عبّر المبعوث الأممي الخاص إلى سورية، غير بيدرسون، اليوم الخميس، عن قلقه من عدم اجتماع اللجنة الدستورية السورية في جنيف منذ عشرة أشهر.
وأكد بيدرسون، عبر تقنية الفيديو، خلال إحاطة أمام مجلس الأمن الدولي، أثناء جلسة خاصة بسورية، أنه "يجب على اللجنة الدستورية السورية أن تعود إلى عملها في جنيف بشكل هادف وسريع بروح المصالحة".
وأشار بيدرسون في إحاطته إلى المحادثات رفيعة المستوى التي أجراها في عدد من الدول العربية والأوروبية، بالإضافة إلى الولايات المتحدة الأميركية، مبيناً أن تلك المحادثات ركزت على سبل المضي قدماً في أعقاب الزلزال المأساوي الذي ضرب كل من الشمال السوري وجنوب تركيا الشهر الماضي.
نص احاطة مجلس الامن @GeirOPedersen https://t.co/oDkCLonDz1إحاطات-مجلس-الأمن-نص
— UN Special Envoy for Syria (@UNEnvoySyria) March 23, 2023
ولفت في هذا السياق إلى ضرورة الاستمرار بتوفير الموارد للاستجابة الطارئة للزلازل، مع الاستمرار في دعم الاستجابة الإنسانية الأوسع، في كل من سورية والدول المجاورة، للمعاناة الهائلة الناجمة عن الصراع.
شدد على الحاجة إلى "هدوء مستدام على الأرض"، خاصة في المناطق المتضررة من الزلازل.
الأولوية لملف المعتقلين والمخطوفين
وقال المسؤول الأممي إن "الأسبوع الأول بعد الزلزال شهدت الأوضاع بوادر تهدئة وهدوء نسبي في أعمال العنف. إلا أن ذلك لم يدم". وأشار: "شهدنا ارتفاعاً متزايداً في الحوادث؛ وتبادلا منتظما للقصف وإطلاق الصواريخ عبر الخطوط الأمامية".
وتابع كذلك: "المزيد من الحوادث الأمنية في الجنوب الغربي، هجمات "داعش" ومزيد من الغارات الجوية المنسوبة إلى إسرائيل، بما في ذلك مطار حلب الدولي، مما أدى إلى أضرار مادية وإغلاق المطار وأثر على العمليات الإنسانية".
.@GeirOPedersen The situation today is so unprecedented that it calls for leadership, bold ideas & a cooperative spirit. A political solution is the only way forward for Syria.
— UN Special Envoy for Syria (@UNEnvoySyria) March 23, 2023
وعبر عن قلقه أن تؤدي تلك الحوادث إلى تصعيد أوسع، مشدداً على ضرورة "تجنب هذا الانزلاق بأي ثمن". وقال إنه يعمل مع "أصحاب المصلحة الرئيسيين من أجل تحقيق هدوء مستدام، لا سيما البدء في المناطق المتضررة من الزلزال في شمال غرب سورية".
وأكد بيدرسون أن "هذا موضوع أثرته على نطاق واسع، بما في ذلك في دمشق ومع إيران وتركيا وروسيا والولايات المتحدة وجميع الأعضاء الآخرين في فرقة العمل المعنية بوقف إطلاق النار التي تجتمع في جنيف".
وتحدث بيدرسون عن استمراره بإعطاء الأولوية لملف المعتقلين والمخطوفين والمفقودين، بما في ذلك التواصل مع عائلاتهم.
الوضع الإنساني
من جهته، تحدث المدير المناوب لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة، طارق تلحمي، عن زلازل الـ6 من فبراير/شباط الماضي، وذكر أنه "تم تسجيل أكثر من 56 ألف حالة وفاة حتى الآن، في الوقت الذي يواصل فيه آلاف الناجين البحث عن العلاج من الإصابات الجسدية والصدمات".
وقال: "يقدر البنك الدولي إجمالي الخسائر بنحو 5.2 مليار دولار، مع احتمال أن يكون الإجمالي الفعلي أعلى من ذلك بكثير. تمثل الأضرار التي لحقت بالمباني السكنية ما يقرب من نصف الدمار المقدر، مما يترك ملايين الأشخاص في أوضاع معيشية مؤقتة، غير قادرين أو غير راغبين في العودة إلى ديارهم".
وأشار إلى تفاقم الأوضاع بسبب الأمطار والفيضانات الأخيرة، مما أجبر الكثيرين في المخيمات على الانتقال مرة أخرى إلى مواقع أكثر أمانًا. وذكر أن الأوضاع في سورية قبل الزلزال كانت صعبة للغاية حيث يعاني ملايين السوريين من الفقر والنزوح والحرمان على مدى اثني عشر عاماً من الصراع.
وأشار تلحمي إلى أن "هناك 15.3 مليون شخص في جميع أنحاء سورية، الكثيرون تضرروا خلال الزلزال ولا يملكون إلا القليل لسد احتياجاتهم الأساسية، ويعتمدون على المساعدات الإنسانية لتلبية احتياجاتهم الأساسية".
بدوره، تحدث نائب السفيرة الأميركية للأمم المتحدة، جيفري ديلورينتيس، خلال مداخلته عن دخول الحرب عامها الثالث عشر والخسائر التي خلفتها، من ضمنها مقتل وجرح مئات الآلاف من السوريين، وتسوية بلدان وقرى وأحياء كاملة بالأرض. كما لفت الانتباه إلى "وجود 155 ألف شخص معتقلين ومفقودين، وأكثر من 13 مليون نازح داخلياً أو يعيشون كلاجئين".
وأضاف: "لم يسع نظام الأسد أبدًا بجدية إلى السلام، بل ارتكب فظائع، ارتقى بعضها إلى مستوى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية واختبأ وراء رعاته، روسيا وإيران".
وقال إن "نظام الأسد رفض المشاركة في اجتماعات اللجنة الدستورية خلال الأشهر الثمانية الماضية، بعد تسع جولات من الاجتماعات حضرها، لكنه تصرف بسوء نية، هو دليل واضح على إيمان رئيس النظام بشار الأسد بقدرته على محاربة أو تجويع السوريين وإخضاعهم له".
واستطرد قائلاً: "يجب على الأسد إعادة الانخراط بشكل بناء في العملية السياسية التي تيسرها الأمم المتحدة، والتي تقودها الأطراف السورية بما يتفق مع القرار 2254. هذا هو السبيل الوحيد القابل للتطبيق لإيجاد حل سياسي دائم للصراع". وحذّر "الدول التي تتعامل مع الأسد مؤكداً على تحقيق نتائج بناءة يمكن التحقق منها".
ورفض الدبلوماسي الأميركي الادعاءات بأن العقوبات التي تفرضها بلاده تعيق المساعدات الإنسانية. كما عبر عن دعم بلاده لإنشاء آلية إنسانية دولية تتعلق بالمختفين قسرياً والمحتجزين والمفقودين.
ويذكر في هذا السياق أن الجمعية العامة ستناقش الثلاثاء القادم موضوع تشكيل الآلية التي أوصى بها الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، حول المفقودين والمختفين قسرياً. ومن غير المتوقع أن تصدر أي قرارات عن تلك الجلسة، بحسب ما أكدته المتحدثة الرسمية باسم رئيس الجمعية العامة لمراسلة "العربي الجديد" في نيويورك.
في المقابل، أكد السفير الروسي للأمم المتحدة، فاسيلي نيبنزيا، خلال مداخلته في الجلسة، على ضرورة النظر في الطرق التي تعقد فيها المشاورات الدستورية وعدم ربطها بمكان محدد. كما تطرق للهجمات الإسرائيلية على مطار حلب، والتي أعاقت عمليات المساعدات الإنسانية، بما فيها تلك المتجهة للمناطق المتضررة من الزلزال، بحسب السفير الروسي.
وتحدث عن "احتلال الولايات المتحدة المستمر لمنطقة الفرات في سورية الغنية بالموارد الطبيعية، الذي يتناقض بشكل فاضح مع ما تحاضرنا بشأنه واشنطن والقانون الدولي".
وقال إنها تزيد من تفاقم الأوضاع الإنسانية. وانتقد زيارة رئيس هيئة الأركان المشتركة للقوات المسلحة الأميركية، مارك ميلي، للقاعدة الأميركية في شمال شرق سورية، وقال: "لقد جاء كحاكم، وهو يأتي في انتقاد صارخ لسيادة سورية ووحدة أراضيها".
وقال إن روسيا لم تتمكن من إيصال معدات البناء الثقيلة لسورية من أجل إزالة الحطام في المناطق المتضررة من الزلزال على الرغم مما يتم ادعاؤه من الجانب الأميركي بأن هناك استثناءات إنسانية للعقوبات المفروضة.