الفلسطيني بحزم وإصرار".
وحسب البيان، فإن حكومة الاحتلال ستسمح بمسيرة الأعلام في موعدها الطبيعي الذي يصادف الاحتفال "بيوم القدس"، الذي يجري فيه الاحتفاء بنتائج حرب 1967، وتحديداً احتلال المدينة المقدسة.
بموازاة ذلك اتهم مسؤولون عن تنظيم "مسيرة الأعلام" الشرطة الإسرائيلية بالوقوع في "فخ سياسي حفره لها كل من رئيس الحكومة ووزير الأمن الداخلي".
من جهته أقرّ وزير الأمن الداخلي، عومر بارليف، في ختام جلسة تقييم أمني للأوضاع في القدس بأن "الأوضاع شائكة للغاية، ونحن مقبلون على أيام حساسة تتطلب منا التصرف بحزم ومسؤولية وحسن تقدير".
وزعم أن الشرطة الإسرائيلية اتخذت في الأيام الأخيرة "قرارات صحيحة ومدروسة، بالرغم من حالة التأهب العصيب المشدودة للغاية، حيث تواجه حوادث مختلفة تتطلب كل منها طرقاً أخرى من التعامل معها".
ونقل موقع صحيفة "يسرائيل هيوم" عن مصدر أمني إسرائيلي كبير قوله: "في حال مشاركة بن غفير في المسيرة، ووصل إلى باب العامود، فإن هناك احتمال أن تسقط الصواريخ على إسرائيل، وهناك احتمال كبير لأن تندلع حرب حارس الأسوار الثانية (في إشارة إلى الحرب التي اندلعت في مايو/ أيار الماضي في أعقاب إطلاق حركة حماس صواريخ على القدس، رداً على قرار إسرائيل طرد العوائل الفلسطينية من حيّ الشيخ جراح واستفزازات بن غفير).